تصدير يوريا ومولاس وأسمنت وكلينكر من ميناء دمياط    بلدية رمات غان الإسرائيلية: صواريخ إيران خلفت دمارا لا يمكن تصوره    «كلمني عربي».. أفشة يفاجئ مشجعا أهلاويا في أمريكا قبل مواجهة إنتر ميامي    فيفا يعلن حكام «VAR» لقمة باريس واتلتيكو مدريد    محافظ القليوبية يعلن جاهزية اللجان لاستقبال طلاب الثانوية العامة    إعلان نتائج مسابقة الطلاب المثاليين بكليات جامعة المنيا الأهلية    نائب رئيس جامعة الأزهر يشدد على ضرورة الالتزام بالضوابط واللوائح المنظمة لأعمال الامتحانات    وزير النقل يتابع أعمال تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع الأتوبيس الترددي BRT    والد طفلة البحيرة: استجابة رئيس الوزراء لعلاج ابنتى أعادت لنا الحياة    إزالة 60 حالة تعد على مساحة 37 ألف م2 وتنظيم حملة لإزالة الإشغالات بأسوان    خبير اقتصادي: الدولة المصرية تتعامل بمرونة واستباقية مع أي تطورات جيوسياسية    هيئة الرقابة النووية: لا تغير في المستويات الإشعاعية داخل مصر    إعلام عبرى: توقعات إسرائيلية بهجوم إيرانى على تل أبيب خلال ساعات    ميسي ينتظر الهدف 50 مع إنتر ميامي ضد الأهلي    بريطانيا والسعودية تبحثان تطورات الوضع في الشرق الأوسط    وزير الصحة يعتمد خطة التأمين الإسعافية تزامنًا مع بدء امتحانات الثانوية العامة    جامعة جنوب الوادي تشارك في الملتقى العلمي الثاني لوحدة البرامج المهنية بأسيوط    بعد توصية ميدو.. أزمة في الزمالك بسبب طارق حامد (خاص)    ديمبلي: أطمح للفوز بالكرة الذهبية    «التعليم العالي» تنظم حفل تخرج للوافدين من المركز الثقافي المصري لتعليم اللغة العربية    السجن المؤبد ل5 متهمين بقضية داعش سوهاج وإدراجهم بقوائم الإرهاب    تخفيف عقوبة السجن المشدد ل متهم بالشروع في القتل ب المنيا    «انطلاقًا من المسؤولية الوطنية».. أول تعليق من السياحة على تأجيل افتتاح المتحف الكبير    فايز فرحات: مفاوضات إيران وإسرائيل تواجه أزمة والمواجهة أنهت "حروب الوكالة"    «إيه اليوم الحلو ده؟».. أول تعليق ل يوسف حشيش بعد زفافه على منة القيعي    رئيس الوزراء يتفقد مركز تنمية الأسرة والطفل ب زاوية صقر بالبحيرة (صور)    مسلسل فات الميعاد.. هل تطلب أسماء أبو اليزيد الطلاق من أحمد مجدي بعد سرقته لها    محافظ أسوان: بدء التشغيل التجريبى لبعض أقسام مستشفى السباعية    أهم أخبار الكويت اليوم السبت 14 يونيو 2025    ثقافة الإسماعيلية تنفذ أنشطة متنوعة لتعزيز الوعي البيئي وتنمية مهارات النشء    غدا.. بدء التقديم "لمسابقة الأزهر للسنة النبوية"    فضل صيام أول أيام العام الهجري الجديد    القوات المسلحة تنظم زيارة للملحقين العسكريين إلى عدد من المنشآت.. صور    توقيع بروتوكول تعاون بين جامعة كفر الشيخ وأمانة المراكز الطبية المتخصصة في مجالات الرعاية الصحية والتعليم    وزير الصحة يعتمد خطة التأمين الإسعافية تزامنًا مع بدء امتحانات الثانوية العامة    البنك الدولي" و"شبكة المنافسة الدولية" يمنحان مصر الجائزة الأولى عن سياسات المنافسة لعام 2025    يسرى جبرى يرد على من يقولون إن فريضة الحج تعب ومشقة وزيارة حجارة    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" ومؤسسة "شجرة التوت" يطلقان فعاليات منصة "القدرة على الفن - Artability HUB"    غدا .. انطلاق فعاليات مؤتمر التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص    رئيس الوزراء يتفقد مدرسة رزق درويش الابتدائية بزاوية صقر الطلاب: البرنامج الصيفي مهم جدا لصقل المهارات    القبض على شخص أطلق النيران على زوجتة بسبب رفضها العودة اليه بالمنيا    إجرام واستعلاء.. حزب النور يستنكر الهجمات الإسرائيلية على إيران    إيران تؤكد وقوع أضرار في موقع فوردو النووي    تأجيل محاكمة " أنوسة كوتة" فى قضية سيرك طنطا إلى جلسة يوم 21 من الشهر الحالي    طلب إحاطة يحذر من غش مواد البناء: تهديد لحياة المواطنين والمنشآت    نجاح استئصال جذرى للكلى بالمنظار لمريض يعانى من ورم خبيث بمبرة المحلة    وكيل تعليم الإسماعيلية يجتمع برؤساء لجان الثانوية العامة    ضبط 3 عاطلين وسيدة بتهمة ارتكاب جرائم سرقات في القاهرة    بسبب الضربات الجوية.. تقارير: مهدي طارمي غير قادر على الالتحاق ببعثة إنتر في كأس العالم للأندية    صحة غزة: 90 شهيدا و605 إصابات جراء العدوان آخر 48 ساعة    ليلى عبد المجيد تحصد جائزة "أطوار بهجت" للصحافة كأفضل إعلامية عربية    الطبيب الألماني يخطر أحمد حمدي بهذا الأمر    على غرار ياسين.. والدة طفل تتهم مدرب كاراتيه بهتك عرض نجلها بالفيوم    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    شاهد.. بيكهام يظهر فى تدريبات إنتر ميامى قبل مواجهة الأهلى مونديال الأندية    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معتمر أمين يكتب: الأصل...
نشر في الدستور الأصلي يوم 28 - 10 - 2011

فى الماضى كانت كلمة اصول تستخدم فى التعبير الأقتصادى لتشير الى اصول عينية مثل الأرض (زراعية او مبانى)، العقارات، المعادن النفيسة (الذهب والفضة) و الأموال السائلة الخ.. ثم طرء تغيير على النظريات الأقتصادية واصبحت كلمة الأصول تشير الى الأسهم والسندات والمعادن والعملات. قارن الفارق بين نوعية الأصول. فى تعريف الحزمة الأول كان الأقتصاد العيني هو سيد الموقف ثم تحول العالم الى الأقتصاد الورقى واقتصاد الخدمات.
طبعا الحاكية من الممكن جدا شرحها بطريقة فنية اقتصادية بحتة لكن زاوية المقال الرئيسية منصبة فى الأساس على اسباب التغير وآثاره. فى البداية، يجب التعريف بأن الفرق بين الأقتصاد العيني هو الأقتصاد الحقيقى المعنى بالأنتاج السلعى وهو فى الأساس مبنى على الدفع الفورى او التقسيط. فى كل الأحوال، اى متعامل مع الأقتصاد العيني، مرتبط اساسا بالمكان الذى يعمل به لأن اصوله لا يمكن تحويلها الى سيولة فى وقت قصير الا اذا فقدت الكثير جدا من قيمتها (تخيل انك مزنوق فى قرشين ومجبران تبيع قطعة ارض او حتى عربية، كم من الخسارة ستكلفك الحاجة الى المال الفورى؟)
اما الأقتصاد الورقى فهو مبنى على تأجيل الأنتفاع بالأموال الى وقتا لاحق. فأنت تشترى الأسهم او السندات او المعادن او العملة (او حتى المشتقات) لأنك تراهن على نتيجة اعمال الشركة او ارتفاع سعر المعادن فى المستقبل او ارتفاع قيمة العملة وبالتالى يعود عليك بالربح الوفير وذلك يحقق لك عائد اكبر. بمعنى آخر انت تؤجل الأنتفاع بالأموال الآن وتستثمرها فى اصول ورقية على امل ان يرتفع سعرها لاحقا فتعود عليك بالنفع اكثر من ان تنفق الأموال فورا. لاحظ ان فى حالة الأقتصاد الورقى انت لست مرتبط بأى شيئ او اى مكان وتستطيع ان تسيل اموالك فى لحظات وتحولها للخارج وكل شيئ يدار عبر شاشة الكومبيوتر.
كيف تحول الأقتصاد العينيى الى الورقى فى غفلة من الزمن وكيف تسرب الينا ذلك الجموح الهائل لأمتلاك ثروات طائلة؟ كيف تحول الأنسان من انتاج ما يحتاجه وما يرفه به عن نفسه الى انتاج ما لا لزوم له؟ كيف اصبح الهدف من اي تكنولوجيا هو زيادة الأنتاج حتى ان لم يكن ضرورى، وان لم يكن هناك مشترى تتجه العملية الأقتصادية الى صناعة المشترى وكأن الأنسان تحول الى منتج هو الأخر. هل فكرت عزيزى القارئ انك عندما تدخل الى الهيبر ماركت فأنت كمن يدخل الى خط انتاج، وانك الماكينة التى تعمل به وتقوم بتجميع الأجزاء الى ان تصبح جاهزة ثم تذهب الى نقطة الدفع (الفحص) ثم تعود الى بيتك لتكتشف انك اشتريت اشيئا كثير بدون داعى! لا اريد ان تصبح الصورة قاتمة لاكنى اعطيك مثال آخر! تخيل ان الشارع به 50 سيارة تقل اصحابها من منزلهم الى أماكن العمل، ثم تخيل ان هناك اتوبيس واحد يقل نفس العدد، يا ترى اى شارع افضى واى شارع اكثر تلوث سمعى وبيئى وبصرى؟ كل هذا لم يحدث مصادفة ولكن هناك من حول التسويق والمبيعات الى صناعات من الطراز الثقيل (ولا بأس بهذا) ولكن الأمر تفاقم حتى اصبح الناس تنتج ما لا يستحق والهدف كل عام هو الزيادة عن العام الذى قبله دون ان نتوقف ونسأل هل نحن بحاجة الى كل هذا الأنتاج؟ لاحظ ان العالم ينتج غذاء يكفى ل12 مليار شخص وبه 6 مليار شخص ومع هذا هناك مليار شخص جائع!
فى بداية القرن كانت الصين تشترى كميات هائلة من الحديد من اجل تحديث بنية العاصمة لتستعد لأولمبياد بكين. تنبه اهل الأقتصاد الورقى والعيني ان المعروض من الحديد لا يرقى لمستوى الطلب العالمى. فبادروا بأنشاء مصانع للحديد وشراء اسهم شركات الحديد لمعرفتهم ان العرض اقل من الطلب والفجوة يمكن ان لا تلتئم بسهولة. استثمروا اموالهم فى هذا المجال وقت الرخص وحصدوا جوائز لا بأس بها عندما ضرب التضخم اسواق الحديد. فى مصر التجأ البعض الى التحايل للأستيلاء على شركات الحديد بما يضمن لهم الربحية والأحتكار.
مثال اخر من جنوب شرق اسيا ايضا. جورج ساورس، المضارب الأشهر، حصد جوائز لا حصر لها من النمور الأسياوية عن طريق الأقتصاد الورقى فقط. لقد أدرك الرجل عن طريق التحليلات الأقتصادية ان قيمة العملات الأسياوية ترتفع بصورة مبالغ فيها ولن تستطيع تلك الدولة (تايلاند مثلا) ان تحافظ على قيمة عملاتها مرتفعه الى وقت طويل. فما كان منه الا ان حول اموال طائلة الى اسواق العملات والأسهم الأسياوية حتى ايقن ان قيم العملات وصلت الى اعلى مستوياتها، فقام بالبيع الفورى (تحويل العملات الى الدولار الذى كان فى اقل مستياته) وحصد ارباح طائلة من جراء مضارباته (عدة مليارات من الدولارات) فى وقت قياسي. بسبب ضغط مبيعاته ارتبكت اسواق المال للنمور الأسياوية وبدأت مرحلة الهبوط. سوراس فعل نفس الشيء فى انجلترا عندما ايقن ان هناك فجوة بين قيمة الجنية الأسترليني والمارك الألمانى (وقتها) وحصد من تلك الفجوة حوالى مليار دولار فى اشهر معدودة.
لب الموضوع ان الأقتصاد العينيى كان هو سيد الموقف ولم تكن الأصول الورقية او العملات ذات اهمية كبرى كما هو الحال الآن. لكن بعد انهيار الأتحاد السوفيتيى ظن العالم الرأسمالى ان المستقبل له بدون اى محاذير فبادر بعمل عدة اشياء. اولا انتقلت الحرب الباردة (التى كانت ساخنة فى منطقتنا دون العالم) الى الحرب على الأسلام. هذه الحرب أخذت منحى معروف فى الحرب على الأرهاب ومنحى اخر غير مشهور بين الناس وهو ضرب الدين عن طريق الأسواق. بأيجاز شديد: هل تنفق اكثر فى رمضان ام اقل؟ ولماذا تحول شهر الصوم الى شهر الأنفاق؟ هناك من يحاول ان يحول الدين الى سوق. حتى فى الغرب! تحول الكريسماس الى مهرجان للتسوق.. اين هذا من المسيح عليه السلام الذى كان يقول الأرض فراشى والسماء لحافى وانا اغنى الأغنياء! او قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى قال "نحن قوما لا نأكل حتى نجوع واذا أكلنا لا نشبع" (اى لا نأكل حتى نمتلئ)
الأمر الثانى الذى حدث بعد انهيار الأتحاد السوفيتيى ان ظن الغرب واهما انه سيطر بنظرياته وقوانينه على العالم، ففصل الملكية عن الأنتاج حتى تحولت الملكية الى الغرب والأنتاج الى الشرق. ومن ثم اصبحت اسواق الأصول الورقية ذات اهمية قصوى لتسهيل عملية التمويل اللازم للانتاج فى اي مكان يختاره الغرب (راجع لماذا اصبحت سنغافورة دولة مهم على الخريطة المالية على مستوى اسيا كلها). صدق (بتشديد الدال) الغرب انه اصبح مسيطر تماما وان امريكا هى الدولة العظمى الوحيدة المتبقية فانفتحت شهية الغرب للتطور السريع ومن هنا بدأت الأستدانة بدون وعي من اجل الأزدهار السريع وحصد جوائز الأنفراد بقيادت العالم. ثم استفاق الغرب الى ان الشرق يصعد وان ديون الغرب تتفاقم بطريقة مقلقة للغاية (المشروع الأمبراطورى اصبح ينفق اكثر مما يجلب) حتى ان محصلت ديون كل دولة فى الغرب تساوى انتاج الدولة لمدة عام (تخيل نفسك مديون بدخل سنة كاملة،وكأنك تعمل للغير بدن اجر لمدة سنة لتسدد ما عليك بدون اكل او شرب او اى شيئ).
الديون فى النظام المالى العالمى تحولت هى الأخرى الى اصل جاء ليبقى ولم يأتى ليصفى له علم لأدارته وليس قيد يجب أزالته (المال اصبح سلعة، راجع برنامج رونالد ريجن الأقتصادى ونظريات ملتون فريدمان ومدرسة شيكاغو للأقتصاد. للعلم 8 من الحائزين على نوبل منذ انهيار الأتحاد السوفيتي من تلك المدرسة! فهل نوبل محايدة هى الأخرى؟). النظريات فى الغرب تقول "لابأس من الديون طالما هى موجهه الى الأنتاج وليس الأستهلاك" (هل نستطيع ان نقول نفس الشيئ عن ديون مصر؟) الباعث على الأطمئنان (نوعا ما) فى الغرب ان هذه الديون بالدولار وكذلك احتياطيات النقد فى معظم بلدان العالم (خاصة الدائنين، كالصين والسعودية) بالدولار. لكن اين تستثمر تلك الأحتياطيات؟ فى امريكا! بمعنى آخر، امريكا تطبع الدولار وتشترى به من العالم ثم تقترض من العالم (بالدولار) لتصرف على العجز فى ميزانها التجارى (استيراد اكبر من التصدير) ثم تتكدس الأموال فى خزائن المصدرين الى امريكا (اذا كان الصادر الى امريكا اكبر من الوارد منها كمثال الصين والسعودية) ثم ماذا تفعل تلك الدول بالدولار المكدس؟ تستثمره فى امريكا مرة اخرى! وكذلك الأحتياطي المصرى يستثمر اكثر من نصفه فى امريكا..
كلمة اخيره... نحن نفكر فى الأقتصاد بطريقة من يملك اكثر ينعم اكثر ونسينا شيئا! انت لا تعرف ان كانت الأصول التى لديك ستنفعك ام ستضرك (راجع ملف طره لاند). وقديما قال المتنبي "من ينفق الساعات فى جمع ماله ... مخافة الفقر فالذى فعل الفقر".الأستمتاع بالحياة هو الأصل ولن تستمتع بحياتك الا اذا قضيت وقتا مع من تحب!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.