في الوقت الذي تستعد فيه محافظة الإسكندرية بكل أجهزتها للاحتفال باختيارها عاصمة للسياحة العربية لاتزال مستشفيات المحافظة تستقبل كل يوم ضحايا جدداً لانهيارات العقار التي أصبحت ظاهرة في تلك المحافظة. يفاجأ الأهالي كل يوم تقريباً بحدوث انهيارات وتصدعات والمحصلة ضحايا ومصابون أسفل الأنقاض ولا حياة لمن تنادي. المناطق العشوائية والفقيرة كان لها النصيب الأكبر والحظ الأوفر في الانهيارات والتصدعات وسط صمت المسئولين الذين يكتفون بالحضور وقت الكارثة وإرسال التعازي والملاليم لأهالي الضحايا، ولم يتخذ أي منهم أية قرارات جادة لإنقاذ مئات الأهالي الذين سيأتي عليهم الدور، وهو ما يجعل هؤلاء الأبرياء يعيشون في خوف وفزع ورعب من شبح الموت الذي يهدد حياتهم في كل لحظة. بالأمس القريب انهار العقار رقم 14 بشارع عثمان باشا نجيب والمتفرع من شارع راغب بمنطقة كرموز، وراح ضحيته ثلاثة أفراد وأصيب أربعة آخرون.. ولم يكن هذا الحادث هو الأول في المنطقة فعندما انتقلت «الدستور» إليها تبين أن منازل المنطقة بالكامل والتي يسكنها آلاف الأسر معرضة للانهيار في أية لحظة والأهالي مضطرة للإقامة والبقاء لعدم وجود البديل بعد الارتفاع المفاجئ في أسعار الشقق والعقارات. وفي منطقة كرموز أيضاً لقي شخصان مصرعهما أسفل أنقاض عقار قديم انهار فوق رأسيهما وأصيب ساكن ثالث بالعقار بكسور وكدمات بمختلف أنحاء الجسم وكان هذا العقار في شارع جامع سلطان ملك أحمد حسن العسال ومكون من ثلاثة طوابق مبنية علي حوائط حاملة، وتبين أن سبب الانهيار سقوط سقف حجرتين بالطابق الثالث فوق سقف الطابق الثاني بالإضافة إلي انهيار سلم العقار حتي سطح الأرض وأسفر الحادث عن وفاة فتحي محمد عثمان 23 سنة ونعمة حسن السيد وإصابة إبراهيم رجب متولي، وأشار مهندسو حي غرب إلي ضرورة إخلاء العقارات المجاورة لهذا العقار دون المنقولات، خوفاً من انهيارات جديدة بها وخوفاً علي سلامة الأرواح لحين العرض علي اللجنة المختصة. وفي منطقة مينا البصل انهار جزء من العقار رقم 9 نجع العرب إثر سقوط جزء من أرضية الشقة الكائنة بالعقار والمكون من خمسة طوابق ومشغول بالسكان وأدي الانيهار لسقوط جزء من شرفة الشقة الكائنة بالطابق الثالث مسكن عزة عبدالفتاح البرعي 40 سنة وأسفر الحادث عن إصابتها بكدمات بالذراع اليمني وجرح قطعي بالوجه. وفي منطقة العطارين لقيت نعمة علي أحمد موسي مصرعها إثر نشوب حريق بشقتها بالعقار القديم رقم 14 شارع سيدي محرز، والتهمت النيران سقف شقتها الخشبية مما أدي لسقوطها عليها ووفاتها أسفل الأنقاض. أما عمارة شارع النبي دانيال المائلة فأصبحت مثار جدل وخوف بالشارع الذي يكتظ بالأهالي ليلاً ونهاراً، وبالرغم من ميل العقار المكون من تسعة طوابق فإن الأمر مازال مرهوناً بصدور قرار الإزالة، ويتوقع حدوث مفاجأة وانهيار كامل للعقار الملاصق لمسجد النبي دانيال مما جعل المسئولين بالمحافظة يصدرون قراراً بإخلاء السكان وغلق المحال بالدور الأرضي ووضع حواجز حديدية علي مداخل الشارع من الجانبين تحسباً لوقوع انهيار مفاجئ. حصلت الدستور علي مستندات خطيرة تؤكد تباطؤ المسئولين عن تنفيذ القرارات التي تصدر، والاكتفاء بوضعها داخل الأدراج، وبرج سكني النبي دانيال خير دليل علي ذلك.. وكان من ضمن هذه المستندات حسب المذكرة المرسلة من حي وسط الإسكندرية للعرض علي المحافظ والتي وقعها اللواء أمير عباس رئيس حي وسط السابق ومن مهندس الإدارة الهندسية والتي تفيد أنه بالمعاينة علي الطبيعة لمسجد النبي دانيال الملاصق للبرج المائل تبين وجود هبوط في أرضية الميضة الموجودة علي يسار مدخل المسجد مع هبوط في وحدات المياه الخاصة بالسيدات بالإضافة إلي وجود تصدعات عرضية بالحوائط في دورات المياه للسيدات والرجال، وكذلك تلف بمواسير الصرف الصحي، وأشارت المذكرة إلي أنه تم انتداب لجنة لمعاينة الميضة ودورات المياه الملاصقة للعقار المائل بتاريخ 22/8/2007 والتي أعدت بدورها تقريراً بنتيجة المعاينة التي انتهت إلي ضرورة ترميم الميضة ترميماً شاملاً مع حقن التربة أسفل المبني الذي مال بشدة الآن وأصبح خطراً يهدد آلاف المواطنين. كما حصلت «الدستور» علي تقرير حكومي عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، وأكد أن هناك 48 منطقة عشوائية بالمحافظة تفتقر إلي الخدمات والمرافق وهي أكثر المناطق التي يحدث بها انهيارات وتصدعات في المنازل والمباني التي يقطنها مئات الآلاف من الأسر البسيطة. ولم ينس الأهالي بمدينة الثغر الهادئة عمارة لوران والتي راح ضحيتها العشرات أو عمارة فلمنج التي لقي 22 شخصاً مصرعهم أسفل أنقاضها وأصيب 23 آخرون. مسئول كبير بالمحافظة قرر أن الإسكندرية تكتظ بالمباني والمنازل الآيلة للسقوط وحسب تقريره فهناك حوالي 6 آلاف ونصف عقار آيلة للسقوط. وأشار إلي أن هناك 25 ألف قرار إزالة حبيس الأدراج لم تخرج إلي حيز التنفيذ لعدم توافر الأجهزة الفنية اللازمة والمبالغ المطلوبة لتنفيذها.