قومى المرأة يدعو الفتيات للإبلاغ عن الابتزاز الإلكتروني: عقوبته الحبس و300 ألف جنيه غرامة    «رحلات المهندسين» تختتم أعمالها بحفل تكريم ونجاحات بالأرقام وخدمات بشفافية كاملة    "الإسكان" تناقش استراتيجية التنقل النشط بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ومعهد سياسات النقل والتنمية    بروتوكول تعاون لتنفيذ 10 مشروعات لتطوير منظومة التحول الرقمي بالنيابة العامة    (سانا): قتلى وجرحي بقوات الأمن السورية والأمريكية نتيجة هجوم مسلح قرب تدمر    برشلونة يحسم مواجهة أوساسونا بثنائية رافينيا ويعزز صدارته لليجا    شاهد| فرحة بطل تركيا بالفوز في مباراة الحسم بمونديال أخبار اليوم للبليارد الفرنسي    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم بالوادي الجديد وغلق محور تنيدة – منفلوط    الأرصاد يُحذر من منخفض جوي يضرب البلاد غدًا وأمطار متوقعة بهذه المناطق    المتسابق محمد سامى محفوظ يستكمل مسابقة دولة التلاوة وعمر ناصر يغادرها    مارك جمال في معرض جدة للكتاب 2025: الترجمة جسر العبور بين الثقافات    "أكثر شراسة".. خبر صادم من "المصل واللقاح" بشأن الأنفلونزا الموسم الحالي    النيابة تُجري معاينة تصويرية لإلقاء جثة طفلة داخل عقار بشبرا الخيمة| فيديو    وزير الرياضة يشهد اليوم السبت ختام بطولة الأندية لكرة القدم الإلكترونية    التعليم تكشف آلية تفعيل قرارات منع التجاوزات بالمدارس الخاصة والدولية    صاحب الصوت الشجي.. تكريم الشيخ حمدي محمود الزامل في برنامج "دولة التلاوة"    المتسابق عمر ناصر: مسابقة دولة التلاوة طاقة أمل للمواهب علشان تتشاف    مصر تدعو إلى التهدئة والالتزام بمسار السلام في جمهورية الكونجو الديمقراطية    متحورات جديدة.. أم «نزلة برد»؟! |الفيروسات حيرت الناس.. والأطباء ينصحون بتجنب المضادات الحيوية    الرئيس الإندونيسي يؤكد توصيل مياه الشرب وإصلاح البنية التحتية لسكان المناطق المنكوبة بالفيضانات    ريهام أبو الحسن تحذر: غزة تواجه "كارثة إنسانية ممنهجة".. والمجتمع الدولي شريك بالصمت    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح المفاوضات    ضبط 5370 عبوة أدوية بحوزة أحد الأشخاص بالإسكندرية    كثافات مرورية بسبب كسر ماسورة فى طريق الواحات الصحراوى    توافق مصرى فرنسى على ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة تؤدى إلى إقامة الدولة الفلسطينية    منال عوض: المحميات المصرية تمتلك مقومات فريدة لجذب السياحة البيئية    رئيس مجلس القضاء الأعلى يضع حجر أساس مسجد شهداء القضاة بالتجمع السادس    شعبة الدواجن: المنتجون يتعرضون لخسائر فادحة بسبب البيع بأقل من التكلفة    الشناوي: محمد هنيدي فنان موهوب بالفطرة.. وهذا هو التحدي الذي يواجهه    "فلسطين 36" يفتتح أيام قرطاج السينمائية اليوم    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    ريال مدريد يجهز خيار الطوارئ.. أربيلوا الأقرب لخلافة تشابي ألونسو    جهاز تنمية المشروعات ومنتدى الخمسين يوقعان بروتوكول تعاون لنشر فكر العمل الحر وريادة الأعمال    نوال مصطفى تكتب: صباح الأحد    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح أي مفاوضات    مكتبة الإسكندرية تستضيف "الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر"    قائمة ريال مدريد - بدون أظهرة.. وعودة هاوسن لمواجهة ألافيس    مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدنى فى هجوم تدمر السورية    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    نائب محافظ الأقصر يزور أسرة مصابي وضحايا انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة.. صور    إعلام عبرى: اغتيال رائد سعد جرى بموافقة مباشرة من نتنياهو دون إطلاع واشنطن    موعد صرف معاشات يناير 2026 بعد زيادة يوليو.. وخطوات الاستعلام والقيمة الجديدة    لاعب بيراميدز يكشف ما أضافه يورتشيتش للفريق    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    بدء الصمت الانتخابي غدا فى 55 دائرة انتخابية من المرحلة الثانية لانتخابات النواب    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    استعدادات مكثفة بمستشفى أبو النمرس تمهيداً لافتتاحه    وصفة الزبادي المنزلي بالنكهات الشتوية، بديل صحي للحلويات    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    إخلاء سبيل والدة المتهم بالاعتداء على معلم ب"مقص" في الإسماعيلية    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    القضاء الإداري يؤجل دعوى الإفراج عن هدير عبد الرازق وفق العفو الرئاسي إلى 28 مارس    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم عيسى يكتب: الوعي المفقود.. والمفتقد!
نشر في الدستور الأصلي يوم 02 - 10 - 2011

لو كانت الأمور طيبة فى مصر ما قامت الثورة، ولو لم يكن الناس فى منتهى السوء ما انفجروا بالثورة، عندما يكون المجتمع فى تعليمه وثقافته ووعيه وعلاقاته جيدا رفيع المستوى متحققا فمن المستحيل أن تقوم ثورة، هى تقوم عندما يكون المجتمع زفتا والناس وصلت إلى درجة سيئة فى جوهرها ومظهرها!
لذلك غضب المصريون من أنفسهم فثاروا على مبارك، غضبوا من استسلامهم للطغيان والإهانة فثاروا. الثورة تعبير بالتأكيد عن الغضب وليست تعبيرا بالضرورة عن الوعى!
لهذا عندما تخلى مبارك عن الحكم مهزوما متنحيا استمر غضب المصريين وانكشف غياب الوعى.
ظهر أن التعليم منحط بدليل أنه لم يُخرِج لنا العقلية النقدية القادرة على تفرقة الصحيح من المكسور، الطيب من الخبيث، بل أنتج لنا شعبا بعقلية لا تميز ولا تفرز الشائعات وتصدق بمنتهى السهولة الأكاذيب وتردد الترهات وتتعصب وتتطرف وتكفّر وتخوّن. ظهر أن الثقافة محدودة، ولعلها منعدمة، فلا إدراك للتاريخ السابق ولا تعلم من الماضى ولا دراية بالواقع ولا مكتسبات من العصر، ظهر أن الوعى مفقود (ومفتقَد)، فصار الجميع مشوشا ومرتبكا وحائرا ومكتئبا، كذلك ظهر أن الناس جهلة بالسياسة من كبيرهم إلى صغيرهم يتصرف بالفطرة والغريزة ويتناقض ويتهافت. وجدنا علاقاتنا فى منتهى الهشاشة والتكاذب والتقلب فتصدرت العدوانية ونهش السمعة والتجريح والتشبيح وسادت البذاءة كل ساحة حتى ساحات المتدينين والثوار.. الإعلاميين والسياسيين!
تفجرت الثورة لأننا مجتمع غير سوىّ، فكان لا بد له أن يغضب من وضعه ومن نفسه، والحقيقة أننا كنا فى الثمانية عشر يوما خلال الثورة -مع بعض السقطات- فى منتهى العظمة والرقى والرفعة والسموق وما يليق بجينات الشعب وتاريخه الذى علّم الإنسانية معنى الحضارة، ثم مع اليوم التاسع عشر انكشفنا وسارت مصر كلها عكس الاتجاه فى الشوارع وفى السياسة وفى العلاقات الاجتماعية وحتى فى العواطف!
المجلس العسكرى ليس بعيدا عن كل هذا، فهو معنا منذ ثلاثين عاما، ولهذا فهو فشل فى إدارة المرحلة الانتقالية سياسيا، ولا يزال يفشل، وكل ما أتمناه أن يدرك فقط أنه فشل فى السياسة!
صحيح أن الجنرالات ليسوا رجال سياسة بل رجال معارك وحروب، لكنهم مصممون على إدارة سياسة البلد، كان يمكن لهم أن يتركوا السياسة للسياسيين ويكتفوا بالمراقبة والمتابعة والضبط والحماية وسرعة التدخل، لكنهم فضلوا أن يقودوا بأنفسهم، وأكيد أنهم نجحوا فى دوائر كثيرة فى إنقاذ البلد من مصائب وكوارث نعرف بعضها ولا نعرف الأخرى، وأكيد أنهم وطنيون مخلصون محبون للبلد، لكن هذا على عظمته لا يعنى أبدا أن لديك وعيا سياسيا!
مشكلة المجلس العسكرى هى أنه مجلس جنرالات لا يجيد السياسة، وفخور بذلك، ثم يقرر أن يحكم سياسة البلد!
هذا هو التناقض الأول: تعترف أنك لا تعرف السياسة ولا تجيدها، ثم تصمم على ممارستها.
التناقض الثانى أنه يحمى الثورة كما يقول، ثم يديرها بالقانون، الثورة تغيير جذرى شامل حقيقى، بينما القانون قواعد وأسس وأصول جامدة ثابتة بطيئة (بالمناسبة القانون حاجة والعدل حاجة تانية، فكم من القوانين ظالمة فاسدة فى أصل وشها).
التناقض الثالث أنه يتعامل مع القوى السياسية ولا يثق بها إطلاقا، ربما لطبيعة نفور الرجل العسكرى من السياسة والتواءاتها ومنحنياتها، وربما لأن المجلس العسكرى تحت ضغط دعاية النظام السابق وأجهزته التى لوثت السياسيين، لكن المؤكد أنه يرتاب فيهم، ولذلك فهو ينصت إلى الفئة التى يثق بها أكثر وهى الموظفون، وللأسف فالثقة كبيرة جدا، تلك التى يوليها المجلس لموظفى المحكمة الدستورية من مستشارين عيّنهم مبارك طبقا لولائهم وملفاتهم فى جهاز أمن الدولة، ثم الأكثر أهمية هنا هو ثقة المشير طنطاوى شخصيا فى اللواء ممدوح شاهين المسؤول عن الملف القانونى فى المجلس، والحقيقة أن اللواء شاهين قد يكون أفضل خبير فى القوانين العسكرية فى الوجود الإنسانى، لكن بالقطع لا خبرة له بالقوانين الخاصة بالحياة السياسية، حتى إنه لا يتمتع طول الوقت بتماسك الحجة وقوة الإقناع فى ما يخص أى قانون تبناه مع مخلصيه من المحكمة الدستورية!
المشكلة أن المشير طنطاوى يعتمد على اللواء شاهين ويصدق قوانينه، رغم أن مصر كلها ترفضها، ورغم أنه لا يوجد سياسى واحد معتبر فى بلدنا راضٍ عن سطر كتبه اللواء شاهين فى قوانينه، فلماذا لا يكلف المشير طنطاوى أحدا آخر وليس لواءً أصلا بهذا الملف، ما دامت قوانين اللواء شاهين لم تجلب عليه وعلى مصر كلها إلا الوش والارتباك والمتاهات ووجع الدماغ!
أخشى أن يظل المجلس العسكرى متمسكا بمنهجه الخاطئ فى التعامل كالموظفين مع ثورة، والاعتماد على مستشارين محل ثقة بصفتهم الوظيفية وأدبهم الجمّ وعينهم التى لا يرفعونها أمام أى لواء، بينما البلد كل يوم يغلى، حتى إننا ظننا أن الانتخابات البرلمانية سوف تبدأ صفحة جديدة ينتهى بها حكم المرحلة الانتقالية بهذه الطريقة العسكرية، لكن قوانين اللواء شاهين بثقة المشير طنطاوى به وبها، كان لها رأى آخر...!
هذا كله لا يساعدنا إطلاقا فى الخروج من النفق، بل فى الحقيقة سيردم علينا داخل النفق.. والمشكلة أنه نفق صرف صحى!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.