من أكثر الأمراض شيوعا فى البيئة غير النظيفة ؛ الإصابة بالدمامل ، وهى نوعان ؛ الحاد والمزمن ، أما النوع الحاد فعلاجه قد يكون بفتحه وتنظيف مكانه ، وتنتهى المسألة بتناول بعض الأدوية حسب مكان الإصابة ، أما الدمل المزمن ؛ فقد يكون علاجه فى منتهى الصعوبة ، وقد يؤدى إلى الوفاة لأضراره الجانبية الشديدة ، وقانا الله وإياكم شر الدمامل وغيرها من الأمراض . والدمامل التى أتحدث عنها هى من النوع المزمن المستعصى على العلاج ، وذلك برغم مرور عشرات ؛ بل مئات السنين على الإصابة بها ، هذه هى دمامل الحدود التى أصيب بها جسد الوطن العربى، إليكم بعضا منها: - إعتبرت مفوضية الانتخابات السودانية مثلث حلايب (على الحدود المصرية السودانية) دائرة انتخابية سودانية. - الجيش السعودى يقصف منطقة جبل الدخان وما حولها على الحدود السعودية اليمنية ، لضرب شيعة اليمن والقضاء على نفوذ الحوثيين . - الخلافات على الحدود بين الإمارات والسعودية ستحل بطريقة ودية بين (الأشقاء). - فى السودان انفصل الجنوب عن الشمال، بينما إقليم دارفور ينتظر نفس المصير . - الجمهورية العربية الصحراوية التى تأسست عام 1976 فى الجزائر (الشقيقة) تعد جبهة البوليساريو لانفصالها عن المملكة المغربية (الشقيقة) أيضا . - الحدود بين المغرب والجزائر (الشقيقتين) مغلقة منذ أكثر من سبعة عشر عاما . - الخلاف بين قطر والبحرين (الشقيقتين) منذ عام 1939 على ملكية جزر حوار وجنان وقطاع زبارة ، فصلت فيه محكمة العدل الدولية عام 2001. - اعتبر الرئيس العراقى الراحل صدام حسين الكويت ضمن حدود دولته ، فكان احتلال العراق للكويت (الشقيقة) عام 1990 . - الخلاف بين إيرانوالإمارات على ملكية الجزر الخليجية الثلاثة طنب الكبرى والصغرى وأبوموسى قد يؤدى بالمنطقة إلى حرب . - الحرب الليبية المصرية عام 1977 لم تستمر أكثر من ثلاثة أيام ، مناوشات واشتباكات على الحدود ، انتهت بوقف إطلاق النار. - دمل الطائفية فى لبنان ، والاحتلال السورى للبنان فى أعقاب الحرب الأهلية اللبنانية 1975. - وقبل وفوق ذلك كله ؛ إسرائيل ؛ الدمل الأكبر المزروع فى قلب (الأمة) العربية منذ أكثر من ستين عاما. هذه بعض ؛ وليس كل ؛ الدمامل التى أصيبت بها دول الوطن العربى (الواحد) ، وأذكر هنا قول الراحل العظيم نزار قبانى: أمشى على ورق الخريطة خائفا فعلى الخريطة كلنا أغرابُ هذه وغيرها كلها دمامل زرعت فى جسد الأمة ، كلٌ فى مكانه بحساب ، لينفجر أو يُفجّر بالقيح والصديد حين يُحتاج إلى انفجاره . ولننظر إلى خريطة مصر العربية فى الأطلس الجغرافى العربى ، سنجد أن الحدود الجنوبية المصرية تمتد على خط عرض 22 ، خطا يمتد مستقيما من الغرب حتى ساحل البحر الأحمر شرقاً ، ويصبح بموجبه مثلث حلايب داخل الحدود المصرية . فإن اطلعت على خريطة مصر فى أطلس العالم مثلا ؛ فستجد أن خط الحدود يمتد من الغرب مستقيما حتى يصل إلى منطقة جبل أبو فاس فى مثلث حلايب ، فينحرف فجأة إلى الجنوب ، ثم إلى الشمال ، ثم يتجه إلى البحر الأحمر ، مقتطعا مثلث حلايب من مصر ، وضامّا له إلى الأرض السودانية . وبغض النظر عن تصرفات الحكومات المصرية والسودانية ، بما تشتمل عليه من دبلوماسية ؛ واتباعٍ لسياسة ( التلييط ) والتأجيل ، فأنت معى أن خط الحدود لم ينحرف وحده ، وأن الدمل المزمن لم ينزرع ( شيطانى ) ، وبالتالى .. فإننا يجب أن نتوقع انفجاره فى الوقت الذى يحدده من زرعه ! فمن زرعه ؟ الحدود المرسومة بين مصر والسودان حددتها اتفاقية الاحتلال البريطانى عام 1899 ، والتى ضمت المناطق من خط عرض 22 شمالا لمصر ، وفيها يقع مثلث حلايب ، وفى عام 1902 قامت سلطات الاحتلال بشكل مفاجئ ومريب بضم مثلث حلايب للإدارة السودانية ، لأنه أقرب إلى الخرطوم منه إلى القاهرة ! فى مكان ما من هذا العالم ؛ كان ؛ ولا يزال ؛ يجتمع أعضاء إدارة يرأسها الشيطان نفسه ، مهمتها زرع الدمامل فى جسد العالم المتخلف (إللى هو احنا) ، وهذه الإدارة ؛ بتشكيلها الحالى ؛ مع اختلاف شخصيات الحضور ؛ تمارس هذه المهمة القذرة منذ أواخر القرن التاسع عشر ، بالتحديد منذ انعقاد مؤتمر برلين عام 1884 ، وحضره كل من بريطانيا وفرنساوألمانيا وإيطاليا وأسبانيا والبرتغال ، واتفق الحاضرون مبدئيا على وجوب إنهاء وجود الدولة العثمانية بأسرع وقت ممكن ، واقتسام تركتها ، وبالمّرة .. اقتسم الحاضرون قارة أفريقيا بكاملها مناطق نفوذ واحتلال ، لازالت أفريقيا تعانى من آثارهما حتى اليوم بفعل الدمامل التى زرعت فى جسدها حين تم جلاء الاستعمار عن بلادها فى القرن العشرين ، المهم ؛ اتفق فى مؤتمر برلين على أن ( تأخذ ) فرنسا وأسبانيا المغرب ( بمساحته الأصلية ، حيث كان يمتد من البحر المتوسط شمالا حتى السنغال جنوبا ، شاملا الصحراء المغربية وموريتانيا ) ، فاعترض إمبراطور ألمانيا بسمارك ، إذ كان يطمع فى الحصول على طنجة فى الشمال المغربى ، فأرضاه الفرنسيون (بإعطائه) الكونغو !! وعندما ضاق الأوروبيون ذرعا باليهود فى بلادهم ؛ ( أعطوهم ) فلسطين وطنا ، على أساس أنها أرض بلا شعب لشعب بلا أرض !! سأستعير هنا عنوان مجموعة مقالات الدكتور نبيل فاروق فى الدستور منذ أكثر من سنة ، ألم يقل - مع اختلاف المقام - إنها ( عزبة أبوهم )؟ إسلمي يا مصر..!