هل يعرف أحد من هو أحمد جلال عبد القادر، أو أسامة جلال محمد أو حتى حسين إبراهيم حسن. الأول هو نقيب الشرطة الذى استشهد على الحدود والآخرين من الجنود الذين استشهدوا معه، هؤلاء دافعوا عن الوطن وقاموا بواجبهم وقدموا أرواحهم فداء مصر.. ومع ذلك لم يتم تسليط الضوء عليهم أو على قصصهم، مثلما تم تسليط الضوء على الشحات الذى قام بتسلق عمارة بجوار السفارة الإسرائيلية أثناء تبادل الحراسة وأحرق العلم الإسرائيلى، فأصبح نجما فى كل الصحف والفضائيات، رغم أنه قام باختراق أمنى لسفارة أجنبية على أرض مصرية وتسبب فى وضع الأمن المصرى فى وضع لا يحسد عليه دوليا لأنه لا يتمكن من حماية مبنى سفارة أجنبية على أرض مصرية. صحيح أن الشحات قام بإفراغ كبت 80 مليون مصرى وأنا منهم ضد العدو، وصحيح أن مشهد حرق العلم الإسرائيلى أشفى غليل المصريين، مثلما أسعدنا مشهد العلم المصرى فوق السفارة الإسرائيلية، لكنه يظل فى النهاية عمل خارج عن القانون، وفى ظل هذا نسى الجميع الشهداء الذين يستحقون التكريم بحق وحقيق، وأن نتعرف على حكايتهم ورواية أهلهم عن الأحداث، فهى بالفعل تستحق التأمل والتحليل والنشر، وقد لفت نظرى الصديق شمعى أسعد فى ملاحظة له على صفحته بالفيس بوك عندما كتب عن الشهيد البطل النقيب أحمد جلال ورواية ابن خالته له عن مكالمة للشهيد مع شقيقته قبل استشهاده بساعة تروى قصة اللحظات الأخيرة فى حياة البطل كما رواها بنفسه عبر الهاتف لشقيقته، ثم طلب شقيقته نشر نص هذه المكالمة على أوسع نطاق ليعرف المصريون ماذا حدث على الحدود، وها أنا أقوم بواجبى تجاه الشهيد أحمد جلال وأنفذ طلب وصية شقيقته الذى تلقيته عبر صديقى شمعى. تقول علا شقيقة البطل: كانت الساعة تدنو من الرابعة عصرا حين استقبلت اتصالا من رقم أخيها على هاتفها وهي وأسرتها في غاية القلق منذ الصباح بسبب تداعيات تفجير حافلة الصهاينة على الحدود، فجاءها صوت أحمد في حالة هستيرية وهو يصرخ "ضربونا ضرب وحشي من الناحية التانيه يا علا بدون سبب أو إنذار وبكلمهم على اللاسلكي وعارفين أنهم بيضربونا ومش بيردو..بس مش هسيبهم أنا عندي شهيد ومصاب وأنا واخد شظية بسيطة في كتفي وهما مشيو دلوقت وعايز أنقل الناس المستشفى لو عرفتي تطلبي زميلي فلان تبلغيه يبعتوا إسعاف وتعزيزات" وانقطع الاتصال لتعيش شقيقته وأسرتها حاله قلق هستيرية وكل ما تذكره أنها كانت تصرخ فيه أن يتراجع ويحاول طلب النجدة، مرت ساعة أخرى كالدهر قبل أن يعاود الاتصال بها أخيرا ليبلغها أنه وصل المستشفى وأن الجنديين اللذان كانا يرافقانه في النقطة الحدودية قد استشهدا وأنه سليم وأنه تمكن من قتل أحد هؤلاء المهاجمين الذي رآه متسللا على قدميه داخل الحدود المصرية مع تغطية من الطائرة الهليكوبتر التي شنت الهجوم، وقال لها أنهم يعلمون جيدا أنهم يهاجمون نقطه الحدود المصرية ويعرفون من فيها فردا فردا بالأسماء والرتب ضمن التنسيق الأمني المشترك على الجانبين وأنه حاول الاتصال بالنقطة المقابلة له في بداية الهجوم عبر اللاسلكي الخاص بالتنسيق فلم يجيبوا وربما أنهم يعتقدون أننا أخفينا العناصر التي قامت بمهاجمة الحافلة صباحا، ثم قال لها "أنا راجع هناك دلوقت تاني ومتخافيش أنا طالع معايا مقدم و6 عساكر أمن مركزي ولازم نرجع نمشط المنطقة كلها عشان نلاقي دليل على الاختراق ونجيب جثة القتيل بتاعهم اللي موته في الهجوم" وبينما هي منهارة تحاول إثناءه أنهى الاتصال، وكان ذلك آخر حديث لها مع شقيقها ليتلقوا بعد ساعة واحدة نبأ استشهاده عند نفس النقطة الحدودية وإصابة المقدم الذي ذهب معه إصابة بالغة فقد على إثرها ساقه واستشهاد مجند آخر وفقد باقي المجندين الستة الذين ذهبوا معه لتعلم بعد ذلك من خلال اتصالهم بالمقدم أنهم وفور عودتهم للنقطة الحدودية في ملابسهم الرسمية (ملابس الأمن المركزي السوداء) أعاد الخونة الكرة وهاجموهم بطائرة مروحية وهم يقومون بعملية التمشيط عزلا إلا من السلاح الخفيف وتعاملوا معهم هم وشقيقها حتى تلقى الشهيد طلقة أولى في كتفه اخترقت جسمه وخرجت من الفخذ قبل أن يتلقى أخرى قاتله في الرأس ليسقط شهيدا مدافعا عن تراب وكرامة وطنه حتى رمقه الأخير، وتقول علا أن التقرير المبدئي للمستشفى ذكر أن الطلقات من نوع الذخيرة المحرم دوليا حيث أنها من الذخائر المتفجرة في الجسم. إلى هنا انتهى كلام الدكتورة علا شقيقة الشهيد النقيب أحمد جلال، ولكن بالتأكيد الكلام لم ينته بعد، وأرجو أن ينتبه الجميع لعدم الانسياق وراء الفرقعات الإعلامية وترك من هم أهم بتسليط الضوء عليهم، وهو ما اعتدنا عليه من الإعلام بكل أسف، وهو أيضا ما يتم تجاه العديد من القضايا الحيوية التى ننساها وننشغل عنها بقضايا أخرى مسلط عليها إعلاميا.