.. هيفاء بتقول «كل كلمة طالعة من إخلاص بجد»..يعني إية ! شرين عندما كان عبد الحليم حافظ يستعد لتسجيل أغنيتي «قارئة الفنجان» و«رسالة من تحت الماء» شعر برغبة في تغيير بعض الكلمات التي كتبها الشاعر نزار قباني، وهي الرغبة التي كلفت شركة «صوت الفن» مبلغا ضخما في ذلك الوقت وهو 2000 جنيه، لان نزار قباني كان موجودًا في لندن بينما كان عبد الحليم يتنقل بين مصر وباريس، فأجري حليم مكالمات دولية كلفت الشركة هذا المبلغ.. ما فعله حليم قد يبدو غريبا علي مسامع المطربين في الوقت الحالي، لكنه وقتها كان تصرفا عاديا جدا، لأن معظم المطربين الكبار كانوا يفكرون بنفس الطريقة ويختارون كلمات أغانيهم بنفس الدقة.. وهي الدقة التي لم نعد نلمحها إلا في اختيارات عدد محدود جدا من المطربين في الوقت الحالي، بينما فضل البعض الآخر أن يغني أي كلمات تقع في إيده حتي لو كانت مجرد حروف مرصوصة بجوار بعضها دون أن تعطي معني مفهومًا، فشيرين عبد الوهاب مثلا ظلت أكثر من عام تجهز لألبومها الأخير «حبيت» وتعيد وتزيد في تسجيل الأغاني، وتطلب من الملحنين إعادة ضبط بعض الألحان، والكلمات في بعض الأحيان، حتي يخرج الألبوم بالمستوي الذي ترضي عنه، وبعد كل ذلك فاجأتنا شيرين بأغنية «مفيش كلمة فيها ماشية مع الكلمة اللي بعدها»، فإن كان الشاعر محمد رفاعي سلمها لها بهذا الشكل وهو راض عنها، فأين كان عقل شيرين عندما غنتها وهي مش فاهمة منها حاجة وأين كان عقلها عندما اختارتها لتكون عنوانا للألبوم كله؟!، فبعيدا عن المستمع التي يردد اللحن والكلمات وهو مش فاهم حاجة.. هل يمكن لشيرين أن تفسر لنا هذه اللوغاريتمات الذي تغنت بها في هيد ألبومها: «حبيت أنا.. حد يقوللي إن أنا غلطانة.. مانا برضه بحس اصل أنا انسانة.. اكتر بكتير م اللي اتمنيت.. ياريت قلبك يا حبيبي يكون مشغول». فهل يليق بمطربة في حجم شيرين عبد الوهاب أن تتغني بمثل هذه الكلمات المتقاطعة علي الملأ كما فعلت في ألبومها الأخير؟!. وإن كانت شيرين التي يتعامل معها البعض علي أنها أحد رموز جيلها في الغناء تجاوزت عن كلمات هيد ألبومها بهذا الشكل، فليس غريبا أن نسمع هيفاء وهبي وهي تتغني بكلمات تدخل في دائرة التهييس الرسمي، فهي تقول في أغنيتها «ماخدتش بالي»: «وماخدتش بالي.. يا حبيبي أنا.. إن انت يا غالي.. تقصدني أنا..» وتكمل في مقطع آخر من الأغنية قائلة: «واما انت حاببني - بهواك أنا - من فرحة قلبي ما بقتش أنا»، فما الذي كان يدور في ذهن هيفاء وهي تقول لحبيبها: «اما انت حاببني».. ثم تستكمل قائلة في جملة اعتراضية ليس لها هنا أي معني «باهواك أنا» ثم تكمل قائلة:«من فرحة قلبي مابقتش أنا» وكأنها طفل صغير مازال يتعلم كيف يقوم بتركيب الكلمات بجوار بعضها لتصبح جملة مفيدة. وفي أغنية أخري تحمل عنوان «80 مليون إحساس»، نجد هيفاء وهبي تغني لمصر قائلة: «وبقولهالك من غير مجاملة وكل جملة طالعة من إخلاص بجد»، وهي طبعا تقصد أن كل جملة طالعة بإخلاص بجد. سمية من جهتها لم تتوقف لحظة واحدة عن التهييس أثناء غنائها كلمات أغنياتها «مش سهلة» التي تقول كلماتها: «حبه قل وأنا قلبي ملّ.. واخدها جد.. طب إيه اللي جد.. أنا أملي اتهد فيه»، وطبعا لو حاولنا أن نفهم ماذا تقصد سمية من هذه الحروف المرصوصة بجوار بعضها لن نصل لشيء. أما قمة التهييس فقد وصل لها عصام كاريكا في أغنيته «حلانجي» التي يغني فيها مخاطبا حبيبته - وياريت نركز علي موضوع حبيبته ده - قائلا: «حلانجي وبتاع هق ومق.. في الغرام والشوق واد بق.. وأي «واحدة» تناديلك تروحلها ما تقولش لأ..»، منين هو بيغني لحبيبته ومنين بيقولها أي واحدة تناديلك تروحلها ما تقولش لأ؟!. بالطبع نحن لا نطالب مطربينا الأعزاء بالتدقيق في اختيار كلمات أغنياتهم بنفس طريقة حليم وأم كلثوم وعبد الوهاب، إحنا برضه مقدرين ظروف الحياة وإنهم مش فاضيين، لكن علي الأقل عليهم أن يستمعوا لكلمات الأغنية قبل تسجيلها بوقت كاف حتي لا يجدوا أنفسهم في النهاية بيغنوا أي كلام والسلام.