يرى الباحث بمعهد التبين للدراسات المعدنية الدكتور علي خليل أن الثورة المصرية لن تحول دون استمرار البرنامج النووي المصري. إلا أنه استبعد أن يتم طرح مناقصة لبناء أول محطة كهرذرية في مصر في ظروف سياسية غير مستقرة. قال د. علي خليل في حديث ل"أنباء موسكو": "نظرا للمعدلات العالية للزيادة السكانية وما يصاحبها من نشاطات مستهلكة للطاقة، فإن مصر بحاجة ماسة لمصادر جديدة للطاقة. وعلى سبيل المثال، كثيرا ما يعاني سكان القاهرة الذين يمثلون خمس تعداد سكان البلاد من انقطاع التيار الكهربائي في فصل الصيف. لذا لا أعتقد أنه سيتم تجميد البرنامج النووي المصري". ومع ذلك استبعد د. خليل أن يتم طرح مناقصة لبناء أول محطة كهرذرية في مصر قبل إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، قائلا إن "تحقيق مشاريع ضخمة مثل تشييد محطات كهرذرية مرهون باستقرار سياسي وأمني للبلاد بصرف النظر عن كون النظام الحاكم ديمقراطيا أو سلطويا". وفيما يتعلق بتأثير كارثة محطة "فوكوشيما-1" إثر الزلزال المدمر الذي ضرب اليابان في الحادي عشر من آذار (مارس) الماضي، على تطوير قطاع الطاقة النووية في العالم، لم يستبعد د. خليل أن تقوم بعض الدول بتجميد برامجها النووية. ولكنه أضاف: "يصعب تصور الحياة في العالم الحديث بدون هذا النوع من الطاقة. لذا أتوقع أن يتم رفع معايير بناء المحطات بدون استغناء عن الطاقة النووية، وقد يتم أخذ احتمال وقوع تسونامي بعين الاعتبار عند التصميم". وأشار إلى أن هناك جهودا حثيثة من الدول المتقدمة لتطوير نوع آخر من مفاعلات الطاقة النووية تتميز بالنظافة والأمان، وهي مفاعلات الاندماج النووي بدلا من مفاعلات الانشطار النووي الحالية. ولكن العقبات العلمية والفنية مازالت كبيرة لوضع هذا النوع من المفاعلات حيز التطبيق العملي والتجاري في المستقبل القريب. وتابع قائلا: "ستلتزم مصر، بالطبع، بالمعايير الجديدة عند تحقيق برنامجها النووي. وبصرف النظر عن ذلك تعد المفاعلات الحديثة من الجيل الثالث أكثر أمانا وفعالية مقارنة بمفاعلات محطة "فوكوشيما-1" القديمة التي دخلت حيز الخدمة في عام 1971". وعن كيفية تأمين المحطات الكهرذرية في حال تكرار ما شهدته مصر من حالة الانفلات الأمني وأعمال الشغب خلال ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير)، استبعد الخبير أن تتعرض أية محطة كهرذرية لأي هجوم قائلا إن "محطة كهرذرية ليست سوبرماركت أو مركزا تجاريا، وإنما تعد من المواقع الإستراتيجية المرهونة بالأمن القومي للبلاد مثل المطارات أو القواعد العسكرية أو المتحف المصري. وإذا حاولت مجموعة من البلطجية أو المخربين اقتحامها، فإن الجيش سيتدخل فورا لحمايتها". ويذكر أن مصر بدأت برنامجها النووي في السبعينيات من القرن الماضي. ثم تم تجميده عقب كارثة "تشيرنوبل" في الاتحاد السوفيتي في عام 1986. وفي عام 2008 أعلن الرئيس المصري السابق حسني مبارك استئناف البرنامج النووي المصري. وفي أغسطس 2010 حسم مبارك جدلا حول موقع أول محطة كهرذرية، وأقر اختيار منطقة الضبعة على الساحل الشمالي الغربي لإقامتها. وكان من المقرر أن يتم إعلان المناقصة لبناء المحطة قبل نهاية العام الماضي. ثم تم إرجاؤه إلى بداية 2011. وكان من المنتظر أن يتم الانتهاء من بناء أول محطة كهرذرية في مصر بحلول عام 2020. ورجح الخبراء أن روسيا وفرنسا وكوريا الجنوبية هي الدول الأوفر حظا للفوز بالمناقصة. إلا أن الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام مبارك، أدت إلى إرجاء موعد طرح المناقصة إلى أجل غير مسمى.