رئيس الوزراء الباكستاني يدعو الأمن القومي إلى اجتماع عاجل والأمم المتحدة تعرب عن قلقها    أول زيارة له.. الرئيس السوري يلتقي ماكرون اليوم في باريس    ملف يلا كورة.. الزمالك يشكو الأهلي.. مصير بيسيرو.. وإنتر إلى نهائي الأبطال    فيديو خطف طفل داخل «توك توك» يشعل السوشيال ميديا    «كل يوم مادة لمدة أسبوع».. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 بمحافظة الجيزة    عاجل.. الذهب يقفز في مصر 185 جنيهًا بسبب التوترات الجيوسياسية    شريف عامر: الإفراج عن طلاب مصريين محتجزين بقرغيزستان    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الأربعاء 7 مايو 2025    مستقبل وطن يطالب بإعادة النظر في مشروع قانون الإيجار القديم للوحدات السكنية    "اصطفاف معدات مياه الفيوم" ضمن التدريب العملي «صقر 149» لمجابهة الأزمات.. صور    د.حماد عبدالله يكتب: أهمية الطرق الموازية وخطورتها أيضًا!!    المؤتمر العاشر ل"المرأة العربية" يختتم أعماله بإعلان رؤية موحدة لحماية النساء من العنف السيبراني    متحدث الأوقاف": لا خلاف مع الأزهر بشأن قانون تنظيم الفتوى    الجيش الباكستاني: مقتل 3 أشخاص على الأقل وإصابة 12 آخرين في الهجوم الهندي الأخير    التلفزيون الباكستاني: القوات الجوية أسقطت مقاتلتين هنديتين    ترامب يعلّق على التصعيد بين الهند وباكستان: "أمر مؤسف.. وآمل أن ينتهي سريعًا"    في يومها ال578 .. أبرز تطورات الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة    الهند: شن هجمات جوية ضد مسلحين داخل باكستان    مسيرات أوكرانية تعطل حركة الملاحة الجوية في موسكو    الذكرى ال 80 ليوم النصر في ندوة لمركز الحوار.. صور    بيسيرو يكلف محاميه الخاص بملف فسخ عقده مع الزمالك ويرفض طلب ميدو    موعد مباريات اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. إنفوجراف    سيد عبد الحفيظ يتوقع قرار لجنة التظلمات بشأن مباراة القمة.. ورد مثير من أحمد سليمان    موعد إجازة مولد النبوي الشريف 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    حبس المتهمين بخطف شخص بالزاوية الحمراء    السيطرة على حريق توك توك أعلى محور عمرو بن العاص بالجيزة    قرار هام في واقعة التعدي على نجل حسام عاشور    ضبط المتهمين بالنصب على ذو الهمم منتحلين صفة خدمة العملاء    ارتفاع مستمر في الحرارة.. حالة الطقس المتوقعة بالمحافظات من الأربعاء إلى الاثنين    موعد إجازة نصف العام الدراسي القادم 24 يناير 2026 ومدتها أسبوعان.. تفاصيل خطة التعليم الجديدة    سحب 45 عينة وقود من محطات البنزين في محافظة دمياط    "ماما إزاي".. والدة رنا رئيس تثير الجدل بسبب جمالها    مهرجان المركز الكاثوليكي.. الواقع حاضر وكذلك السينما    مُعلق على مشنقة.. العثور على جثة شاب بمساكن اللاسلكي في بورسعيد    ألم الفك عند الاستيقاظ.. قد يكوت مؤشر على هذه الحالة    استشاري يكشف أفضل نوع أوانٍ للمقبلين على الزواج ويعدد مخاطر الألومنيوم    «أنتم نادي غير ملتزم».. الغندور يكشف رد مدرب الترجي الصادم على عرض الزمالك    من هو الدكتور ممدوح الدماطي المشرف على متحف قصر الزعفران؟    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الأربعاء 7 مايو 2025    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 7 مايو 2025    بدون مكياج.. هدى المفتي تتألق في أحدث ظهور (صور)    نشرة التوك شو| الرقابة المالية تحذر من "مستريح الذهب".. والحكومة تعد بمراعاة الجميع في قانون الإيجار القديم    حسك الفكاهي الساخر سيجلب المشاكل.. برج الجدي اليوم 7 مايو    لحظات حاسمة لكن الاندفاع له عواقب.. حظ برج القوس اليوم 7 مايو    كندة علوش: الأمومة جعلتني نسخة جديدة.. وتعلمت الصبر والنظر للحياة بعين مختلفة    سيصلك معلومات حاسمة.. توقعات برج الحمل اليوم 7 مايو    بعد نهاية الجولة الرابعة.. جدول ترتيب المجموعة الأولى بكأس أمم أفريقيا للشباب    معادلا رونالدو.. رافينيا يحقق رقما قياسيا تاريخيا في دوري أبطال أوروبا    رحيل زيزو يتسبب في خسارة فادحة للزمالك أمام الأهلي وبيراميدز.. ما القصة؟    أطباء مستشفى دسوق العام يجرون جراحة ناجحة لإنقاذ حداد من سيخ حديدي    طريقة عمل الرز بلبن، ألذ وأرخص تحلية    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    نائب رئيس جامعة الأزهر: الشريعة الإسلامية لم تأتِ لتكليف الناس بما لا يطيقون    وزير الأوقاف: المسلمون والمسيحيون في مصر تجمعهم أواصر قوية على أساس من الوحدة الوطنية    جولة تفقدية لوكيل مديرية التعليم بالقاهرة لمتابعة سير الدراسة بالزاوية والشرابية    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثروت الخرباوي يكتب: تنظيم الجيش بين تأكيد مشهور وإنكار التابعين
نشر في الدستور الأصلي يوم 03 - 02 - 2010

ثمة فارق كبير بين الفرد بتاريخه وجهاده وإخلاصه وبين أفكاره وتوجهاته ، هذه بديهية يعرفها الجميع ولكنها قد تغيب عنا أحيانا وسط الأجواء المشحونة بالريبة والتوجس أو عندما نظن أننا نخوض حربا مقدسة ، حينئذ يختلط الشخص في عيوننا بفكرته ويتماهى مع معتقداته ولا يكون هناك مجالا لمناقشة الأفكار أو التعقيب عليها أو نقدها ومراجعتها خاصة إذا كانت هذه الأفكار مرتبطة بشخصية جهادية قدمت لفكرتها ونافحت عنها وأصبحت موضع تقدير ما ، وأغلب الظن أن الذي سيفتح عقولنا لمناقشة هذه الأفكار سيشار إليه من البعض بالردة والنكران والجحود إلى أن نصل لحد اتهامه بالخيانة الفكرية خاصة إذا كان يقف مع من ينتقده تحت سماء واحدة أو كان قد اشترك معه في تاريخ ما ... حدث هذا في الشهور الأخيرة مرتين .. مرة حين ناقش البعض أفكار الشهيد سيد قطب .. والمرة الثانية حين ناقش أحدهم أفكار الحاج مصطفى مشهور رحمه الله .
أما عن المرة الثانية فلم يأخذني العجب عندما تابعت الحملة الضارية التي قادها البعض ضد المهندس أبو العلا ماضي في أعقاب تصريحاته التي أدلى بها في صالون الصحفي أحمد المسلماني والتي أكد فيها أن الحاج مصطفى مشهور رحمه الله أخبره في منزل المهندس محي الدين عيسى وهو إخواني سابق عندما كانوا بصدد تشكيل المكتب الإداري للإخوان بمحافظة المنيا أن الإخوان لديهم تنظيم في الجيش " ومن خلاله سنحصل على السلطة " !! .
لم يكن كلام الحاج مصطفى غريبا أو مستغربا فالرجل وهو صاحب نفسية جهادية يعبّر عن قناعاته ويمارس معتقداته مهما كانت العواقب ، ولما لا والحاج مصطفى كان ثاني اثنين من قيادات النظام الخاص مذ نشأته وعلى أكتافه كانت حركة هذا النظام ومسيرته ، ومن أجل أفكاره وتاريخه عرفته السجون وعرفها ، ورغم المغارم والمصاعب والمواجهات إلا أنه ظل متمسكا بما ظن أنه هو السبيل لاستعادة دولة الخلافة الإسلامية فلم يتغير قيد أنملة حتى أنه كان أحد القيادات التاريخية التي أشرفت بشكل أو بآخر على إنشاء " قسم الوحدات " بالجماعة والذي كان مختصا بقيادة تنظيم الإخوان في الجيش والشرطة ، وكان قد تم إسناده للأستاذ محمود لبيب رحمه الله حينا والأستاذ صلاح شادي رحمه الله حينا آخرا ... وعلى حد ما ورد في موقع "إخوان أون لاين" الموقع الرسمي لجماعة الإخوان ظل "قسم الوحدات" قائما وفاعلا إلى أوائل التسعينات حتى أنه قام بأدوار دولية ووساطات بين فرق جهادية في العالم .. يقول الموقع الرسمي للإخوان عن صلاح شادي المسئول عن قسم "الوحدات" في الجماعة :
" خرج صلاح شادي بعد عشرين عامًا من السجن وكان من آخر أربعة يخرجون من المعتقلات عام 1974م، وما كادت قدماه تبرح السجون حتى سارع فسلم نفسه للأستاذ عمر التلمساني المرشد الجديد للإخوان وتعاون مع كثير من الإخوان في إعادة بناء الجماعة مرة أخرى واختير عضوًا بمكتب الإرشاد وظل كذلك حتى وفاته، وكان له دور قوي في قضية أفغانستان.... وكذلك في باكستان حيث استمر الإخوان في القيام بدور الوساطة، وتقريب وجهات النظر بين فصائل المجاهدين، وبينهم والحكومة الباكستانية، فقد قام المرحوم صلاح شادي بجهود من هذا القبيل عقب توقيع باكستان اتفاقية جنيف في أوائل 1989م والتي رفضتها الفصائل الأفغانية " .
ولا شك أن خبرات المرحوم صلاح شادي العسكرية والتنظيمية أهلته للقيام بهذا الدور الدولي التفاوضي الكبير خاصة وأن وراءه تنظيم الوحدات صاحب الخبرة التراكمية ... وقد ظهرت تفصيلات ما قام به "قسم الوحدات" من خلال بعض تصريحات أدلى بها أيمن الفايد المستشار الإعلامي لتنظيم القاعدة حينما صرح منذ أشهر في إحدى القنوات الفضائية بأنه ثمة تنسيق بين الإخوان في مصر وبين المجاهدين في أفغانستان خاصة أيام الغزو السوفيتي .. حينها على حد قوله كان شباب الإخوان من مصر هم أعلى المجاهدين قدرا في أفغانستان .
لم يكن كلام الحاج مصطفى مشهور غريبا أو مستغربا عندما أسرّه للمهندس أبو العلا في حضور المهندس محي الدين عيسى ولو كان الرجل ماثلا أمامنا لما أنكر ما قاله فقد كان رجلا صادقا ظاهره كباطنه عنيدا في الحق الذي يعتقده حريصا غاية الحرص على تحقيق مشروعه الفكري ولما لا وهو الذي صرّح بصراحته المعهودة لجريدة الشرق الأوسط اللندنية في فبراير من عام 1998 " أن الإخوان سيصلون إلى الحكم بعد عشرين عاما أي عام 2018 " وقرر في ذات العدد " أن الإخوان لديهم خطة سيصلون إلى الحكم من خلالها " .
لم يسع الرجل عبر تاريخه كله إلى إخفاء بضاعته الفكرية والحركية ، لذلك لم يستخدم تكتيكا لمداراة ما عنده أو مناورة للتعمية عليه أو تقية تدفنه في خبيئة نفسه ، بل كان قبلها قد صدح بما يظن أنه الصواب حينما طالب بأخذ الجزية من الأقباط بالرغم مما جره هذا الطلب عليه وعلى الجماعة من تبعات وخيمة حتى أن بعض الأقباط أقاموا ضده جنحة قذف ومع ذلك فقد أصر على رأيه ودافع عنه أيما دفاع ، ولم يكن أمام هيئة الدفاع عنه وقتها وقد كنت منها وعلى الرأس منها الدكتور سليم العوا والأستاذ مختار نوح إلا التفاوض من أجل إنهاء الدعوى صلحا ... وهو الأمر الذي حدث فعلا .
لم يكن ما قاله الحاج مصطفى للمهندس أبو العلا غريبا عن أفكاره وهو الذي هاجم في كتابه "مقومات رجل العقيدة على طريق الدعوة " أولئك الذين ينادون بالقومية والديمقراطية وقال عن هذه التعبيرات الغربية "إن هي إلا أسماء سميتموها " وعلى هذا النحو ظل الرجل رحمه الله طوال عمره يقول ما يعتقد ويعتقد ما يقول مهما كانت العقبات ومهما كانت العواقب حتى أنه في ظل الهجمات الأمنية على تنظيمات الجهاد المسلحة لم ترتعش أنامله وهو يكتب كتابه الشهير " الجهاد سبيلنا " والذي شرح فيه مفهومه عن الجهاد ، ورغم أن كتابه هذا بالذات تعرض لنقد فقهي من كثير من العلماء إلا أنه لم يتراجع عن أفكاره الجهادية فنفسيته كما قال المقربون منه وثابة ولعل هذه الأفكار الجهادية التي تسربت إلى الأجيال التي تلقت منه ومن آخرين هي التي دفعت العلامة القرضاوي إلى كتابة سفره القيم عن " فقه الجهاد " ليصحح المفاهيم ويضع العلامات الفارقة حتى لا يطغى مفهوم شرعي صحيح على واقع لا يناسبه .
ليس من شك أن تاريخ الحاج مصطفى مشهور وشخصيته وجهاده ووقوعه في محن ثبت أمامها تدفعني وتدفع الآلاف من أبناء الحركة الإسلامية إلى احترامه وتقديره حتى ولو اختلفنا مع أفكاره وناقشناها أو حتى رفضناها ، فسبقه وجهاده والمحن التي مرت به لا ينبغي أن تحوّله في عيون أبناء الحركة الإسلامية إلى وثن في معبد الجماعة أو " تابو" من التابوهات المقدسة ، ولعلني سمعت من أحد الإخوة الكبار أن المهندس أحمد نشأت زوج ابنة الحاج مصطفى مشهور ترك الإخوان وانصرف عنهم بعد أن كان في القلب منهم بسبب عدم اقتناعه بأفكار الحاج مصطفى مع حبه وتقديره له .
لذلك لم يأخذني العجب مما نقله المهندس أبو العلا ماضي عنه وعن تنظيم الإخوان في الجيش ، كما لم يأخذني العجب من الهجمة الإخوانية المنظمة التي استهدفته وكأنه قال شيئا عجيبا لا يعرفه أحد مع أن الكل يعرف صدق هذه الرواية وصدق راويها ولكن العجب أخذني من ذلك الكلام الذي نشرته الصحف ونسبته للمهندس محيي الدين عيسى والذي أنكر فيه صحة هذا النقل وجحد أمانة الناقل وقال أنه ( هاله وأفزعه ما ادعاه على أستاذنا وصاحب الفضل علينا بعد الله في نجاتنا من براثن العنف ) .
أما أنا فقد هالني وأفزعني ما نشرته الصحف منسوبا للأخ محيي عيسى حتى أنني ظننت أن هذا المقال مدسوس عليه لم يكتبه بل وليست له به صلة وكأن أحدهم ألقاه على لسانه !! .
ووجه العجب والفزع أنني سمعت من المهندس محيي الدين عيسى ما هو أشد وأنكى مما قاله أبو العلا عن أفكار الحاج مصطفى .. فقد سمعته ذات يوم وهو يتهم " أستاذنا وصاحب الفضل علينا الذي أنقذنا من براثن العنف " بأنه وعاء التطرف والعمل السري !! ... كيف كان ذلك ؟ .
كان ذلك منذ بضع سنين وكنت قد عرفت من أحد قيادات الإخوان الكبيرة التي أصابها التجميد والمركونة على الرف حاليا أن المهندس محيي الدين عيسى عضو مجلس الشعب السابق عن الإخوان والذي كان زميلا لهذا القيادي في مجلس الشعب قد مر عليه أكثر من مرة وأنه صب عنده جام غضبه على الإخوان وطالبه بضرورة أن تتحرك مجموعة إخوانية بعينها من أجل إنشاء تنظيم إخواني موازي إلا أن القيادي الإخواني المُجمد رفض هذا العرض وأعرض عنه .، وعرفت من هذا القيادي أن الأخ محيي عيسى ترك الإخوان أو تركوه في أوائل التسعينات بعد أن عاد من رحلة عمل في ألمانيا .
وإذ مرت شهور على هذه القصة جمعتنا الأقدار دون ترتيب مسبق .. كنت في زيارة أنا وبعض الإخوة للمهندس أبو العلا وإذا بالأخ محيي عيسى يدخل علينا ويشترك في جلستنا ، ومن خلال الحوار الذي دار عرفت أن محيي عيسى كان قد سافر للعمل في أوائل التسعينات إلى ألمانيا وهناك تعرف على الدكتور صلاح الجعفراوي وهو أحد القيادات الإسلامية بفرانكفورت ، ولسبب أو لآخر قام محيي عيسى بالحصول على مبلغ عشرين ألف دولار كقرض من الجعفراوي ثم عاد إلى مصر دون أن يسدد ما اقترضه .. وحين لجأ الجعفراوي إلى قيادات الإخوان في مصر لإجبار محيي عيسى على السداد مبديا غضبه وسخطه على ذلك الأخ الذي حصل على القرض منه مدعيا أن أمه مريضة وأنه يجب أن يجري لها جراحة عاجلة ثم اتضح له أن الأمر غير ذلك كان أن توسط الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والمهندس أبو العلا ماضي والأخ علي عمران رئيس المكتب الإداري لإخوان المنيا من أجل إقناع محيي برد المبلغ إلا أن غاية ما استطاعه الوسطاء هو إلزام محيي بكتابة إقرار بالقرض والتزام بسداده عندما يتيسر له ذلك خاصة وأن محيي كان قد انفق ما اقترضه في شراء أنصبة إخوته في بيت على المشاع بينهم يطل على مسجد اللمطي بالمنيا ثم شرع في إقامته من جديد على نسق معماري حديث .
بعد الحديث عن القرض وأسبابه والعتاب الرقيق الذي وجهه أبو العلا لصديقه محيي عن الأسلوب الذي اتبعه في الحصول على القرض والذي يتنافى مع السلوك الذي ينبغي أن يكون عليه الداعية وعجز محيي عن السداد تطرق الحديث إلى الإخوان وتنظيمهم ، وأذكر من ضمن ما أذكر أن الأخ محيي الدين عيسى أخذ يسترجع تاريخه وأبو العلا مع الجماعة وبدايتهما فيها ، وقد رأيت الفرصة سانحة كي أقوم بتسجيل جزء من ذكرياتهما حتى أقوم بتدوينها مستقبلا في كتاب عن ذكريات جيل السبعينات ذلك الجيل الذي بدأت جماعة الإخوان مسيرتها في طورها الثاني على أكتافه .. وكان مما قاله الأخ محيي أنه :
" بدأت العمل الإسلامي قبل أبو العلا إلا أنه أصبح رئيس اتحاد طلاب الجامعة ثم نائب رئيس اتحاد طلاب الجمهورية بترتيب مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح "
" أخذ الحاج مصطفى مشهور البيعة من المهندس أبو العلا إلا أنه أرسلني لعصام العريان ليأخذ البيعة مني "
" كان الحاج مصطفى رجلا متطرفا حادا يعيش بعقلية القرون الوسطى ويعشق العمل السري وهو صاحب فكر تكفيري "
" كان الحاج مصطفى يخطط لإنشاء تنظيم عسكري وقد أخبرني أنا وأبو العلا بذلك إلا أننا وقتها كنا صغارا ولم نكن قد وصلنا إلى النضج الذي نحن فيه الآن فلم نعترض على ما قاله لنا بل فرحنا به " .
" الذين يجلسون على رأس جماعة الإخوان الآن مجموعة قطبية متطرفة سرقت التنظيم ونسبته لنفسها ولا علاقة لهم بأفكار حسن البنا "
" عندما هربت أنا وأبو العلا قبل مقتل السادات اختبأنا عن الدكتور السيد عبد الستار المليجي في بيت أبيه العمدة ببلدتهم بكفر الشيخ ورغم أن الأمن قبض بعد ذلك على الأخ المليجي إلا أنه لم يعترف على مكاننا رغم التعذيب الذي وقع عليه وكان المليجي قد أرسلنا بعد ذلك لنختبئ عند محمود عزت ولكن محمود عزت تهرب منا وهرب بعد ذلك إلى خارج البلاد كلها "
" قام الأمن بالقبض عليَّ أولا عند مقابر الخفير ولكني لم أكن مثل المليجي فلم أحتمل التعذيب وأرشدت عن مكان أبو العلا حيث تم القبض عليه "
" رفعت دعوى تعويض عن التعذيب أقامها لي مختار نوح وكان الشهود فيها هما أبو العلا ماضي ومحمد طوسون " !!
" كان أبو العلا هو المشرف على انتخابات الإخوان الخاصة بمجلس الشعب عام 1987 عن صعيد مصر وقد رشحني أبو العلا ووضعني في قائمة التحالف فدخلت إلى البرلمان لكنني دخلت في خلافات عديدة مع المستشار مأمون الهضيبي الذي كان يتعامل معنا كتلاميذ "
كانت تلك مقتطفات من الذكريات التي سجلتها في تلك الجلسة مع الأخ محيي ، وقد انتهت الجلسة على وعد بلقاء آخر فقد كان المهندس محيي الدين عيسى يسعى إلى الحصول على عقد عمل بالمملكة السعودية وكان قد طلب من صديقه ورفيق عمره أبو العلا التوسط له عند الدكتور سليم العوا ليبحث له عن عمل هناك وذلك من خلال صداقاته وصلاته ببعض الشخصيات السعودية النافذة ، إلا أن وساطة الدكتور العوا في بدايتها لم تجن ثمارها لأن السيرة الذاتية للمهندس محيي كانت خالية من الخبرات المطلوبة فما كان من المهندس أبو العلا في تلك الجلسة التي جمعتنا إلا أن طلب من محيي أن يحضر له السيرة الذاتية لزوجته الطبيبة إذ كان من الممكن إلحاقها بوساطة الدكتور العوا للعمل بالمملكة وحينها من الممكن أن يسافر معها زوجها محيي كمرافق وهو الأمر الذي حدث بالفعل فيما بعد .
كان من الملاحظ في تلك الجلسة التي جمعتنا أن الأخ محيي مرتبك العبارات مشوش الفكر ينتقل من موضوع إلى موضوع بخفة ويدخل في تفصيلات عائلية خاصة به أمامنا دون مبرر ونحن غرباء عنه ثم يغادرها إلى غيرها !! وقد أسررت لأحد الإخوة الذين حضروا هذه الجلسة عن خيبة أملي في رمز من رموز الحركة الإسلامية إذ كان باديا للحاضرين خفته ورعونته ،إلا أنني عذرته عندما عرفت أن الرجل مر بظروف عائلية شديدة القسوة حيث ألقت هذه الظروف بظلالها على عائلته كلها في المنيا وقد أسلمته مأساته العائلية إلى تلك الخفة والرعونة .
ولكأنما شاءت الأقدار أن يخرج محيي الدين عيسى من مأساة عائلية ليدخل في أختها فبعد أن ترك الإخوان تماما وأصبحت علاقته مقطوعة بهم .. وهناك في المملكة السعودية التي سافر للعمل فيها برفقة زوجته بعد تدخل أبو العلا ووساطة الدكتور العوا نشبت مأساة عائلية أخرى أظافرها في رقبته وما زال حتى الآن لم يتعاف منها نسأل الله لنا وله العفو والعافية .
هل هي ظروف نفسية وغيرة ممجوجة تلك التي دفعت محيي الدين عيسى إلى تكذيب ما قاله هو بنفسه لي ولآخرين كانوا معي وتم تسجيله بموافقته ؟! أم أن الحاجة لعنها الله وضيق ذات اليد هي التي تدفع الأخ إلى أن ينتقل من فروض الولاء إلى قروض الولاء ؟! أم هو الأمل في العودة إلى الإخوان مرة أخرى حيث يظن أنه سيتبوء مقعده من التنظيم إن هو قدم فروض الولاء والطاعة ؟! على كل إن كان المهندس أبو العلا ماضي لم يسجل حواره مع الحاج مصطفى مشهور.. ذلك الحوار الذي دار بينهم في بيت محيي الدين عيسى فإن حوار الأخ محيي معي مسجل بعلمه وموافقته وفيه أضعاف ما كذّبه عيسى .، حقا لو كان مشهور حيا ما أنكر ولكن توثين القيادات داء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.