... هرمنا ...هرمنا,,كانت قناة الجزيرة تعيد وتكرر مشهد ذلك العجوز التونسي باكيا معلنا اللاحول واللا قوة,ومفتخرا بالأمل البادي في شباب تونس,وكانت كلمته المعادة تشير إلىّ,لا أدر لماذا أنا دون بقية ملايين العرب تشير إلى ,لماذا يغزوني الهرم,ولا زلت محافظا على فتوتي وبقايا لياقة بدنية,ولكني هرمت,كبلد النيل والهرم التي هرمت من حولي. كنت كلما رددت استعاذته صلى الله عليه وسلم :"من قهر الرجال"يذهب العقل لمعنى واحد,يتمثل رجلا قعيدا ,يتلقى ضربات الدنيا وصفعات انقلاب الزمن,وركلات تغير الحال,ويظل قاعدا ينتظر حتى كوب الشاي. و كان يحب عمر ويحفظ ما قال فيه الشعراء,وأن أنكى هجاء الشعراء قول الحطيئة :دع المكارم لا ترحل لبُغيتها/واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي,وحبسه عمر رضى الله عنه,ثم عفا عنه ببيت شعر يصور بناته عصافير جائعة و يذيب حديد القلوب :ماذا تقولُ لأفراخٍ بذي مرخِ/زغب الحواصل لا ماء ولا ثمرُ//ألقيت كاسبهم في قعر مظلمةٍ/فاصفح عليك سلام الله يا عمر. وعليك سلام الله (يابا), فلا زلت أرى صورة القوي الذي لا يهاب شيئا,ولا يقبل إهانة,وينفق كيف يشاء,وينظر فأجلس إليه مرتلا ما تيسر فلا تكاد تمر آية,حتى يشيرويأتي من بعيد بحكايا,تدخلني في دنيا الله,وعالم غريب به يأجوج ومأجوج,والناقة الخارجة من الصخر,ومشهد قتلها الموجع,وأرى بخيالي طالوت وجالوت,وهاروت وماروت,وألمح بقايا طعام الجن,وأدخل بأحلامي إلى الكهف فأعود رعبا من كلب باسط ذراعيه. و كنت أوشوش النخلة بفناء بيتنا وأقول لها :هذا الرجل جبار لا يخاف جنيا ولا شبحا,فكيف أعصاه,إنه يرهبني ,ويشلني بخوفه علىّ .,وما إن مال الظهر واستلم الوالد عصاه,حتى خيل إلى -من سفاهة -أن العصا لم تعد لمن عصى,وأن بالإمكان الانطلاق إلى كل مكان ومع أي كائن كان,فحملت نزار ونجيب محفوظ ,وفقد القديم سطوته,وانخفض صوته,وتيبس سوطه وفي الخامسة والخمسين, داهمه ما يمسك الذراع ويثقل الشفة,وقاتل الله الشلل النصفي الذي يهيء الجسد للجلطة.وما بين جلسة علاج طبيعي ووصفة عطار,تحول الجبار إلى صورة مؤلمة. رجل يبكي كلما طلب شيئا,ويتودد كلما أراد شيئا,ومضى زمان إعطاء الأمر بمجرد النظر و أَخْذِ الكتاب بقوة ,وتصفح سور الرب وآياته,وكأن هاتفا يزور مع كل فجر فيوقظني الحزين على قوته,بنغزة من عصاه,وبهدوء يعرف الصلب ما يريد الظهر,فأسرع وأمسك النسخة التي جاء بها من الحج فأتلو,وأتعمد أحيانا التلعثم حتى يستيقظ ذلك العقل الذي حفظ الكتاب ورتله وهو ابن سبع سنين,وألتفت للصوت المصحح الدافيء,فيشرح ويفسر,ولكن في نحيب متقطع., يُهد قواي بضعفه,تماما كما أشعل فتوتي بجرأته. في نظري هذا عجز الرجال..أما من في السماء عرشه وفي الأرض سلطانه فلا يصيبه عجز فكان الله في عليائه ينظر ويرأف,وبعد عامين جاءنا صيف نتلقط حبات عنبه و منفردا وسطنا يمسح قطرات تعبه,وعند المساءاستقام وقام واستلم بذراعين صحيحتين كتابا,لا يغسله الماء,اختار منه الواقعة والرحمن,عل الرحمن يرحم واقعته التي لا محالة دنت وتدلت,ولم يبق في الدنيا غير طلبين,شربة ماء ورؤية الصغير,ولم أره.. و كنت بعيدا ,و كان رب المغفرة قريبا يرى. اثنتان وعشرون سنة, ولم تزل رائحتك تسكنني. أنا الولد الصغير أعتذر, فهل تقبل في ذكرى انتقال عطر الروح إلى سماء باري الروح, اعتذار اليتيم ....كعادتك ,,أنا هرمت يا( بويا).