لا أحد ينوي أن يجيب ولا أحد مهتم، لكن لا بأس من السؤال طالما هو حق الناس في المعرفة، من الذي يكتب خطب الرئيس مبارك؟ السؤال بمناسبتين، الأولي هي خطابا الرئيس مبارك في عيدي العلم والشرطة، وقد تكررت وتأكدت فيهما لغة مختلفة من حيث الاعتراف بوجود مناخ طائفي في مصر ومن مخاطبة للمثقفين والمفكرين بالدخول في هذه المنطقة للتنوير طبعا أو للتطهير مثلا، وكذلك هذا الهجوم النقدي علي أداء مؤسستي الأزهر والكنيسة وغياب الخطاب الديني المستنير عن رجالهما. الخطابان عكس كل ما كان يقوله الرئيس مبارك في سنوات حكمه من أن كل شيء تمام والعلاقات بين المسلمين والأقباط كالمحجة البيضاء، ثم هو مخالف تماما لما يقوله مسئولو حكمه عن أن الوضع زي الفل الأبيض، من هنا يبدو القلم الذي كتب الخطابين مختلفًا أو أن تأثيرًا جديدًا في هذه المسألة قد طرأ علي الرئيس وإن كان لا يوجد أي شيء علي الإطلاق يشي بأن هناك أبعد من مجرد الكلام في الخطابين، خصوصا أن تعليمات صدرت للإعلام الحكومي والخاص بالصمت المطبق المطلق عن الاهتمام بهذه النقاط الجريئة في خطابي الرئيس وكأنه لم يقلهما. المناسبة الثانية هي خطاب الاتحاد الذي ألقاه أوباما منذ أيام، وهو أهم خطاب سنوي للرئيس الأمريكي، وليس مهمًا هنا ما قاله الرئيس الأمريكي في الخطاب، فأوباما حليف إسرائيل وداعم ونصير الرؤساء المستبدين العرب لن يزيدينا مهما قال إحباطا منه، ولن يغرينا مهما زعم بالإعجاب به، لكن الأهم في هذا الخطاب هو ما نشرته الصحف الأمريكية عن تفاصيل كتابته، فقد كان فريق عمل أوباما يعقد اجتماعات حول حال الاتحاد منذ بداية ديسمبر الماضي؛ وهو الفريق الذي يرأسه مساعده ديفيد أكسلرود، وكاتب الخطب جون فافرو، والمستشار السياسي مونا سوتفين. وقد أوصت نحو 20 هيئة حكومية بتضمين خطاب الرئيس بعض العناصر، ومر كل سطر من الخطاب علي نحو ست مرات من التعديل والتدقيق والمراجعة من قبل فريق من المحامين. وقام فافرو وبين رودز بتضمين تلك النقاط في مسودة متماسكة أعطوها للرئيس أوباما في بداية الشهر الحالي. شايف الاهتمام، ثم الجماعية والدقة، ثم الشفافية والوضوح! فارق هائل بين طريقة الكتمان والتستر والغموض التي تدير بها الرئاسة المصرية أمورها وسياستها وبين أي دولة ديمقراطية في العالم، فنحن لا نعرف مستشارين للرئيس مبارك في أي ملف أو موضوع، لا نعرف أسماءهم ولا أنهم موجودون أساسا، أم أنه يعتمد علي تقاريره الأمنية ومناقشاته الشفوية مع وزرائه أو رئيس وزرائه بدليل أن الرئيس قال إنه لم يحسم قانون الضرائب العقارية رغم أنه صدر فعلا عن مجلس الشعب، ثم عاد بعد أيام وقال عن نفس القانون إنه مرن وتمام!.. من الذي استشاره الرئيس في المرة الأولي ومن أشار عليه في المرة الثانية؟ ولاحد عارف حاجة! وما ينطبق علي مستشاري الرئيس يجوز علي الذين يكتبون خطب الرئيس، هم في الأغلب يتغيرون ولكن لا نعرفهم، ولا يُسمَح لهم بالتصريح بأنهم كتبوا ويكتبون خطبه، وفي الساحة الإعلامية نعرف أسماء منهم ولكنهم مؤقتون بزمن وبمناسبات. قد تسألني وما المهم في معرفة كاتب خطب الرئيس؟ أقولك والله عندك حق، يعني كنا عرفنا أي حاجة مهمة لما نعرف دي! ما غلبنا نقول إننا لا نعرف مستشاري الرئيس، ولا طريقة اختياره مسئوليه ومعاونيه، أو أسباب تعيين الوزراء ورحيلهم، وهل هناك محاضر ونصوص ووثائق لما يدور في اجتماعات الرئيس مع مسئولي الدول الأجنبية ورؤسائها وملوكها؟ لا شيء قيل. ولا أحد قال. ومن ثم أنا آسف.. يكتب اللي يكتب للرئيس وربنا يوفقه!!