هل تستطيع أن تقرأ شيئاً آخر سوي لهاث الإعلام بجناحيه الحكومي والخاص ومع اختلاف الدرجة في التمهيد لجمال مبارك بوراثة عرش مصر أو في حالة رغبة الرئيس في البقاء فإن الاتجاه هو مباركة التمديد للمدة السادسة للرئيس «مبارك».. أغلب الظن أن الثانية هي الأقرب للصحة لأن زيادة نشاط الرئيس في الأسابيع الأخيرة تؤكد رغبته في استكمال المسيرة ليصل إلي رقم 35 عاماً رئيساً، هذا إذا لم يفكر في الاستمرار إلي المدة السابعة.. كل المثقفين والفنانين والسياسيين والإعلاميين يعلمون أنهم في طريقهم للاختبار الحقيقي يا أبيض يا أسود لا مجال للرمادي.. عليك أن تحدد موقفك ولهذا دائماً هناك سؤال يتردد في كل البرامج يريدون إجابة واضحة أين أنت وإياك أن تقف في المنطقة الرمادية لأن الدولة تطبق قانون من ليس معنا فإنه علينا.. أتذكر أن «أحمد ماهر» وزير الخارجية السابق كان ضيفاً علي برنامج «48 ساعة» سأله «سيد علي» من يختار رئيساً للجمهورية بين «عمرو موسي» و«محمد البرادعي» قال إنه لا يعرف «البرادعي» كثيراً ولكنه ينحاز إلي «عمرو موسي»؟! كان السؤال واضحاً والإجابة لا تحتمل اللبس ولم يكن الرئيس «حسني مبارك» أو ابنه مطروحان في الحسبة.. علي الفور التقطت الخيط «هناء السمري» ووضعت ضيفها في مواجهة المدفع سريع الطلقات ماذا لو تقدم مرشح الحزب الوطني أي ماذا لو كان «حسني مبارك» أو «جمال مبارك».. بالطبع ما الذي ننتظره من وزير سابق اختبر الدولة ويعلم ما لديها من أسلحة سوف يثبت علي الفور ولاءه للرئيس أو لابن الرئيس؟! لماذا نضع الجميع علي الهواء في هذا الموقف؟ المسئول سواء أكان داخل السلطة أم خارجها نعلم أنه دائماً علي المحك.. لقد بات هذا السؤال الإجباري في كل اختبار إعلامي لمعرفة النوايا لمن تمنح صوتك والإجابة النموذجية التي يرددها الإنسان النموذجي إذا دخل الرئيس إلي المعركة الرئاسية فإن العين ما تعلاش ع الحاجب ولن يتقدم أحد ضده نظراً لتاريخه الحافل.. لن تجد تلك الإجابة يرددها فقط مذيعو التليفزيون الرسمي ولكن الإجابة يعلنها أيضاً أغلب مذيعي برامج «التوك شو» في برامج الفضائيات الخاصة وهي أن الرئيس فوق مستوي التنافس.. لا يجوز أمام تاريخ الرئيس أن يجرؤ أحد علي أن يفكر في أن يعبر خط المسموح، الرئيس المقدس بالطبع لا يقترب منه أحد ولكن هنا يأتي السؤال الثاني وهو لو لم يرشح الرئيس نفسه أي أن «جمال» هنا فقط مسموح بالمقارنة ولكنها أيضاً تنتهي إلي هذه الإجابة التقليدية النموذجية وهي أننا نعيش عصر الديمقراطية وأن من حق ابن الرئيس أن يتمتع بحقوقه الدستورية ويدخل الانتخابات مثل زيد وعبيد حتي ولو كان هو ليس مثل زيد وعبيد والناس حرة في آرائها رغم أن الحقيقة الماثلة أمام أعيننا أننا نعيش في ظل مجتمع مسيطر عليه من قبل الدولة ولو تابعت كل الاحتجاجات والتظاهرات لاكتشفت أنها تبحث عن مكاسب اقتصادية فئوية وعن لقمة العيش ولكن لا يوجد هم سياسي يؤرقهم.. الكل مشغول بدائرته الخاصة بل إن هذه المظاهرات كثيراً ما تستنجد بالرئيس أو ابن الرئيس أو زوجة الرئيس أي أن الحاكم أو العائلة في النهاية هم الملاذ الأخير.. هذه المظاهرات تحمل في عمقها ترسيخاً للوضع السياسي القائم بل القادم!! المنظومة الإعلامية تلعب في ظل هذه المفردات التي لا تترك مجالاً سوي للتأكيد علي أن الاختيار صار بين الأب والابن ولهذا اهتزت الأرض بمجرد طرح أسماء أخري لولا أن الدولة وأعني بها الرئاسة تحديداً وجدت أن الهجوم الضاري ضد «البرادعي» يهز صورتها، ولهذا جاءت التعليمات الصارخة بالتوقف لنكتشف أيضاً إلي أي مدي أن الإعلام كله تحت السيطرة فلقد توقفوا عندما جاءت لهم تعليمات.. ما المطلوب الآن من كل الأطراف الفنان والمثقف ورجل الأعمال والمسئول الحالي والسابق كلهم مع اختلاف الدرجة ليس من صالحهم أن يتجاوزوا الخط.. الفنان هل هو قادر علي أن يعلن رفضه مثلاً للتمديد أو للتوريث.. الحقيقة هي لا ولهذا يسارع بالتأكيد بتساوي الجميع «عادل إمام»، «الفخراني»، «نور الشريف»، «حسن يوسف»، «حسين فهمي».. ما الذي نتوقعه سوي نفس الإجابة.. البعض يكتفي بالإجابة إذا سؤل والبعض مثل «عادل إمام» يسارع بالإجابة قبل أن يسأله أحد.. الإعلام يلعب في تلك الدائرة هؤلاء النجوم هم قادة الرأي ولهذا تصبح الإجابة بمثابة توجيه غير مباشر لمعجبيهم بأن عليهم أن يحذو حذو هؤلاء النجوم مذيعي التليفزيون، مجبرون جميعاً علي أن يلعبوا هذا الدور.. لن يخرج أحد بعيداً عن الصف. مسموح بقدر من الشغب علي خفيف ومع اقتراب ساعة الصفر فإن الشغب سيصبح في نطاق التحريم بل والتجريم وكل مذيعي البرامج يعلمون أن بقاءهم في مواقعهم مرهون بأن يظلوا داخل تلك المنظومة لا مساحة للخروج ولو قيد أنملة خارج الصف.. وكلما اقترب الموعد صارت العيون ترقبهم أكثر.. لا أشك لحظة في أن الإعلام المصري بجناحيه تحت السيطرة تماماً علي المستوي السياسي وأنه سوف تتم مبايعة عامةمن القنوات كلها الخاصة قبل العامة.. وذلك بعد أن تدق ساعة العمل التوريثي أم التمديدي!! وتبقي ملاحظتان.. أولاً أعتذر للقراء عن غياب الباب الأسبوعي «بورتريه» الذي اقتربت عدد حلقاته من رقم 100 بورتريه فلقد اقترحت علي الأستاذ «إبراهيم عيسي» رئيس التحرير ووافق علي اقتراحي أن نكتفي بنشر الباب شهرياً نظراً لأن الأحداث الأسبوعية تتلاحق و«بورتريه» بطبعه يحتمل الانتظار شهراً.. الملحوظة الثانية أن عنوان «كلمة ونصف» هو اسم مجلة ظهرت في الأربعينيات ورأس تحريرها عمي الشاعر والكاتب الكبير «مأمون الشناوي» ووجدت أن العنوان جدير بأن نعيده مرة أخري علي صفحات «الدستور الأسبوعي».. أتمني ألا يعتبرها أحد نوعاً من «التوريث»!!