لا أحد ينكر أن طلة عمرو عبدالجليل الكوميدية لم تكن تخطر علي بال جميع مشاهديه، فهذا الوجه الكوميدي الطازج الذي أتانا به الرجل لم يلمحه سوي المخرج خالد يوسف، ولم يكن أحد يعرف أن «النسخة الضاحكة» من عمر عبدالجليل والتي ظلت بعيدة عن خيال جميع المخرجين الذين تعاملوا معه بمن فيهم يوسف شاهين نفسه سوف تكون هي عنوان انطلاقته الكبري في عالم البطولات السينمائية. إبراهيم توشكي بطل فيلم «كلمني شكرا» هو الدور الكوميدي الثالث لعمرو عبدالجليل مع خالد يوسف بعد دوريه في فيلمي «حين ميسرة» و«دكان شحاتة»، الميزة هنا ليست في أن خالد يوسف استغني عن القوالب الجاهزة التي يضع الممثل نفسه فيها ويظل يعيش فيها حتي نهاية حياته، ولكن لأنه نجح بالفعل في تقديم وجه مختلف ومتميز لهذا الفنان من خلال نوع كوميديا تفرد به وأصبح ماركة مسجّلة باسمه، يحسب لخالد يوسف أيضا أنه كان مخلصا لمهنته كمخرج، والتي من أبجدياتها أن يري شيئا في من أمامه لا يراه غيره. يسري نصرالله أيضا من هؤلاء المخلصين لرؤية المخرج الذي من واجبه أن يلتقط شيئا ما خاصا في وجه الفنان وأن ينسي تماما تلك الوجوه المحروقة التي يظهر بها. شاهدنا مع يسري نصرالله حسين الإمام مختلفا تماما من خلال دوره في فيلم «إحكي ياشهرزاد»، وإن كان قد أدي شخصيته بالفيلم بشكل لم يخل من الكوميديا، وهي صفة عرف بها دوما، لكن كوميديا حسين الإمام في هذا الدور كانت أكثر هدوءا وأكثر رصانة وأجمل بكثير، وقدم شحنة تمثيلية مفاجئة فعلا خصوصا في مشهده بالمطعم مع سوسن بدر. نسينا تماما مع هذا المشهد حسين الإمام الضاحك علي طول الخط وبلا سبب في معظم الأدوار وفي أدوار غالبا لم تكن تضف له شيئاً. قدم محمد خان أيضا في عام 2007 مفاجأة من هذا النوع مع نجوي مدرسة الموسيقي القادمة من المنيا، وهي شخصية هادئة.. حالمة.. وحقيقية جدا، وأدت دورها غادة عادل ببراعة وبإتقان بعد أن كنا لا نعرف سوي غادة اللذيذة الخفيفة التي تظهر بوجه جميل وبأداء جميل أيضا، لكن في أدوار ذات نمط لا يتغير، فقط حاولت معها ساندرا نشأت من خلال دورها في فيلم «ملاكي إسكندرية» لكن المحاولة لم تكن بهذا العمق الذي ظهرت به في فيلم «في شقة مصر الجديدة» مع محمد خان، أيضا ابتعد مجدي أحمد علي عن تيمة الاستسهال تماما حينما اختار عزت أبو عوف لدور الأب في فيلم «أسرار البنات» الذي قدمه في عام 2001، وهو من الأدوار النادرة المختلفة التي قدمها عزت أبوعوف، يضاف إليها دوره في مسلسل «الملك فاروق»، لكن رؤية مجدي أحمد علي لعزت أبو عوف في هذا الدور تحسب له جداً، خصوصاً وأن أدوار عزت أبو عوف قبل هذا الدور سواء في السينما أو في التليفزيون كانت تقليدية جدا، فهو يظهر غالبا في دور الرجل الأرستقراطي وإن تخلي عن الأرستقراطية فهو يقدم أيضا دورا سطحيا، لكن الجرعة الإنسانية المكثفة التي ظهرت بفيلم «أسرار البنات» أكدت أن الوجه الآخر للفنان يكون غالبا أكثر جمالا وأكثر بريقا، لكن الأمر يحتاج دوما لمخرج يري بعين مختلفة