«أنا عندي أخلاق»؟! سؤال قد تسأله لنفسك أثناء وقوفك الصباحي أمام مرأة الحمام وأنت تحلق ذقنك وسوف تندهش كثيراً عقب تردد أصدائه داخل عقلك الجميل.. فبمجرد ذكر كلمة أخلاق بداخل إدراكك.. وبمجرد الضغط علي خلية البحث المختصة بالكلمة داخل المخ.. سوف تظهر لك العديد من مواقع الذكريات وسوف تصطف أمامك فايلات خلايا مخك المحتوية علي تفاصيل من حياتك لها علاقة بالكلمة المذكورة.. والذي سوف يدهشك.. ليس اكتشافك إنك ما عندكش أخلاق أو عندك.. ولكن الذي سوف يدهشك في الحقيقة.. أنك بعد مراجعتك لكل تلك المواقع من الذكريات.. وبعد إطلاعك علي كل تلك الفايلات المخية التي تحكي تجربتك في الدنيا الفونيا.. لن تستطيع تحديد ما إذا كان عندك أخلاق ولا ماعندكش.. ودا مش لأنك عيل عَوَء وشلحلجي ومش بتاع أخلاق.. لا.. حاشا لله.. ولكن لأن ماحدش أصلاً.. يعرف بالتحديد وعلي وجه الدقة.. إيه هي الأخلاق! الأخلاق.. هل تعني أن البني آدم منا يبقي خام وخجول وماعندوش تجارب وسهل أي حد يشتغله.. ولو شاف قدامه بنت حلوة.. يعرق.. ويتلجلج في الكلام.. وخدوده وطراطيف ودانه يحمروا.. أم أنها تعني أن البني آدم منا يبقي متسق مع نفسه.. وحقيقي للدرجة التي تؤهله لأن يفصح عما بداخله لأي حد بدون الخوف من أي حاجة؟! الأخلاق.. هل تعني إطلاق العنان لرغباتنا ونزعاتنا وتجاربنا.. ومحاولة التعلم وفهم الحياة.. أما أنها تعني إننا نفضل نعمل حساب للناس وحساب لكلامهم وآرائهم المتناقضة حتي نكتشف في النهاية إن سارتر كان عنده حق لما وصفهم بأنهم الجحيم الحقيقي؟! عشان نبقي أخلاق.. ماذا ينبغي علينا أن نفعل؟! نرضي أنفسنا.. أم نرضي الآخرين؟! وأي معيار ينبغي علينا أن نقيس به تصرفاتنا وأفعالنا لتحديد ما إذا كانت أخلاقية ولا لأ؟ هل هو المعيار البشري الذي اتفقت عليه البشرية التي لم تتفق علي شيء أصلاً؟! هل هو معيار الطبيعة التي يقول عنها «تنسون» الشاعر الإنجليزي أنها «ملطخة بالدماء ناباً ومخلباً» علي أساس أنها كثيراً ما انتصرت للوحشية والخداع.. علي حساب الحب والرحمة؟! هل هو معيار التاريخ الذي يؤكد أن البقاء للأقوي.. سواء علي مستوي الأفراد أو الدول أو الحضارات؟! هل هو معيار الفضيلة التي لا يمكننا أن نضع لها تعريفاً جامعاً مانعاً يتفق عليه جميع سكان الكوكب.. بخلاف ما قاله «جبران خليل جبران».. عندما «قفش» الحقيقة من «عنفقتها» وقال.. «إن اسمي الفضائل في عالمنا.. أدناها في عالم آخر»! جميع الفلاسفة والمفكرين والأدباء والحكماء والعباقرة أفنوا أعمارهم في محاولة فهم المشكلة الأخلاقية ومحاولة الوصول إلي حل لها.. وكل ما فيلسوف منهم يدلي بدلوه في الموضوع.. ييجي فيلسوف تاني بعده يدلي بدلوه هو الآخر ويقول رأياً مناقضاً لرأي الفيلسوف اللي قبله.. لهذا.. دعوني انتهز فرصة تلك الزحمة الفلسفية.. وأدلي بدلوي أنا كمان (علي أساس إنها ماجاتش يعني علي الدلو بتاعي).. الأخلاق.. أن تصدق نفسك.. وتفعل طوال الوقت ما أنت مؤمن به فعلاً.. وألا تؤذي أحداً.. وأن تخوض تجربتك في الحياة حتي النهاية.. بحثاً عن أسطورتك الذاتية التي من أجلها جئت إلي تلك الحياة! أما بالنسبة للتساؤل حول تعريف الأخلاق.. وإيه هي علي وجه التحديد.. فيمكنكم أن تحصلوا علي الإجابة عبر أغنية «مانسون» - زعيم الهيبيز - تلك الأغنية الجميلة والحزينة والصادمة.. «الأخلاق.. الأخلاق.. الأخلاق.. لا تُهِم علي الإطلاق»!