واحد من أصدقائي الأذكياء نوَّر عيني علي تفسير مختلف ل «ظاهرة الأفلام الجنسية» التي تجتاح السينما حاليًا. كنت كلما هاتفني زميل يجري تحقيقًا عن «الظاهرة»، أو سألني قارئ يتوسم في المعرفة، عن الأفلام أو الإعلانات التي تحمل قدرًا «غير مقبول» من الجنس، أجيب بأقوال متنوعة حسب السؤال وطريقة طرحه. أحد الحوارات الظريفة دارت مع زميل طلب مني تحليل أفلام المخرجين خالد يوسف وهاني جرجس فوزي والجنس غير الموظف فنيا في أفلامهما، فسألته: هل اعتراضه علي الجنس أم علي المستوي الفني؟ فقال: الاثنان، فسألته: هل معني ذلك أنك توافق علي عرض أفلام تحتوي علي مشاهد جنسية إذا كانت موظفة جيدا؟، فتردد وفكر ثم قال: إنه لا يوافق، فقلت له: مشكلتك إذن في وجود مشاهد عري أو جنس سواء كانت «مجانية» أو موظفة.. وأنت تطلب مني أن أنتقد هذه الأفلام فنيا حتي تبرر هجومك علي جرأتها. بصراحة، ليس لدي اعتراض علي وجود مشاهد عري أو جنس في الأفلام لأن الرقابة علي المصنفات في مصر تقوم بواجبها وزيادة حبتين، ولن أكون أكثر تخلفا من الرقابة.. عيب. لكنني بالطبع ضد الأفلام السيئة فنيا التي تحتوي علي مشاهد لا هدف لها سوي مغازلة أسوأ أنواع الجماهير، سواء كانت مشاهد جنس أو كوميديا أو أكشن أو سياسة أو مواعظ أخلاقية.. كل شيء قابل للاستغلال، الذين يستخدمون شعارات السينما النظيفة لجذب الجمهور إلي أفلامهم التافهة ليسوا أقل دناءة من الذين يستخدمون العري لنفس السبب.. الاثنان يخدعان الجمهور لبيع بضاعتهم الفاسدة. أحد القراء حدثني عن الألفاظ «الخارجة» التي تقال في إعلانات الأفلام، وقلت له: إن المشكلة هي إطلاق هذه الألفاظ علي الفضائيات في حضور الأطفال والكبار الذين قد لا يرغبون في سماع هذه الشتائم أو الإيحاءات الجنسية الفجة، لكنني أيضا لست ضد استخدام أي لفظ في الأفلام بشرط أن يتم تصنيف الأفلام عمريا وطبع تحذير يسبق عرضها حتي لا يفرض علي الناس شيئًا لا يرغبون في سماعه أو مشاهدته، وتذكرت فيلم «جنس وأكاذيب وشرائط فيديو»، وهو يحتوي علي ألفاظ في غاية الصراحة، وكان من أوائل الأفلام الصادمة التي شاهدتها في حياتي، لكنه واحد من أرقاها وأكثرها أخلاقية. كنت أخوض مناقشات من هذا النوع عندما قال لي صديقي الذكي إنه استمع إلي حوار لمدير الرقابة الجديد، واستشف منه أن هناك توجها في الدولة لتشجيع هذه النوعية من الأفلام «الجنسية».. وبدأ يعدد الأسباب التي تدفع الدولة إلي تشجيع الانحراف، وكنت أنظم أفكاري للرد عليه عندما خطر ببالي أنني ضيعت عدة ساعات من يومي في مناقشة هذا الموضوع بينما نجع حمادي تحترق والحرب الأهلية علي الأبواب والكوارث تضرب البلد دون أن تجد من يتصدي لها وأمين التنظيم يسعي لاستصدار قانون يحلل بيع الآثار.. فنظرت إلي صديقي بعمق وقلت له: «عندك حق»!