بداية ننضم لرأي النخبة التي تنادي بضرورة تعديل الدستور خاصة المواد 76 و77 و88، وحتي لا نطيل علي القارئ العزيز نعرض سريعا لهذه المواد: المادة «76» هي الخاصة بالشروط التعجيزية لمن يرغب أن يرشح نفسه لانتخابات رئاسة الجمهورية، أما المادة رقم «77» فهي الخاصة بمدة حكم رئيس الجمهورية، حيث جاء النص علي أنه يجوز انتخاب رئيس الجمهورية لمدد أخري، ونحن نطالب بأن تكون كالآتي: «مدة الرئاسة ست سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب، ويجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدة أخري»، وذلك بدلا من كلمة «مدد أخري»، وأيضا حذفنا كلمة «استفتاء» وأضفنا بدلا منها كلمة «انتخاب»، أما المادة رقم «88» فهي الخاصة بالإشراف القضائي: نطالب بتعديلها، وإعادتها إلي ما كانت عليه قبل التعديل الأخير لتكون كالآتي: «يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب ويبين أحكام الانتخاب والاستفتاء، علي أن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية»، حيث إن تعديل هذه المادة من المؤكد سيعطي انطباعاً لدي الناخب بأنك تحترم رأيه ولكن دون إجراء هذا التعديل ستخسر الرأي العام المحلي والرأي العام العالمي، حيث إننا نعرف كيف تدار الانتخابات عندما تكون تحت إشراف الموظفين التابعين للدولة وبالتالي يتم تزوير الانتخابات لصالح مرشحي الحزب الوطني، وهذا سبب من أسباب كراهية الشارع السياسي للحزب الوطني وقياداته، وإنني أري ضرورة إجراء هذا التعديل حتي لا نتعرض إلي الرقابة الدولية علي انتخابات مجلس الشعب المقبلة وعلي انتخابات الرئاسة أيضا ومدي الفضيحة التي سنتعرض لها في ظل انتخابات مزورة. وحيث إنه وفقا لنص المادة 189 من الدستور يجوز لرئيس الجمهورية ولمجلس الشعب تعديل الدستور، وقد استعمل السيد رئيس الجمهورية هذا الحق وقام بتعديل 34 مادة من الدستور فلماذا لا يقوم مجلس الشعب بتقديم اقتراح بتعديل الدستور خاصة المواد المذكورة، حتي يشعر المواطن أن مجلس الشعب قدم شيئاً له بدلا من «موافقون.. موافقة؟!». واللوم هنا يقع علي عاتق مجلس الشعب ورئيسه أستاذنا الدكتور فتحي سرور وليس علي عاتق الحكومة. وحيث إن مجلس الشعب لم يتقدم باقتراح لتعديل الدستور لذلك نطالب الحكومة بتفعيل واحترام مواد الدستور، وأهم هذه المواد: 1- المادة 23 من الدستور التي نصت علي الآتي: «يُنظم الاقتصاد القومي وفقا لخطة تنمية تكفل زيادة الدخل القومي وعدالة التوزيع ورفع مستوي المعيشة، والقضاء علي البطالة وزيادة فرص العمل، وربط الأجر بالإنتاج، وضمان حد أدني للأجور، ووضع حد أعلي يكفل تقريب الفروق بين الدخول»، والذي يهمني هنا هو الجزء الأخير من المادة وهو وضع حد أدني وحد أعلي يكفل تقريب الفروق بين الدخول، فكلنا نعلم مدي الفجوة بين الدخول حيث إن هناك موظفاً عاماً يتقاضي راتبا شهرياً قدره ثلاثمائة جنيه، وأيضا هناك موظف عام يتقاضي راتباً شهريا قدره ثلاثمائة ألف جنيه، ولكن الأخير موظف بدرجة وزير أو محافظ أو رئيس مجلس إدارة بنك أو أي مؤسسة كبري أو رئيس شركة قابضة أو رئيس مصلحة الضرائب أو ما شابه ذلك. السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا تُفعل هذه المادة خاصة أن الرئيس مبارك عندما قام بتعديل 34 مادة من الدستور لم يقترب من هذه المادة إذن هو أراد احترامها وتطبيقها؟! 2- المادة 26 من الدستور التي نصت علي الآتي: «للعاملين نصيب في إدارة المشروعات وأرباحها، ويلتزمون بتنمية الإنتاج وتنفيذ الخطة في وحداتهم الإنتاجية وفقا للقانون، والمحافظة علي أدوات الإنتاج واجب وطني، ويكون تمثيل العمال في مجالس إدارة وحدات القطاع العام في حدود خمسين بالمائة من عدد أعضاء هذه المجالس.. إلي آخر المادة». أولا: هذه المادة لم تلغ ولم تعدل في التعديلات الدستورية الأخيرة التي أطلقها الرئيس مبارك، إذن هو أراد احترامها وتفعيلها، فهي بلا شك تتحدث عن ضرورة المحافظة علي أدوات الإنتاج التي تتمثل في القطاع العام مثل مصانع الحديد والصلب والأسمنت والنسيج وخلافه وهي صناعات ثقيلة ولها وزنها، فبدلا من أن تحافظ عليها الحكومة قامت ببيعها بأبخس الأسعار المشبوهة جدا بل المستفزة جدا عن طريق الخصخصة، وأنا شخصيا ضد طريقة إدارة شركات القطاع العام ومع الخصخصة، ولكن للخصخصة عدة طرق منها البيع وهو مخالف لدستورنا، ومنها الإيجار وقد اتبعته الدولة في بعض القطاعات وأثبت نجاحه، ونضرب مثالا ناجحًاً للخصخصة عن طريق التأجير، حيث قامت الدولة بتأجير شركة منيا القمح للغزل بإيجار سنوي قدره تسعة ملايين جنيه لأحد المستثمرين، وعندما انتهي عقد الإيجار كان من الممكن زيادة القيمة الإيجارية عن ذلك المبلغ إلا أن الدولة فضلت بيع الشركة بأبخس الأسعار حيث تم بيعها إلي شركة مصر إيران للغزل بمبلغ ثلاثين مليون جنيه، هل يعقل بيع شركة بمقابل إيجار ثلاث سنوات؟!! فلماذا لا تكون الخصخصة عن طريق تأجير مشروعات القطاع العام حيث إنه في هذه الحالة سيكون عائده أكبر وفي الوقت نفسه نكون قد احترمنا دستورنا، وحافظنا علي أدوات الإنتاج كما جاء بنص المادة 26 من الدستور؟!.