مازال زخم الثورة يملأ جو مصر من أدناها إلى أقصاها ، ومازال الثوار يسعون بقوة من أجل تحقيق باقى أهداف الثورة. ويمكننى أن أعلن على الملأ أننى على يقين من أن ثورتنا العظيمة – بإذن الله - ستحقق لشعبنا الصبور الكرامة ، والحرية ، والعدالة ، والديمقراطية ، وحقوق الإنسان . أما هذه الثورة المضادة – والتى نعانى منها كل يوم - فستنتهى إلى العدم ، بل وسنحاكم كل من يقف ضد حرية الشعب ، ويعيق عودة حقوقه المسلوبة . وفى يوم الجمعة الماضى كان ثمة صور مهمة ، جديرة بالنظر والتأمل ، فأمام نصب الجندى المجهول ، وبالقرب من مقبرة الرئيس الراحل أنور السادات ، تجمع عشرات من المواطنين ، لا يزيدون عن مائة ، أو مائتين على أكثر تقدير ، وحولهم الضباط والعساكر ، وكانوا يهتفون للجيش ، ويهتفون كذلك للمجلس الأعلى ، بل وللمشير شخصيا ! وقد أطلقوا على ما يفعلونه اسم " جمعة رد الجميل للجيش " ، وقد انضم إليهم رئيس الوزراء بنفسه ! وكنت أتمنى على د. عصام أن يزور ميدانالتحرير أيضا ، مادام قد قرر أن ينزل إلى الناس فى الشارع . ففى نفس الوقت كان هناك عدة آلاف من المواطنين يتجمعون فى ميدان التحرير من أجل استمرار زخم الثورة ، والضغط الشعبى على من يحكمون مصر الآن ، من أجل ماذا ؟ هذا هو السؤال الذى يمكن أن يقوله لك من هو بعيد جدا عن الأحداث ! فهل يمكنك أن تتصور أن فى مصر الآن من هم بعيدون تماما عن متابعة الأحداث ؟! فى ميدان التحرير كان هناك مجموعة رائعة من شبابنا الأبطال الذين فقدوا عيونهم فى أيام الثورة ، أى فقدوا عيونهم من أجل مصر ، فماذا قدمت لهم حكومة د. عصام شرف ؟ الإجابة المؤلمة هى : لا شىء على الإطلاق !!! وثمة مجموعة أخرى من أهالى المعتقلين قبل الثورة ، وأهالى المعتقلين بعد الثورة ، بالإضافة إلى أهالى ضباط الجيش المعتقلين فى أحداث فجر يوم السبت 9/4 . فلا أحد يعلم شيئا عن المعتقلين ، ولا كيف سيتم التعامل معهم ، ولا أحد يجيب الناس عن تساؤلاتهم بخصوص أولادنا المعتقلين سياسيا ! وفى ميدان التحرير أيضا مجموعات أخرى تتحدث عن خيبة آمالها فى حركة المحافظين الأخيرة ! وعن سيطرة الحزب الوطنى ( المنحل ) على شئون المحليات فى المحافظات كافة ! وعن فساد رؤساء الجامعات ، وعمداء الكليات المعينون من قبل أمن الدولة ، هذا الجهاز البشع الذى تغير اسمه ! وثمة ضيق من طريقة د. يحيى الجمل ، ومن تشكيله للمجلس القومى لحقوق الإنسان ! فمتى سنتخلص من د. الجمل وأمثاله ؟! وتتشعب أحاديث الناس فى الميدان ، حتى تصل إلى درجة التعجب من اهمال حكومة شرف لأزمة محافظة قنا ! فإلى متى تتجاهل القاهرة معاناة الأقاليم ؟ ولماذا نتأخر هكذا فى معالجة مشكلات فى غاية الخطورة ؟! ومتى نسمح لشعبنا أن يختار من يحكمه ؟! هذه مجرد صفحة واحدة من كتابى عن ثورتنا العظيمة ، ومن ثم لا مانع من وجود نغمة مختلفة بعض الشىء عن نغمات سيمفونية الثورة ، لكنها جزء من طبيعة المرحلة الانتقالية التى تمر بها مصر الآن ، إذ إن الطريق شاق وغير ممهد ، لكن الأهداف واضحة ونبيلة ، والمولى عز وجل يبارك ثورتنا من أول يوم ، ومن ثم سنحقق أهدافها جميعا بالتخطيط الدقيق ، والإرادة الصلبة ، والعمل الخلاق.