من أكثر مظاهر الفوضى التى تثير القلق تعدد مظاهرات رجال الشرطة سواء أكانوا ضباطا أم أمناء، ففى يوم الثلاثاء 22 مارس تظاهر أمناء الشرطة أمام وزارة الداخلية وانتهى الأمر إلى حريق التهم إدارة الاتصالات بالوزارة وهو نفس ما حدث منذ أسابيع عندما قام الأمناء المفصولون بمظاهرة للمطالبة بعودتهم للعمل وأيضا اشتعلت النيران فى مبنى تابع للداخلية ،ألا يثير ذلك العديد من علامات الاستفهام ورغم ذلك يخرج مساعد وزير الداخلية ليصرح بأن الحريق نتيجة ماس كهربائى ،وكأن الماس ينتظر مظاهرة أمناء الشرطة ليحيل المكان إلى حريق ، ومما لا أجد له تفسيرا تصريح مساعد وزير الداخلية انه كان مجتمعا مع مجموعة من الأمناء المتظاهرين مساء اليوم السابق للمظاهرة لبحث مطالبهم ،فلماذا إذا كانت المظاهرة ما دام الوزير قد وافق على مطالبهم ،ألم يكن من الأفضل أن يتم بحث مطالبهم فى هذا الاجتماع ويقرر الوزير الموافقة بدلا من هذه المظاهرة والتى آدت للحريق وتعطيل المرور ثم أيضا ينتهى الأمر بموافقة الوزير على المطالب. وإذا أضفنا لذلك وحتى تكتمل الصورة ما حدث قبل هذه المظاهرة بيوم من الهجوم على قسم للشرطة بالإسكندرية من جانب أهالى الشهداء احتجاجا على إطلاق سراح ضباط متهمين بإطلاق النار على المتظاهرين وهو ما أدى إلى إعادة إلقاء القبض عليهم ،ومن قبل ذلك ما حدث لمقرات أمن الدولة من حرق وفرم لأوراقها ثم هجوم الأهالى عليها ،هل أصبحت الدولة من الضعف بحيث أن رمز الأمن فيها وهو وزارة الداخلية أصبح مستباحا بالحرائق كل فترة ثم يخرج علينا المسئولين للتصريح بأن الخسائر محدودة وكأن هذه الحرائق اشتعلت فى كومة من أوراق الشجر المتساقطة وليس فى مكان عمل ممتلئ بالمستندات. وهناك المظاهرات من رجال الشرطة فى 6 محافظات فى نفس اليوم ،ما هذا الذى يحدث وما هو تبريره ولماذا لا يوضح المسئولين للشعب ما هى الحقيقة ولماذا يسكتون على كل هذه الفوضى وخاصة أنها تحدث ممن المفترض فيهم حماية النظام العام ،لذلك هناك مجموعة من التساؤلات نطرحها على رئيس الوزراء مثل: 1 – ما هو المبرر لتزايد المطالب والمظاهرات والمطالبة بزيادة المرتبات رغم ما ُأعلن عن زيادة لمرتبات الأمناء فى فترة الوزير السابق ثم زيادة أخرى من الوزير الحالى وهل لن تستطيع الدولة الوقوف بحزم أمام استمرار هذا التزايد فى المطالب كل فترة ،وإذا كان هناك حوالى 300 ألف أمين شرطة وأكثر من ذلك من الجنود فكيف تستطيع الحكومة تدبير كل هذه الزيادات ومعها زيادات الضباط التى يستشهد بها الأمناء فى قولهم أن الضابط حصل على زيادة أكثر من 1000 جنيه حافز والأمين على 100 جنيه فقط وان الضباط قد حصلوا على خمس حوافز متتالية منذ الثورة ،لماذا لا تتوقف الحكومة عن إتباع نفس منهج النظام السابق فى عدم العدالة فى الدخول وفى هذا الفرق الشاسع بين الأدنى والأعلى ،ثم المطلوب وضع نظام مؤقت يراعى أصحاب الدخول الصغيرة فى كل القطاعات وليس الأمن فقط وإلا تحول الجميع إلى التظاهر وترك الإنتاج. 2- هناك مطالب بعضها غير مبرر وبعضها ليس هذا وقته مثل المطالبة بالمصايف والنوادى وترقية كل من يحصل عل ليسانس حقوق إلى ضابط والمطالبة بالمساواة مع ضباط الشرطة فى الرواتب والحوافز ،وإذا استمر الحال على ما هو عليه من الاستمرار فى المطالبات وزيادتها فهل نصل إلى يوم يصبح فيه كل جهاز الشرطة ضباط ،ما هذا الهزل ؟ هل دائما نتحرك بين نقيضين إما أن تكون الإهانة هى مسلك الضباط تجاه من هم فى رتبة وظيفية أقل أو أن نتحول إلى ما يمكن وصفه بعدم الانضباط العسكرى وكيف يمكن تسيير جهاز الشرطة دون انضباط. 3 – ومن أكثر المطالب مدعاة للرفض ذلك المطلب الخاص بعودة المفصولين وإلغاء المحاكمات العسكرية ،فمن المفترض أن هناك محاكمات تمت وأصدرت قرارات الفصل لهؤلاء وبالطبع فإنهم لم يفصلوا لأرائهم السياسية بل لمخالفات جسيمة تستدعى الفصل ولعدم صلاحيتهم للعمل فمن الخطأ الموافقة على إعادتهم للعمل فمعنى هذا أن تتحول الشرطة إلى وكر للفاسدين. 4 – من الظواهر الجديدة والغريبة أن يقوم بعض ضباط الشرطة بتكوين مجموعات يسمونها ائتلاف الضباط ويتفقون على مطالب ،فهل هذا من المسموح به فى ظل الانضباط العسكرى أم أن هذه التجمعات ستكون هى أيضا وسيلة للضغط والتهديد بعدم النزول للعمل إلا إذا تحققت مطالبهم هم أيضا والى أين نحن سائرون فى ظل كل هذه الفوضى. لماذا لا تعترف الحكومة بأن جهاز الشرطة قد انهار وتبدأ فى إعادة تشكيله على أسس جديدة وبنظام واضح من الحقوق والواجبات ولائحة محددة للأجور ومن يقبل ذلك يستمر ومن يرفض فليخرج ،أما هذه الفوضى فستؤدى إلى ضياع الأمن ،ولقد كتبت عدة مرات داعيا إلى الاستعانة بشباب الثورة والخريجين لسد النقص فى رجال الشرطة وخاصة فى الأعمال التى تستدعى الحشد فى مواجهة البلطجة وان يكون معروفا لمن يشارك أن هذا تطوعا وقد يكون بديلا عن الخدمة العامة أو العسكرية ،فلماذا لا تناقش مثل هذه المقترحات بدلا من استمرار هذه الضغوط الغير مبررة. لن تدار الدولة بهذه الطريقة وأعيد المطالبة بأن يخرج رئيس الوزراء ليخاطب كل القطاعات فى الدولة بأن كل من لديه ما يدين القيادات الحالية بالفساد فليقدم ذلك إلى هيئة يتم إنشائها لتدرس وتأخذ قرارا سريعا فيما يقدم لها وانه لا مظاهرات لذلك وليتفرغ الجميع للعمل بعد إقصاء الفاسدين ،وان توضع قواعد عامة تطبق على الجميع بشأن تحسين الأجور وحتى يتم إعادة هيكلة نظام الأجور وبالتالى لن يتم السماح بمظاهرات لذلك تحت دعوى ( اشمعنى غيرنا) وهكذا بالحزم والمواجهة يمكن استعادة الأمن ،أما إصدار قانون وتغليظ العقوبة فقط فلن يؤدى إلى نتيجة.