"مبادرة مشروع النهضة" لم تكن هذه أولى مبادرات الدكتور بهى الدين عرجون فقد تعلم الكثير من مساهمته فى مبادرة المفكر اليسارى الراحل محمد السيد سعيد والتى عرفت بمبادرة " التقدم " عام 1997 , و قدم من خلالها أول برنامج فضاء مصرى يهدف لإكتساب خبرة تصنيع صواريخ مصريه صغيرة الحجم سرعان ما توقف تنفيذ هذا المشروع بعد مرحلته الأولى كنتيجة لإرهاصات النظام الديكتاتورى السابق . و لم يتوقف عرجون عند مبادرته الناجحه التى أكسبته لقب أبو الفضاء المصرى لينطلق بعد توقف برنامج الفضاء لطرح مبادره منذ عام 2009 تسمى " مبادرة مشروع النهضة بمصر " فى كافة المجالات , وسرعان ما اكتسبت هذه المبادره أرضيه مؤيده لها عند إنطلاق التحدث عنها فى بداية 2010 . ووجد عرجون نفسه بعد ثورة 25 يناير أمام ضرورة ملحة لإظهار هذه المبادرة و تطبيقها كثمار لثورة مصر العظيمة , وهو ما جعل الكثيرين من رموز مصر ينضمون لصف عرجون لتطبيق مشروع النهضة من بينهم الدكتور عصام شرف قبل توليه منصب رئيس مجلس الوزراء , وكذلك العالم المصرى فاروق الباز , وهو ما حدا بعرجون للبدء الفعلى لإطلاق دعوه للشباب و المصريين فى كاقة المجالات للوقوف بجانبه لوضع حجر اساس مشروع النهضة . و تحاول " الدستور الأصلى " من خلال لقائها مع عرجون الذى تنشره على حلقتين أن ترسم ملامح عامة وشاملة لهذا المشروع و إمكانية مساهمة المصريين خلال الإعوام القادمة فى تحقيقه. بداية ما هى ملامح مبادرة "مشروع النهضة" التى تتبنى الإشراف عليها؟ عقب عودتى الى مصر عقب فترة عمل بالخارج إمتدت الى 16 عاما كأستاذ فى الهندسة الميكانيكية عدت بعدها إلى جامعة القاهرة عام 1990 كأستاذ فى كلية الهندسة حتى انتقلت الى هيئة الإستشعار عن بعد لتطبيق برنامج الفضاء الذى قمت بإقتراحه فى مبادرة التقدم التى كان يشرف عليها المفكر اليسارى محمد السيد سعيد وعقب توقف البرنامج بعد المرحلة الأولى عام 2006 قمت بالتفكير فى إمكانية تدبير المرحلة الثانية من البرنامج حتى عام 2008, و بعدها عاودت التفكير فى مبادره أخرى أكثر شمولا أطلقت عليها مسمى " مبادرة النهضه " وذلك عقب ظهور ملامح التغيير فى مصر. وبدأت فى إطلاق هذه المبادره كمحاولة للإجابة على سؤال مفاداه كيف تدخل مصر عصر التنوير فى ظل إمكانياتنا الحالية التى تقل عن إمكانياتنا الحقيقية بكثير, وعقب الإنتهاء من التفكير فى ركائزها عام 2010 فى أحد المقالات التى نشرت لى و نالت تأييد كبير من القراء . وأعطت الثورة المصرية العظيمة دفعة قوية لظهور مبادرة النهضه للنور , وتعديل بعض بنود بها فهى عبارة عن صياغة لبرنامج يجيب على تساؤل كيف تصبح مصر دولة عظمى؟ فمصر تستحق وتستطيع أن تصبح دولة عظمى وإقليمية بحجم مساحة أرضها ومواردها و حجم شعبها وحضارته. وحجم مصر الحقيقى 15 ضعف حجمها الحالى وبالتالى علينا الوصول الى حجم مصر الطبيعى , وهو هدف مبادرة النهضة من خلال مجموعه من المحاور تغطى جميع مجالات النشاط الإنسانى فى أى دولة , فإذا ارادت دولة ما من واقع معين الى واقع يتناسب مع قدرتها عليها التحرك على سبع محاور , بالإضافه الى مجموعه من الأصول التى تقوم عليها هذه المحاور كالشجرة التى لها جذور وأفرع . إذا فلنتحدث عن الأصول أو الجذور أولا فمما تتكون ؟ لدينا خمسة أصول لإكتساب شرعية لمبادرة تبدأ بإستلهام روح الثورة , فلم تأخذ المبادرة روحها إلا بعد الثورة مثلما حدث فى مبادرة نهضة فرنسا استلهمت من الثورة الفرنسية من خلال ما تنادى به الثورة من مبادى و أفكار يجب أن مكون أساسى من مكونات الثورة فمثلا العدالة الإجتماعية أضيفت كمحور للمبادرة بعد الثورة. و إنعكست الثورة على المبادره من خلال إزالة أكبر سد مانع من تطور مصر ونهضتها ببزوخ شمس الحرية والقضاء على الفساد . و الأصل الثانى هو إستلهام روح الحضارة المصرية الإسلامية والقبطية التى يعيشها المجتمع بما فى ذلك التأخى وعدم الإقصاء كمحاور للمبادرة , و الأصل الثالث هو التكنولوجيا بإعتبارها التوجه الرئيسى للمبادره و لمصر , فالتكنولوجيا كانت العنصر الفاصل فى جميع مراحل التاريخ التى حدثت فيها طفرات بدءا بأحمس الذى طرد الهكسوس عندما توصل لتكنولوجيا العجلات العسكريه . والتكنولوجيا تنعكس على محاور المبادره فمن متطلباتها التحول الى مجتمع تكنولوجيا يكتسب هذه الثقافه من بينها ثقافة أحترام الوقت و المال العام والقانون و عمل الفريق , ففى المبادره هناك محاولات لإرساء هذه الثقافات و عمل برامج لها ينفذها المجتمع المدنى سواء نقابات أو جمعيات أو عمل تطوعى فردى. و الإعتماد على أنواع من التكنولوجيا تجعل مصر دوله مصنعه . فحاليا لا توجد صناعه فى مصر فلا نقوم سوى بصناعات غذائيه و منسوجات و لكن علينا أن نجعل مصر تكون مشارك أساسى فى صناعات الأجهزه و هو المفهوم الحقيقى للصناعه , و ذلك على خلاف التوجه القديم للنظام السابق المرتكز على السياحه كوسيله للثوره و لكنها صناعات تنهار بسهوله ولا تبنى عليها أمة و ليس لها تأثير إيجابى على المجتمع . و الأصل الرابع ألا تقصى احدا ولا تستبعد أحدا من طوائف الشعب و فئاته سواء بسبب الفقر أو الجنس أو الدين أو السن , وهذه النهضه القائمه على المساواة و العداله و المشاركه هى التى تكفل حشد جهود الشعب الذى يبنى نهضته وهو يعلم أنه حقا أصيلا فلا يفتر عن العمل فيها و لا يتركها لغيره . و الأصل الأخير أن تخاطب المشكلات الرئيسية و الهيكلية التى تعانى منها الأمة فمثلا فى حالة مصر نجد أن المشكلات الرئيسة التى تواجهها متمثله فى ضيق مساحة الأرض التى يعيش عليها شعب مصر وتركزها فى خط ضيق معين وإنحصار مصادر المياه فى مصدر واحد هو نهر النيل مما أدى الى نشوء ثقافة معينة تتركز فى درجة المركزية العالية و تسلط الدوله عموما و التى تتحكم فى هذه المصادر .