يبدو أن نسيم الحرية أصبح فى متناول الجميع ... لم يعد معلباً أو مغلفاً أو حتى حكراً على أحد ... وبدأ الجميع – جميع أفراد الشعب الذى كان مطحوناً ومقهوراً حتى يوم 25 يناير الماضى – يفتحون صدورهم ويتنسمون هواء الحرية بعمق ويملآون صدورهم وشعابهم الهوائية بهواء أكثر نقاءاً وطهراً ورغبة فى التغيير.... وبدأت أوراق التوت. تتساقط عن النظام القديم ومن هذا المنطلق بدأ كل من كان يقتنى ورقة أو وثيقة أو معلومة أو ملف مغلف بعناية ومكتوب علية بالبنط الأسود العريض " سرى للغاية " عن الحرس الحديدى القديم أو عن الوجوه التى ظلت جاثمة على صدر الشعب المصرى لسنوات طوال خرست فيها الألسنة وقتلت فيها النخوة ... بدأ يُخرجها فبدأت هذه الأوراق تخرج من الظلمات والأدراج وتصرخ بما فيها من ظلم وفساد وإفساد يعف اللسان حتى عن الخوض فيها وذكر تفاصيلها التى يشيب لها الولدان وتحمر منها وجوه الشرفاء والمحترمين والأطهار ومن هذه الأوراق ما يؤكد ما كان الشعب يطنطن به من سنوات طوال ولكن الأمر لم يكن يتعدى الهمس والطنطنه فى الجلسات المغلقة خوفاً من تسرب هذه الحوارات فتتطاير الرقاب ويذهب قائليها الى دياجير الظلام فلم يتعد الأمر أكثر من الهمس ولم يجرؤ أحد على التأكد أو البحث أو التحقيق وبالتالى المحاكمة و التطهير إذا ثبتت هذه الإتهامات ... ومن هذه الأوراق وثيقة تسربت الى شبكة المعلومات الدولية – الإنترنت – وبدأ الشباب يتداولونها على موقع الفيس بوك وهو الموقع الأكثر نبلاً فى تاريخ الإتصالات والذى كان يقف وراء ثورة 25 يناير التى قلبت وجه مصر والعالم كله وهى وثيقة بعنوان " الرأى ... محكمة الثورة .. مكتب التحقيق والإدعاء " وهو محضر تم فتحه بمبنى مجلس قيادة الثورة بالجزيرة بالقاهرة يوم الخميس الموافق 29 فبراير 1968 أى فى مثل هذا الشهر منذ أكثر من 43 عاماً الساعة 11 صباحاً برئاسة رئيس النيابة وعضو مكتب التحقيق عبد السلام حامد أحمد ومحمود عباس أمين سر مكتب التحقيق والإدعاء بخصوص إنحراف صلاح نصر وبعض أفراد المخابرات فى ذلك الوقت وتقول الوثيقة " حيث عهد إلينا السيد رئيس مكتب التحقيق والادعاء بمحكمة الثورة بسؤال المعتقل محمد صفوت الشريف وأسمه الحركى " موافى " فى القضية الخاصة بإنحراف جهاز المخابرات العامة وقد تسلمنا من السيد رئيس المكتب صورة تقرير محررة على الآلة الكاتبة وتقع في اثنين وعشرين ورقة وباطلاعنا عليها وجدنا أنه يتحدث فيها عن عمليات السيطرة "الكنترول" التى قام بها قسم المندوبين بالمجموعة 98 منذ عام 1963 عن طريق تجنيد عناصر من السيدات لاستغلالهم في هذه العمليات وأوضح كيف نشأت هذة الفكرة وأسماء سائر ضباط المخابرات الذين أسهموا فى تنفيذها والدور الذى تولاه فى هذا الشأن وأسماء السيدات اللاتى وقع عليهن الإختيار والأماكن التى تم فيها تنفيذ العمليات بعد تجهيزها فنياً كما شرح العمليات التى تمت تفصيلاً والأشخاص الذين كانوا هدفاً لهذه العمليات لإمكان السيطرة عليهم وإستغلالهم فى عمليات المخابرات وأنهى التقرير بتعليق ذكر فيه أن عملية إستخدام وسائل السيطرة وإستخدام العنصر النسائى تعتبر إحدى وسائل علم المخابرات وأنه تم التفكير فيها كنوع من التطوير والتجديد لقسم المندوبين ولجهاز المخابرات الا انه لم تستغل نتائج المجهود المبذول فى هذه العمليات وحفظت جميعها فى الأرشيف وأن هذه العمليات سارت بنجاح لفترة ثم فقدت قيمتها ونجاحها حين خرجت عن الخط المرسوم لها وأستبدلت بعمليات غير واضحة أو محددة الغرض.