هل تفرق معك إذا سرق "مبارك" وعائلته ملياراً واحدا أم 70؟ التقديرات المبدئية لثروة "مبارك" في الأيام الماضية كانت تصل إلى رقم 70 مليار كما أشارت جريدة "الجارديان" البريطانية.. صارت الآن الثروة لا تتجاوز 3 مليار كما ذكرت "نيويورك تايمز" الأمريكية.. يجب ملاحظة أننا نتحدث عن مليار الذي يساوى الواحد منها ألف مليون ويجب أيضا ألا ننسى أننا نتحدث بالدولار الذي يقترب الآن سعره من 6 جنيهات مصرية أي أنك لو حسبت ثروة "مبارك" وعائلته طبقاً لأدنى التقديرات لوصلت إلى 18 مليار جنيهاً مصرياً تخيلوا أن الرجل الذي بدأ رئاسته قائلاً أن الكفن ملوش جيوب يحتفظ بهذا الرقم في أحد البنوك وأن زوجته التي حصلت عنوة على لقب الفاضلة ذهبت في عز الأزمة إلى لندن من أجل ضبط الأوراق المالية وتستيف ما يمكن تستيفه في محاولة لا أتصورها قابلة للنجاح لإخفاء معالم الجريمة التي شاركت فيها الأسرة.. وكل المقربين كان ينالهم من حلة الفساد كبشة كل حسب مقدرته على الاقتراب من رؤوس الفساد المتمثل في تلك العائلة التي استباحت رزق المصريين!! لا يعنيني الآن أين يقيم "حسني مبارك" في شرم الشيخ أم في لندن التي أتصور أنها ستصبح محطته الأخيرة مثل أغلب الذين نهبوا مصر في عهد "مبارك" وكانوا يهربون إليها لأنها غير ملزمة دولياً بتسليم المجرمين والمطلوبين للعدالة.. سوف يلحق بالتأكيد بمبارك الرؤوس الفاسدة الكبيرة مثل "صفوت الشريف"، "زكريا عزمي"، "أنس الفقي"، "جرانة"، "المغربي"، "رشيد" وغيرهم.. كل من يجد مخرجاً قانونياً سوف يشد الرحال إلى لندن طلباً للحماية.. المؤكد أن "مبارك" لا يزال يتكئ على أن الجيش المصري هو الذي يحكم البلاد وأن القادة حريصين على كبريائه أقصد ما تبقى منه بعد أن ظل يتذلل ويتمسكن لشعبه طمعاً في العفو والمغفرة ليبقى على مقعد الرئيس بضعة أشهر قادمة حتى نهاية ولايته ورغم ذلك فأنا لا أتصور أن الجيش من الممكن أن يتخذ موقفاً ضد العدالة فهو خلال الستة أشهر القادمة التي يتولى فيها شئون البلاد مؤقتا ينبغي أن يضع سياج العدالة فوق رؤوس الجميع!! أتفهم بالتأكيد أن يوجه الجيش في بيانه الشكر إلى دور "مبارك" حرباً وسلماً إلا أنه بعد ذلك عليه أن يلتزم بالعدالة وألا يستثني أحداً من المثول أمام جهات التحقيق خاصة أن كل من سقط وأمسكت به يد القانون سوف يفضح تورط العائلة الحاكمة في منحه التسهيلات!! "مبارك" كان هو الأكثر حرصاً على التوريث وأختلف تماماً مع من يؤكدون أن "سوزان" هي الأحرص.. بالتأكيد هي صاحبة مصلحة في أن تظل داخل البؤرة وتنتقل من مقعد زوجة الرئيس الفاضلة إلى موقع أم الرئيس الفاضلة.. هي لم تتصور ولو لحظة واحدة أن السلطة حتى لو غاب الرئيس عن المشهد من الممكن أن تخبو بعيداً عن العائلة ورغم ذلك فإن "مبارك" الأب كان يعلم بالطبع أن ملفات الفساد سوف تفتح جميعها في حالة غيابه وعدم صعود ابنه لسدة الحكم وأنه الآن أقصد قبل 25 يناير يسيطر على الحكم والكل خاضع له وأغلب من تراهم الآن وهم مستأسدون في الهجوم على عصر الفساد وزعيمه "مبارك" هؤلاء كان قد تم الاتفاق معهم على الانتظار حتى تأتى اللحظة كانوا هم الخلايا النائمة متواجدون في عدد كبير من القنوات الخاصة والصحف الخاصة ينتظرون ساعة الصفر لإعلان تأييدهم لمبارك الابن.. كانوا يرفعون شعار "أين أنت يا نظيف" كان هذا الشعار هو الذي يصلون به إلى قلوب الناس!! شروط اللعبة كانت تقتضي أن يحققوا في مرمى الناس قدراً من المصداقية عن طريق تبني مشاكلهم ومهاجمة الحكومة.. الخط الأحمر الممنوع هو الهجوم على العائلة ولكن هجومهم الدائم على الحكومة و"نظيف" يؤهلهم بعد ذلك للتغلب على الرفض المحتمل بين قطاع لا بأس به بعد ترشيح "جمال مبارك" خلفاً لوالده.. كانت الخطة هي أن الصحف ومحطات التليفزيون الرسمية والمسيطر عليها بلا مصداقية بينما الإعلام الخاص والصحف الخاصة تحظى بقدر من الثقة عند الناس وعلى هذا سوف تستخدم هذه الأسلحة في تلك اللحظة الحرجة عندما ينطلقون في تقديم سيناريو التوريث!! لو تتبعت تلك القنوات بدقة في أيام الثورة ال18 التي اندلعت شرارتها يوم 25 يناير سوف تكتشف أنهم كانوا يبايعون في البداية دائماً الرأي الرسمي وكان سقف مطالبهم لا يتجاوز أبداً ما يريده الرئيس.. كان الرئيس يتنازل قطعة قطعة عن صلاحياته على طريقة راقصي "الاستربتيز" وهم مع كل قطعة تنازل يطالبون المتظاهرين بالعودة لمنازلهم وعدم المطالبة بالمزيد.. كانوا هم خط الدفاع الأخير عن النظام ولكن بعد أن تأكدوا من سقوطه صاروا هم الأكثر شراسة في الهجوم على "مبارك" والعائلة!! لدي يقين أن هذا التنظيم من الخلايا النائمة لم يكن يعمل عشوائياً وأن هناك أوراق مسجلة ومصالح معلومة للكثيرين سوف تظهر في توقيت قريب جداً ونعرف جميعاً من هم أعضاء تنظيم "أين أنت يا نظيف".. المؤكد أنهم في سبيل تبرؤهم من العهد الفاسد سوف يصبحون أكثر شراسة في مهاجمته وفى هذه الحالة من الممكن أن نرى تلك الأوراق التي تثبت تورطهم في الفساد!! ولا أستبعد أن مليارات "مبارك" التي حار في تقييمها أعتى خبراء الاقتصاد هذه المليارات كان لأغلب أعضاء حزب "أين أنت يا نظيف" نصيب معتبر منها.. أنا اعتبر أن هؤلاء هم الأكثر خطورة الآن لأنهم باعوا ضمائرهم فى عهد مبارك من أجل خداع الناس وتمرير التوريث ويريدون الآن أن يخدعوا الناس باعتبارهم أبطال الثورة!!