تخيل لو الطفل المصري بقى بيحب يروح المدرسة و لما بيصحوه الصبح و حد يقول له: "إلحق المدرسة حتفوتك!"، بيقوم مفزوع. تخيل إن السر ورا حبه للمدرسة هو إن مدرسينه بيحسسوه إنه شيء مهم و رأيه مسموع و حقه محفوظ و سلامته أمانة في رقبتهم. تخيل الطفل ده لما يتحول العلم بالنسباله إلى متعة و نتيجة الإمتحان عبارة عن مؤشر حقيقي لمستوى أداءه، وإنه يبقى متأكد إنه ما أخدش أقل من حقه و لا جار على حق غيره. تخيل إن مافيش حد كدب عليه و لا حد ضيع له سنين عمره بيدرس في علوم لا تنفع و تاريخ ملوث بسخافات و تحريفات و تلفيقات. تخيل لو الطفل ده بقى طالب جامعة و دخل الكلية إللي هو عايزها و تخصص في المجال إللي يناسبه. تخيل إن كل ده كان قراره و ماتتدخلش فيه أهله ولا أصدقاءه و لا مجتمه ولا حتى نتيجة التنسيق. تخيل إنه لما دخل الجامعة لقى كل أساتذته بيتعاملو مع بعض على أساس إحترام إختلاف الثقافات و الأفكار و العقائد و إن الحاجة الوحيده إللي ممكن تميز بينهم هي المستوى العلمي. تخيل إنهم عاملوه بنفس الطريقة و شجعوه على الحوار. تخيل إن آخر مرة إضطهد فيها أستاذ جامعي طالب عنده ( مهما كان السبب) ده حصل من زمان قوي، و إن جميع أعضاء هيئة التدريس بينظرو لهذه الواقعة على إنها وصمة عار لا تنسى و لا يسمح لها أن تتكرر! تخيل إن أثناء سنين الجامعة كان كل حقوقه في التعبير عن رأيه (في أي مجال) مكفولة و في كمان ناس بتسمعه و موافقة، و ناس بتسمعه و معترضه، و ناس تانية مش عايزة تسمع أصلاً، و بالرغم من كده ما حدش زعلان من حد و ما حدش مانعه إنه يتكلم. تخيل إن الطالب ده إتخرج لقى معاه شهادة بتتمتع بإحترام كافة الأكاديميات العلمية المحلية و العالمية. تخيل إنه لما سافر كام مرة بره بلده إكتشف إن أهم شهادة بيحملها هي إنه مصري و إن دولته متمثلة في سفاراتها بتصون حقوقه و بتحافظ على قيمته و حياته و بتثبت للعالم كله إن المواطن المصري هو همها الأول و الأخير. تخيل إنه عرف يتجوز و كمان كان له الحرية في إخيتار الشريك المناسب هو و زوجته. تخيل إنه لما خلف عرف يربي عياله و هو مش خايف عليهم من أي حاجة لأن دولته بتوفر ليه هو و عيلته الرعاية الصحية و الإجتماعية و التعليمية و فوق ده و ده الرعاية الأمنية إللي بتضمن لهم أمنهم الشخصي و ده لأنهم عايشين في دولة بيحكمها سيادة القانون مش سيادة الظابط. تخيل بقى إن كل إللي بأقوله ده مش صعب و لا مستحيل!! و بالفعل بيحصل في بلاد تانية!... تخيل لو دي حقيقة حياتنا و بقينا عايشين في بلاد جوه زي ما الناس عايشة في بلاد بره و لا أكتر و لا أقل. أظن لو ده حصل، ساعتها ما فيش حد ممكن يتخيل إن أغلبية الشعب المصري حيعاني من صفات زي الكدب و التبعيية و النفاق و الإنتهازية و الإهمال و اليأس و الجهل و الكبت و التطرف. أظن لو أصبحت دي حياتنا و حد لمّح إن في إحتمال حدوث فتنة طائفية في مصر حيبص له أي مصري على إنه يا إما بيردد إشاعات أو بيقول نكته باخية. لو الكابوس إللي إنت عايش فيه مش مخليك قادر تتخيل.... تخيل إنك بتتخيل!!