بعد نحو خمسة أيام من زلزال مدمر و تأخر المساعدات الدولية تحولت شوارع هاييتي إلى أرض تأوي مشردين يبحثون عن الغذاء وسط الحطام الذي خلفه الزلزال، بينما سكان آخرون يتقاتلون للحصول على بعض أكياس الغذاء التي تقوم الأممالمتحدة بتوزيعها. وكشفت مصادر حكومية في هاييتي أن نحو ستة آلاف معتقل فروا من سجون هاييتي التي أصيبت بدمار جزئي وتركت دون رقابة بعد الزلزال. ومن أصل هذا العدد، كان نحو أربعة آلاف معتقل منهم موجودين في سجن العاصمة بورت أوبرنس، من بينهم نسبة كبيرة كان محكوما عليهم بالسجن مدى الحياة. وأبدت فرق مساعدة إنسانية دولية قلقها تجاه ما وصفوه بانعدام الأمن في العاصمة، بعد أكثر من أربعة أيام من وقوع الزلزال، حيث بدأت عصابات من اللصوص في السطو على الناجين الذين يعيشون في مخيمات مؤقتة على الأرصفة والشوارع التي تناثرت فيها الأنقاض والجثث المتحللة في الوقت الذي هزت فيه توابع الزلزال الأحياء الجبلية بالعاصمة. وقال أحد ضباط الشرطة الهاييتيين إن الوضع "يزداد خطورة"، مضيفا أن "الناس يعانون من الجوع والعطش، وتركوا وشأنهم" من دون مساعدات كافية، مشيرا إلى أنه بعد خمسة أيام من وقوع الكارثة، فإن الكثير من السكان الجوعى "يقاتلون بعضهم بعضا للحصول على أكياس الأطعمة" التي سلمتها شاحنات تابعة للأمم المتحدة في وسط العاصمة بورت أوبرنس. وضرب زلزال مدمر بقوة 7.3 درجات هاييتي، ذلك البلد الصغير، الواقع في غرب أمريكا الوسطى، ويعتبر أفقر بلد في النصف الغربي من الكرة الأرضية وأدى إلى مقتل عدد غير محدد حتى الآن من الأشخاص، وسط ترجيحات حكومية بوصول العدد إلى 200 ألف قتيل، مع وجود مئات الآلاف من السكان تحت الأنقاض حتى الآن، كما أدى الزلزال إلى تشريد 3 ملايين نسمة. وفي السياق نفسه، أعلنت الأممالمتحدة رسميا وفاة رئيس بعثتها في هاييتي الدبلوماسي التونسي الهادي العنابي، بعد العثور على جثته تحت أنقاض مقر البعثة في العاصمة بورت أوبرنس، كما أكدت الأممالمتحدة مقتل نائب العنابي البرازيلي لويس كارلوس داكوستا، والقائم بأعمال قائد شرطة الأممالمتحدة في هايتي الكندي دوج كوتس. وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي من المقرر أن يتوجه إلى هاييتي، عن أسفه العميق لمقتل الثلاثة الذين رفعوا قتلى الموظفين التابعين للمنظمة الدولية في هاييتي إلى 40 منذ وقوع الكارثة. من جهة ثانية، وصلت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى هاييتي، وأجرت محادثات مع الرئيس الهاييتي رينيه بريفال لبحث تنسيق المساعدات الأمريكية، وقالت للصحفيين إن هدف زيارتها التأكد من أن بلادها "تفعل كل ما بوسعها للمساعدة في جهود إغاثة منكوبي الزلزال". ومن جانبه أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الرئيسين السابقين جورج بوش الابن وبيل كلينتون اتفقا على إنشاء صندوق خاص لجمع الأموال لدعم ضحايا الزلزال وإعادة الإعمار. في المقابل احتجت فرنسا على طريقة إدارة الولاياتالمتحدة لعملية استقبال المساعدات الإنسانية في مطار العاصمة بورت أوبرنس، والذي تولت الولاياتالمتحدة السيطرة عليه رسميا بعد اتفاق مع السلطات في هاييتي. يأتي الاحتجاج الفرنسي بعد منع القوات الأمريكية لطائرتين فرنسيتين، كانت إحداهما تحمل مستشفى ميدانيا من النزول على أرض المطار "بسبب الازدحام" بحسب مسئولين أمريكيين، قالوا أيضا إن هناك "مشاكل تقنية في المطار من شأنها تأخير وصول المساعدات ومواد الإغاثة بالسرعة المأمولة". واحتجت حكومة هاييتي على المشاكل التي تسود مطار العاصمة، وعلى عدم إحاطتها علما بما وصلت إليه جهود إدخال المساعدات إلى البلاد، ودعا بريفال الدول المانحة إلى تفادي المشاحنات والخلافات، وقال في لقاء مع منظمات إغاثة دولية في العاصمة "نحن في وضعية صعبة جدا، وعلينا المحافظة على هدوئنا والتنسيق بدل إلقاء الاتهامات على بعضنا البعض".