منذ بدأت أزمة الدستور بإقالة "إبراهيم عيسى" وأنا أقاوم رغبتى فى الكتابة حول هذه الجريمة وكلما كتبت عدة سطور وهممت بإرسالها الى الموقع الالكترونى الذى مازال يحتفظ بعبق الدستور أتراجع فى اللحظة الأخيرة فالقضية واضحة وما سأقوله قاله ويقوله غيرى كثيرون، والموقف الذى اتخذه شباب العاملين بالدستور كان يبدو عندى كافيا تماما لأن يراجع الملاك الجدد أنفسهم ويصححوا أخطاءهم، وأعنى بالملاك الجدد الدكتور "السيد البدوى" على وجه التحديد فقد كنت أتصور أنه سيدرك مبكرا جدا أنه أكثر الخاسرين وأنه حين أقدم على هذه الخطوة فإنه فى حقيقة الأمر كان يفكر فى الانتحار السياسى، ولابد له مهما كانت النتائج أن يسعى إلى تصحيح الأوضاع سريعا فقد أثبتت الخطة فشلها وعليه اللجوء إلى البحث عن خطط بديلة فالخسائر التى منى بها وأصابت معه حزب الوفد الذى يرأسه والذى كان يُعتقد أنه أكبر الأحزاب المعارضة لايمكن تعويضها من خلال أى وعود أو صفقات حكومية مهما كان حجمها، والحقيقة أن الرجل أول الأمر بدا مدركا لما أقوله فأفاض - ومازالت السكين فى يده تقطر دما- فى حرصه على استمرار الدستور بكامل هيئتها وهيبتها وعلى التأكيد على استمرار كتابات إبراهيم عيسى التى تعطى للصفحة الأولى طعمها المميز ثم عاد وجدد التزامه بكل ذلك بعد أن باع حصته وتنازل عن رئاسته لمجلس الإدارة وهو التزام سرعان ما تبدد مع تراجع ظهور اسم السيد البدوى فيما ينشر من أخبار عن أزمة الدستور حتى اختفى الاسم تدريجيا ليسيطر اسم السيد "رضا ادوارد" على ساحة الأخبار منتحلا شخصية "الفتوة" باعتباره من يمنح ويمنع وبدا الدكتور البدوى وكأنه قد نجح فى الاختفاء عن الأنظار حتى يقطع صلته تماما بالأزمة التى كان أهم أسبابها والمسئول الأول عن حلها ليس فقط لما قطعه على نفسه من التزامات ولكن أيضا وعلى الأقل لمحاولة إبراء ذمته واستعادة جزء من مصداقيته المتراجعة خصوصا وقد أقر مرارا أن صديقه رضا ادوارد لايمكن أن يرد له طلبا وأنه يتفق معه تماما فى كل ما ذهب إليه. لقد كان آخر ما كتبتُه فى الدستور فى نفس اليوم الذى أقيل فيه عيسى مقالا بعنوان "اغتيال روح أكتوبر" وكأن المقال كان يدرك أنه بعد ساعات قليلة ستجرى إحدى عمليات اغتيال روح اكتوبر فى ذكرى النصر العظيم حيث يتم اختطاف وإغلاق إحدى أهم النوافذ التى تعكس القدر اليسير من الحرية التى يتمتع بها المصريون كإحدى نتائج النصر المجيد، نافذة أسسها ووضع لها منهجها وأسلوبها ورسم لها خطها السياسى العاشق لتراب مصر والمعبر بصدق عن شعبها الأستاذ إبراهيم عيسى فذابت فيه عشقا وغاص فيها حبا وإخلاصا، ولهذا قدّر من أراد للتجربة أن تُغتال بسلاح المال أنه يكفيه إزاحة عيسى عن موقعه لتصبح الدستور نشرة جديدة من النشرات الحكومية ولكنه عاد عندما اكتشف مدى صلابة الرجال ومصداقية الرواد ليصر أيضا على إبعاد الصديق "إبراهيم منصور" فقد تأكد له أن القضية ليست عيسى أو منصور وإنما الدستور هو القضية الحقيقية فهو المنبر الذى يصر على البقاء من أجل أن يستمر فى أداء دوره الوطنى وخطه السياسى الذى عاهد عليه القراء والذى يدّعى الدكتور السيد البدوى حرصه الشديد على استمراره ولهذا فإننى أصر على أن يظل سيادته فى مقدمة المشهد فمهما أغمض عينيه حتى لا يرى أو صم أذنيه حتى لا يسمع سيظل على الدوام تطارده الاتهامات وتشيّعه الغمزات واللمزات وحين يأوى إلى فراشه فأغلب الظن أن ضميره سيفتح له يوميا محضر تحقيق يمكن أن نقرأ بعضا منه فى السطور التالية. (محضر تحقيق) فُتحَ المحضرُ فى تاريخه بعد استدعاء المذكور وبمعرفتى نحن (ضميره) واجهناه بالمستور **************** الضمير: دكتور سيد .. إيه أقوالك – بعد ماتحلف – عن أفعالك فى الدستور ليه بتدمر زهرة جميلة ملية حياتنا عطر ونور وتحولها لوردة بلاستيك أوراقها ملضومة فى أستك وبتتحكم وبتتمسك إن الورد أساسه ديكور ******************** ليه على غفلة بتخلع عيسى وتشيل إسمه م الترويسة وانت الفاهم إن بدونه الدستور يضرب تفليسة *************************** البدوى: أنا ؟ أنا شارى الدستور وانا راضى وسياسته خطّى ومرادى والدستور- أنا قلت لادوارد – من غير عيسى صندوق فاضى **************************** الضمير: يامثبت عقلى فى ترابيسه فسّر لى البدوى وكوابيسه يمكن ألاقى فى حواديته سبب وحجة على مقاسه ****************************** البدوى: أسبابى كتير قلنا ضرايب .. قلنا مصايب قلنا عجايب تملا كتاب قلنا بيشطح .. قلنا بينطح قلنا سنتنا بسببه هباب بس حقيقى .. برضه بحبه وهصالحه بكفتة وكباب لكن الأول قلنا نزيحه وبعدين نبحث عن أسباب **************************** الضمير: دكتور سيد خليك فاكر التاريخ سجّل فى كتابه ان الوفد ضمير الأمة خان الأمة وباع أحبابه بالملايين خطط لجريمته والجانى معملش حسابه ان الحق مسيره هيظهر والدستور يرجع لصحابه