في اليوم الأول لأزمتنا الدستورية عدت من مقر جريدتنا الكائن فى 3شارع أحمد نسيم أحمل في قلبي تفصيلات صغيره كنت لا أعيرها اهتماما فيما قبل بل كنت أشعر بضيق شديد ناحية البعض منها ولكنها أصبحت تتداعى أمامي وكأنها شريط سينما ضحكات إبراهيم عيسى المجلجلة وثورته العارمة وكلمات إبراهيم منصور المعتادة اشتغلوا .. اشتغلوا .. فين صفحة الشكاوى ياتامر أنت ويسرى ومناكفة السرجانى وقاعود ودخول عمال النظافة علينا وقت العمل والضحكات المتناثرة والسخرية من كل شئ في الخارج أو في الداخل وجمع النقود القليلة من رواتبنا الهزيلة لعيادة زميل. تذكرت أيضا أصحاب الشكاوى ومنهم المظلومين الذين وفقنا الله عز وجل تامر عبد الحميد وأنا في حل القليل منها ولو كنا في بلد يحترم مسؤلوه مواطنيه لتمكنا من حل كل مشكلاتهم بل أجزم أنهم ما كانوا ليأتوا إلينا من الأساس ومنهم الموتورون الذين يدعون النبوه وبأن سيدنا جبريل سيحملنا نحن عدم نشر رسالة النبي الوافد إلينا وسيبلغ هذا لله فيصب علينا العذاب الأليم مراحل كثيرة ومواقف أكثر ما عدت أحتمل تداعيها وما عدت أحتمل غيابها وما كنت أتوقع أن تنتابني نوبة البكاء وأنا في المترو على تجربة فكرت مرارا وتكرارا في الانفصال عنها والتفرغ لكتابة الرواية والسيناريو ما كنت أتخيل أن أتحرق شوقا للغرفة الحقيرة التي كنا نعمل بها والتي بدت لي الآن وكأنها قصرا من قصور الجنة احلم بالعودة إليها ومعي كرامتي لأبكى بكاءً شديدا , عدت إلى زوجتي وبناتي (التوأم) نور ويارا ليبتسم الثلاثة في وجهى لترفع نور يديها الناصعة البياض كقلبها وشقيقتها الذي أكمل عامه الأول منذ أيام لأحملها وأقول لها ضاع الشغل بس مش مهم مدام انتوا بخير لتفاجأنى طفلتي بكلمة( مم) فتنتابني أنا وأمها هستيريا الضحك فتصرخ يارا فجأة وكأنها تقول برضه الكرامة مطلوبة كبرت الازمه وزادت المزايدات وأصبح كل من يملك الحلول لا يفكر إلا في نفسه ومصلحته الشخصية وكل ما أخشاه أن تموت التجربة بايعاذ من النظام أو راس المال دون النظر أو الاكتراث لتمتمة نور أو صرخة يارا.