لو أنك سمعت أو قرأت هذا القول فمن يخطر ببالك أنه قائله؟ هذه عبارة ربما تصدر عن بن لادن أو الظواهري أو حتي يصيح بها أحد دعاة التليفزيون التديني الخصوصي وهو يحتكر جنة الله ورحمته لنفسه وفرقته وربما أيضا تسمعها من الأب بيشوي الذي عين نفسه وكيلاً لتصحيح نصوص الكتب المقدسة، أو من القس تيري جونز، لم يقل أي من هؤلاء هذا التصريح إنما الذي قاله هو السيد جورج دبليو بوش، قال: «... هذه البلاد هي التي ستميز عصرنا بعلاماتها، وليس العكس، طالما بقيت الولاياتالمتحدةالأمريكية حازمة وقوية، لن يصبح عصرنا عصراً للإرهاب،..» ليختم تصريحه هذا بقوله: «.. ونعلم أن الرب ليس محايداً» (تصفيق) كان ذلك بعد تسعة أيام من أحداث 11 سبتمبر في جلسة الكونجرس الأمريكي 2001/9/20وللأمانة: هو كان يقصد أن الله مع الحرية والعدالة ضد الرهبة والقسوة، ولكنه عيّن نفسه هو وكل القتلة (الكانيباليين) أكلة لحوم البشر وكلاء عن الرب ينفذون أحكامه «دون حياد» في كل من «ليس معهَمَ» من المارقين الكفرة والعبيد بدءًا بأفغانستان فالعراق. عشرات الكتب صدرت منذ هذا الحدث الجسيم الشاذ في محاولة تفسيره، صدرت في عقر دار الغرب، كتبها الشرفاء الموضوعيون، لكنه ممنوع علينا نحن المستضعفين أن نفكر مثلهم ونرفض اتهاماتهم سابقة التجهيز، وإلا نتهم بالتفكير التآمري وأوهام الاضطهاد...إلخ. المنطق الفلاحي البسيط دع جانباً هذه الكتب العظيمة، وانس مؤقتاً جهلنا وغباءنا وتفكيرنا التآمري، ودعنا نر كيف يفسر فلاح مصري ساذج (أنا) مثل هذا الحدث. كنت في العيادة يومها، وبمجرد أن أبلغتني إحدي الصديقات من زائراتي النبأ، لم أفزع، بل ربما قلت ساعتها سرا: «أحسن»، لكن ما أعلنته للصديقة بعقل الفلاح المصري أنه: «لا»، «ليست القاعدة» قالت: «كيف»؟ قلت: لا ينفع (ما ينفعشي) وربما كانت الطائرات مازالت تحوم حول البنتاجون ثم أردفتُ: يستحيل أن يكون هذا العمل من فعل هؤلاء البدائيين الأغبياء (أعني «ذوي الذكاء الغبي» رجال بن لادن)، قالت الصديقة: لكن كل الأخبار والتصريحات تقول إنها «القاعدة»؟ قلت: ولو!! اسمعي يا ابنتي: في بلدنا يقولون «تعرف الكدبه من إيه؟ قال لك من كبرها» إن هذا الذي تحكين لا يستطيعه لا «بن لادن» ولا الذين أنجبوه (ولا اللي خلفوه) ولا حتي بعد قرنين من الزمان من العلم والتعلم والتدريب والإبداع، قالت: إذن من؟ قلت لها لا أدري، لكنه ليس هو، ولا جماعته، إنهم أخيب من ذلك ثم أضفت: يا ابنتي: في بلدنا، حين يقول أحدهم إن الواد محمد «المفشلْك» قد سرق خزانة عم وليم الصراف بطفاشة من صنعه، وأخذ كل العهدة، يكون الرد الفوري من أي فلاح - مثلي - أنه: «إهيييييه!! هوّا يخرج من يدّه؟!!» لأنه يعلم قدرات «الواد محمد المفشلك وأن غاية ما يمكنه هو سرقة فرخة من علي سطوح جارتهم، أو قتل معزة انتقاماً من إهانة حدثت أو لم تحدث. المصيبة أن بن لادن استحلاها، وكان أغبي، أو أكثر تواطؤاً، من كل أهل بلدنا، وربما قال لنفسه «بركة، هي جاءت منهم» أصبحنا عباقرة التكنولوجيا دون جهد أو مصاريف، وهات يا اعتراف وفخر بما لم يفعل، وما لا يقدر عليه. روح يا زمان تعال يا زمان وتصدر الكتب تلو الكتب تفسر ما حدث، كتب تعلمت منها «النقد العلمي الموضوعي» وكان أهمها كتاب الألماني «المؤامرة» تأليف ماتياس بروكرز (منشورات الجمل بغداد 2005) استعرض الكتاب تاريخ التطور الحيوي ليثبت أن البقاء - منذ الفيروس - للأذكي تآمراً، وأن برامج الصراع التآمري هي أصل الحياة، وهي الجديرة بالحفاظ علي البقاء وأنه: «لن نتمكن من فهم عالمنا المعقد المؤامراتي دون نظرية مؤامرة معقولة» (ص5). روح يا زمان تعال يا زمان (مرة أخري) قرأت اليوم (2010/9/25) عن مقال المراسل الأمين «روبرت فيسك» الذي كتبه في الإندبندنت البريطانية ونشر موجزه في صحفية «نهضة مصر» وإذا بي أمام التفكير الموضوعي نفسه دون الخوف من أن يتهم بالسطحية والاستهبال، ذلك الاتهام الذي وصلني باكرا من الدكتور عبد المنعم سعيد في نهضة مصر أيضاً منذ سنتين (2008/8/3) وهو يصف أي مثقف يختلف مع تسليمه للتفسير الأمريكي الجاهز للحدث بأنه يستسلم للتفكير التآمري الذي هو بدائي وغيبي ولا عقلاني (انظر بعد) انتهت مني التعتعة، ولنا عودة مع هذا الكتاب وغيره، بمناسبة خطاب أحمدي نجاد في الأممالمتحدة، وتعقيب أوباما وأشياء أخري، داعياً الله ألا يتوب عليّ من التفكير التآمري حتي أسهم في الحفاظ علي الجنس البشري، ولا مؤاخذة.