طالبني العديد من الأصدقاء بجمع المعلومات التي وردت علي لساني في برنامج «مصري أصلي» الذي عرضه التليفزيون المصري في رمضان.. وجمعها في مقال يمكن الاحتفاظ به. أسعدني تكرار الطلب وشعرت أنني قد قدمت شيئًا مفيدًا، ولو في حدود معلومات تاريخية وثقافية وترجمة مفردات حواراتنا اليومية، أسعدني أنه لم يسألني أحد مثلا (ضيفتك كانت متجوزة مين عرفي؟)، أو السي دهاية اللي ماسكها ضيفك علي النائب المشهور ماتعرفش كان فيها إيه؟، أو الضيف كان قصده مين بالمسئول أبو رجل مسلوخة؟). هذا لا ينفي أن هناك أصدقاء رأوا في بعض الحلقات «نطاعة» ما، ويقال رجل «نطع» أي عديم الإحساس و«النطع» هو جلد الخروف (حسب رواية كتاب قاموس العادات والتقاليد المصرية) ويطلق التعبير أيضا علي الجزء السفلي من المقصلة التي تستخدم في تنفيذ حكم الإعدام (حسب رواية صديق أثق فيه كمصدر للمعلومات)، لأنه صديق لا يأكل «التاطورة» التي تذهب المخ وتحول الإنسان إلي شخص فاقد التمييز، و«التاطورة» هي نبات بري ينمو في الصحراء الغربية ويطلق عليه البدو اسم «التفاح الشوكي» والمادة الفعالة في النبات هي مادة كلوريد الهيوسين التي تستخدم كمنوم وكعلاج للتشنجات، ومن حسن حظ الإنسان أن يكون في حياته صديق مثقف يمكن الرجوع إليه بحثا عن إجابة أو كما نقول كمصريين «يا بخت من كان النقيب خاله»، كنت حتي فترة قريبة أعتقد أنه يا بخت من كان خاله النقيب بمعني نقيب شرطة في المرور بالذات حتي يساعده علي استرداد الرخص المسحوبة، لكن «النقيب» المذكور في المثل هو بطل تقليد فلاحي وصعيدي أوشك علي الانقراض، فالنقيب هو الشخص الملزم بخدمة العريس لمدة 40 يوما، يختار العريس شخصا ليقضي له طلباته أيا كانت وليرافقه في المشاوير المهمة مرتديا جلبابا مشابها لجلباب العريس وهو تحت أمر العريس ال 24 ساعة، كان هناك أشخاص يؤدون المهمة باستهتار فيذهب مثلا لشراء اللحم لبيت العريس فيختار أسوأ الموجود عند الجزار أو دون ضمير مثل أن يوفر النقيب للعريس فياجرا مغشوشة وكان منهم من يخلع بعد أسبوع لذلك يحسد الناس من كان «النقيب» خاله؛ لأنه سيؤدي مهمته بمنتهي الإخلاص والحب علي الأقل بحكم صلة الدم. ولا تحلم يا صديقي أن تعثر علي شخص يخدمك بإخلاص لمدة 40 يوما، الكلام ده «في المشمش»، وأصل اختراع تعبير في المشمش يعود إلي رجل فقير الحال كان في طريق عودته لبيته فقرر أن يشتري بآخر نقود في جيبه كيلو عنب لأولاده، عاد به إلي البيت ثم زاره ضيف ثقيل فلم يجد شيئا يضعه أمامه سوي طبق العنب، كان الرجل يمسك ويقتطف حبات العنب بالحفنة بحيث تملأ يديه ثم يلقي بها إلي فمه، شعر الرجل بأن العنب سيفني قبل أن يتذوقه أولاده فقال لضيفه «بالراحة يا فلان..العنب يتاكل واحدة واحدة»، فقال له الضيف «ده في المشمش». حياتنا بها الكثير من الأحلام التي أصبحت «في المشمش»، هناك من لا يزال يحلم وهناك من قال لأحلامه «طز»، و«طز» كلمة تركية بمعني ملح، كان الاحتلال العثماني قد فرض ضرائب باهظة علي كل شيء وكان يستوقف الناس في الشارع ليحصل الضرائب علي أي كيلو طماطم يحملونه وكان الشيء الوحيد المستثني هو «الملح»، كان الجندي التركي يسمح لمواطن يحمل جوالا بالمرور دون دفع ضريبة فيسأله زميله لماذا تركته هكذا فيرد قائلا «طز». الاحتلال التركي كان «ابن رفضي»، و«ابن الرفضي» هو سباب ظهر في مصر أيام الدولة الفاطمية والمقصود به «يا ابن من رفض بيعة سيدنا علي»، أما «أم علي» الحلوي الشهيرة التي كل ما نعرفه عنها أن الناس تقف طوابيرا عليها في الأفراح فهي ضرة «شجرة الدر» التي انهالت عليها - بمساعدة الجواري - ضربا بالقباقيب حتي ماتت واحتفلت «أم علي» بهذا الحدث الذي سيسمح لابنها بالوصول للحكم بأن وضعت لكل المصريين في الشوارع أواني كبيرة في كل واحد كمية من اللبن والخبز والزبيب ليحتفلوا معها، وهكذا خلدت «أم علي» ذكراها في وجبة شهية ستجعل كل واحدة تفكر ألف مرة قبل أن تخطف زوج امرأة أخري.