تسمع الكلمة كثيرًا، في مصر حتي عندما تلتقي بالمصريين الذين يعيشون في الخارج. هؤلاء في انتظار تغيير يسقط من أعلي. ينتظرون الرضا السامي من النظام والرئيس عن مطالب المجتمع. أو ينتظرون انقلابأ من قلب السلطة، ومنتصرًا جديدًا من مماليك النظام، يبعد الجالس علي العرش، أو المتنافسين عليه، ويعد بتغييرات، ينساها بعد قليل . مع هذا النوع من التغيير يصح القول : «مفيش فايدة». لأن الرئيس القادم لن يتغير عن الرئيس الحالي مادامت علاقته بالمجتمع مازالت تستمد شرعيتها من غلبته علي الدولة وليست من برنامج سياسي، يستميل أصوات الناخبين، ويعرف منه أنه موظف في مهمة محددة المدة. «الفايدة.. لن تحدث في ظل استمرار العلاقات بين السلطة والمجتمع ..بهذه الطريقة العشوائية». هل مصر دولة يحكمها العسكر ؟( ساعتها علي المصريين انتظار الغالب من العسكر ليقدموا له الولاء والطاعة ). هل مصر دولة دينية ( يسيطر عليها اتباع دين معين ويفرضون شروطهم ويتعاملون علي أساس الديانة.. وهنا يكون أتباع ديانة الأقلية مواطنين من الدرجة الثانية )؟ العلاقة العشوائية بين السلطة والمجتمع تفرض قداسة علي الرئيس، وتتعامل معه علي أنه الأب الحامي أو الراعي ولا يجوز التفكير في تغييره إلا بقرار سماوي. تفرض أيضًا عشوائية الصراع علي السلطة في المجتمع الذي يحكم بقانون البقاء للأقوي. الجماعات الصغيرة تبحث عن قوة خفية لتعلن وجودها..حتي لو خارج القانون أو استغلالاً لطابعه المطاط. الجماعات الأكبر تذكر فقط بقوته ووجودها. وهذا سر حرب كاميليا. ... ليست حربا من أجل الدين. إنها حرب من أجل القبيلة. يرفع فيها كل طرف رايات الدفاع عن الله والدين. وهي في الحقيقة حرب إعلان الوجود. لا أحد في مصر يشعر بوجوده إلا من خلال قبيلة أو جماعة تدخل في حرب مع جماعة أخري. والدفاع عن كاميليا ليس في تحويلها إلي رمز للمنافسة الدينية بين المسلمين والمسيحيين..ولكن في جعلها رمزًا للحرية الشخصية والدفاع عن حق الفرد في اختيار حياته. التدين علاقة شخصية بين الفرد والله، ولا يمكن لأحد اكتشافها، ولا معرفتها. لا يمكن قياس التدين بالعلامات : اللحية والحجاب والصليب والعباءة السوداء....ولا بأعداد المصلين في المساجد أو الكنائس. مقياس التدين بالنسبة للفرد، يرجع إلي الله وحده. بينما المقياس العمومي للتدين هو السلوك والأداء في علاقات المجتمع ...وليس موضوعي هنا هو نقد التدين الشكلي أو تأثير التعصب الطائفي في المزاج العام في المجتمع. موضوعي هو تأسيس قواعد لدولة مدنية، تؤمن بالمساواة بين الجميع، حاكم ومحكومين، ولا تعطي قداسة للحاكم ولا تضفي عليه أبوة، رئيس لا يعلو فوق مؤسسات الدولة، ولا يبتلعها بحضوره الشخصي، رئيس ليس فوق الجميع. دولة مواطنة...لا تمييز بين فرد وآخر علي أساس الدين أو العائلة أو الثروة. هذا هو التغيير ..أو «الفايدة » التي ألمس وعيًا بها من أسفل....صوتها يبدو ضعيفًا لكنه يشق الطريق في ظل الفوضي الكبيرة التي أخرجت مظاهرات التنافس علي كاميليا بأوامر من رجال السلطة الدينية أو بإيحاء منهم، كل منهم وفي الطرفين يريد الحفاظ علي سلطته، أو نصيبه من الكعكة قبل توزيع تركة العهد الذي يبيد أمامنا.