ذهب جمال مبارك إلي الفلاحين في محلة روح. .. ذهب مع وزراء.. ذهبوا بصفتهم وزراء في الحكومة هم نفس المجموعة التي تمشي خلفه. ذهب إلي الفلاحين وهو لا يعرفهم.. ولا يعرف مشكلاتهم. .. لا يعرف الفرق بين الإردب.. والقنطار. .. لا يعرف معاناة الفلاحين مع التقاوي والسماد والري.. والجمعيات الزراعية.. وقروض بنك التنمية. فالرجل يعرف عن معاملات البنوك وبورصة الأوراق المالية والأسهم باعتباره عمل في البنوك وحصل علي مكافآت وحوافز عن عملية بيع ديون مصر من خلال عملية سمسرة لصالح فرع بنك دولي في لندن كان يعمل به. .. وبالطبع يعرف جيداً عن البورصة والأسهم والأوراق المالية لأنه يشارك في شركة تهتم بهذا الشأن. أما عن الفلاحين فهو أمر آخر. .. لقد أتوا له بفلاحين لا يعرفهم أهالي محلة روح.. أنهم فلاحون علي طراز خاص ليس لديهم مشاكل مع الأراضي والسماد والتقاوي ومياه الري.. فلاحون لا يذهبون إلي إدارة الري يشكون من قلة المياه التي ستقضي علي محاصيلهم ويحتجون أمام الوزارة في القاهرة.. ولا مجيب لهم.. أو فلاحون يعانون من قروض بنك التنمية الزراعية ومهددون بالسجن.. أو فلاحون تطاردهم الحكومة لقيامهم بزراعة الأرز ليسهم في جزء من غذائهم اليومي بعد أن اشتعلت أسعاره.. وأسعار جميع المواد الغذائية بدءاً من رغيف العيش في ظل سياسات نظام الأب الحاكم وأمانة سياسات الابن الطامح في وراثة الحكم. إنهم فلاحون ليس لهم علاقة بالفلاحة أصلاً.. أتوا بهم يتراصون أمام جمال مبارك ويشيدون بما يزعمه عن دعم الفلاح وحديثه عن أسعار الذرة والقمح والقطن. لقد دأب الحزب الوطني في مؤتمراته الأخيرة علي زعم مساندته للفلاح والاهتمام به في نفس الوقت الذي يعاني فيه الفلاح من سياسات الحكومة والحزب الوطني ومن ارتفاع الأسعار في كل شيء وإهماله في الري والأسمدة، بل هو أول من يتم ضربه علي قفاه في أي مشاكل وأزمات من أنبوبة البوتاجاز ورغيف العيش حتي انقطاع الكهرباء. لقد أتوا في المؤتمر الأخيرة للحزب برجال ألبسوهم زي الفلاحين ليتحدثوا عن الفلاحين، وتبين عندما شاهدهم الناس أنهم ليسوا بفلاحين.. ولا علاقة لهم بالفلاحة.. فهذا ما تمارسه لجنة سياسات جمال مبارك وشريكه أحمد عز. لقد زوروا في صفة الفلاح، كما زوروا في كل شيء. إنهم يريدون فلاحاً علي طريقتهم.. خاضعاً وطائعاً ومؤيداً للتزوير. إنه فلاح جمال مبارك!!