الإسرائيليون يتعاملون بأسلوب حكومتهم في إخفاء المعلومات النووية ويراقبون أنفسهم أمريكا حاولت السيطرة علي برنامج تل أبيب النووي وفشلت برنامج إسرائيل النووي مثار اهتمام العالم ومحاولات لكشف غموضه دعت مجلة «فورين أفيرز» في مقال كتبه خبيران في دراسات منع الانتشار النووي والهندسة النووية، إسرائيل إلي كشف غموض برنامجها النووي لتضمن التعاون الآمن مع العالم في المجال نفسه. وقال الباحثان، أفنير كوهين- زميل مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار النووي- ومارفين ميلر- الباحث في العلوم والتكنولوجيا والهندسة النووية- إن الباعث وراء قيام إسرائيل ببناء مفاعل لصناعة القنبلة النووية هو محرقة الهولوكوست التي تعرض لها اليهود في منتصف القرن الماضي. وتابع الباحثان أن خوف إسرائيل من امتلاك أي دولة في المنطقة العربية للقنبلة النووية باعث حقيقي للخوف من تدمير إسرائيل، مشيرين إلي أن صغر حجم المساحة المتاحة للإسرائيليين إلي جانب ارتفاع عدد السكان أمر من شأنه أن يقلق قادة إسرائيل خوفا من مقتل المدنيين. واعتبر المقال أن الغموض الذي يكتنف البرنامج النووي الإسرائيلي والتعتيم القوي الذي تفرضه إسرائيل علي امتلاكها للقدرات النووية أمر يخالف جميع الاتجاهات والخطوات التي تتبعها الدول الكبري التي تمتلك التكنولوجيا النووية، حيث إن إسرائيل تصر علي ألا تنفي أو تؤكد امتلاكها للقنبلة النووية، وهو أمر أصبح تقليدًا أو عرفًا في إسرائيل لدرجة أن المواطنين العاديين يحذون حذو حكومتهم ويمتنعون نهائيا عن الحديث عن البرنامج النووي الإسرائيلي، وأصبح هناك نوع من فرض الرقابة الذاتية والرقابة علي الإعلام للتأكد من أنه لن تتسرب أي معلومات عن القنبلة النووية الإسرائيلية. وأضاف المقال أن إسرائيل كانت محقة في بداية دخولها العصر الجديد من خلال إنشاء برنامجها النووي أن تحيطه ببعض الغموض - وذلك لخروجها الحديث وقتها من تجربة الهولوكوست- لكن هناك ضرورة لأن تغير إسرائيل سياستها الغامضة تجاه برنامجها النووي لتبدأ عصرًا جديدًا من التعاون الآمن مع العالم في هذا المجال، دون أن تعرض أمنها في الوقت نفسه لأي مخاطر، خاصة أن الولاياتالمتحدة لن تجبرها علي الإفصاح عن أي معلومات قد تضر بأمنها القومي. وأوضح المقال أن ما ساعد إسرائيل في التعتيم علي برنامجها النووي هو الاتفاق الذي تم بين رئيسة وزراء إسرائيل السابقة جولدا مائير، ورئيس الولاياتالمتحدة الأسبق ريتشارد نيكسون، والذي اتفق الطرفان خلاله علي عدم ذكر أي معلومات أو المطالبة بالكشف والإفصاح عن أي بيانات تخص البرنامج النووي الإسرائيلي طالما أن إسرائيل لم تؤكد امتلاكها للقنابل النووية بشكل مباشر أو تجري أي تجارب علنية علي أسلحتها. وأشار التقرير إلي أن هذا الاتفاق - الذي تم في عام 1969- لم يتم الكشف عنه إلا في عام 1991 علي يد الصحفي الإسرائيلي الشهير «ألوف بن» الذي نشر معلومات تخص هذا الاتفاق كانت قد وردت في مذكرات كتبها مستشار الأمن القومي الأمريكي - وقتها- هنري كيسنجر، الذي أصبح فيما بعد وزيرا للخارجية، مشيرا إلي أن هذا الاتفاق برغم أنه غير موثق بشكل علني فإن رؤساء الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ ذلك الوقت حرصوا بشكل تام علي الالتزام به وعدم مطالبة إسرائيل بالكشف عن أي معلومات تخص برنامجها النووي. واستعرض الخبيران تاريخ البرنامج النووي الإسرائيلي منذ عام 1958 عندما بدأت إسرائيل بناء مفاعلها النووي في ديمونة بمساعدة فرنسية وبدون علم الولاياتالمتحدة التي لم يتح لها أي معلومات عن برنامج إسرائيل النووي إلا في عام 1960 . وأشار المقال إلي أن الولاياتالمتحدة عملت في ذلك الوقت علي السيطرة علي إسرائيل باعتبارها دولة صديقة وبالتالي الاطلاع علي كل تفاصيل الأنشطة التي تمارسها إسرائيل داخل المفاعل إلا أنها لم تستطع ذلك بشكل كامل. ولفت التقرير إلي أن إسرائيل استطاعت أن تمتلك قنبلتها النووية الأولي تزامنا مع حرب الأيام الستة «يونيو 1967» وأخفت المعلومة بشكل تام، إلا أنه مع دخول جولدا مائير للسلطة بدأ التوجه الإسرائيلي يميل ناحية إعلان نفسها كدولة نووية، وهو ما عارضته الولاياتالمتحدة بشكل تام، وكان ذلك في 1969 عندما أرسل هنري كيسنجر برسالة إلي الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون قال له فيها «لقد كان اهتمامنا أن نمنع إسرائيل من امتلاك السلاح النووي، ولكن بما أننا فشلنا في ذلك فإنه علينا في الفترة المقبلة أن نحاول مع قادة إسرائيل لإبقاء مسألة امتلاكها للسلاح النووي في طي الكتمان»، وهو ما أدي بدوره إلي هذا الاتفاق السري. وأكد التقرير أن منطق الرئيس الأمريكي نيكسون في أن تصبح الولاياتالمتحدة شريكا لإسرائيل في التعتيم علي برنامجها النووي شمل جانبين، أولهماالتعاطف مع إسرائيل لكونها دولة صغيرة في حاجة إلي بوليصة تؤمن وجودها في المنطقة، والثاني هو الاعتبارات السياسية الواقعية وهي أن إسرائيل عبرت بالفعل البوابة النووية ومن الممكن أن تحسب كحليف ديمقراطي للولايات المتحدة في مواجهتها مع الاتحاد السوفيتي فيما عرف بالحرب الباردة، مضيفا أن نيكسون - كشخص موثوق به- اعتبرته رئيس وزراء إسرائيل جولدا مائير مسئولا عن أسلحة إسرائيل النووية. وتساءل مقال «فورين أفيرز» - بما أن اتفاق التعتيم علي البرنامج النووي الإسرائيلي بين جولدا مائير وريتشارد نيكسون قد دخل عامه الخمسين- إذا ما كان هذا الاتفاق السري مازال أفضل وسيلة لتعامل إسرائيل مع برنامجها النووي أم أن من مصلحتها في المرحلة الحالية أن تعلن عنه وتتعامل مع العالم باعتبارها دولة نووية؟!. مشيرا إلي أن الأمر أصبح الآن في يد إسرائيل التي أصبحت تتعامل مع برنامجها باعتباره معضلة نووية.