علي رأسهم أحمد بدير ومحمد الشقنقيري وسهير المرشدي ودرة يبدو أنها أصبحت عادة رمضانية أصيلة، أن يتفوق ممثلو الأدوار الثانية في أدائهم علي الأبطال الذين تتصدر أسمائهم التترات، وتعلن أنهم أصحاب المساحة الأكبر، والحظ الأوفر في الظهور.. طبعا هذا الأمر لا ينطبق علي كل ما هو معروض، حيث إن هناك مسلسلات جميع عناصرها تستحق لقب الأفضل، وهناك مسلسلات تبحث جاهدا عن نقطة بيضاء واحدة فيها فلا تجد، لذا نحن نحاول أن نحتفي بمن أجادوا وتميزوا وأمتعونا بأدائهم، وبقدرتهم علي الحديث مباشرة إلي مشاعرنا، تاركين الأبطال شاردين في ملكوت التخبط بين أداء مترهل، وآخر فيه مبالغة وافتعال، أكثر مما يحمل من التمثيل، والصدق، وثالث يحاول أن يصل لمرحلة التواضع.. علي رأس هؤلاء الذين يستحقون التحية أحمد بدير من خلال دور حسان الحويطي في مسلسل «مملكة الجبل»، والحقيقة أن أداء أحمد بدير كان الحسنة الوحيدة في المسلسل الذي تم فيه إطلاق الصعايدة في الجبل، ليظهروا وكأنهم تقريبا بلا مأوي، وجاء أداء عمرو سعد بطل العمل متواضعا جدا، وإن كان هناك تميزا في بعض مشاهده، لكنه يبقي تميزاً عرضيا، فيما يحتل أحمد بدير صدارة المشهد بأدائه الناضج والمقنع للشخصية التي يختلط فيها الخير بالشر، والمكر بالطيبة.. تقف سهير المرشدي علي نفس المستوي أيضا من خلال مسلسل «موعد مع الوحوش» في شخصية حمدية والدة «طلعت» الذي يقوم بدوره بطل العمل خالد صالح، فهي تخطف الكاميرا بمجرد ظهورها من عزت العلايلي أيضا، لتجسد مشاعر الأم الصعيدية التي هربت بابنها من الثأر، لكن الثأر يلاحقها.. تنجح سهير المرشدي في تقديم الشخصية كما ينبغي، وتجسد القوة التي تختلط بضعف أنثوي لا يظهر بسهولة.. حتي فواصل الصمت التي تكتفي فيها بالنظر فقط كانت تؤديها بمنتهي المتعة، وإن كان خالد صالح في هذا المسلسل أفضل حالا عن العام الماضي. أما سهير المرشدي فإنها تظهر في مشاهد قليلة تعلق الكاميرا بها وتذهب تاركة فراغا كبيرا. محمد الشقنقيري بدوره كان مفاجأة هذا العام، من خلال كل هذا الكم من التألق الذي يظهر به في شخصية «منسي» في مسلسل «بره الدنيا»، فقد نجح في أن يجعل شخصية المتشرد الذي يسكن الشارع، ويظهر طوال الوقت بملابس رثة شخصية جاذبة، من خلال تعبيرات وجهه التي تحمل ضعفا بالغا، والتي أبرزت مشاعره الداخلية، وجعلتنا نتعلق بمنسي كثيرا، وهو الدور الذي حمل تفاصيل ثرية فاقت شخصية «بركات» التي يؤديها البطل شريف منير. أيضا درة التي تظهر هذا العام في عدة أعمال تنجح تماما في الإمساك بجميع تفاصيل شخصية «ثريا» في مسلسل «اختفاء سعيد مهران»، وقد تكون هنا في أفضل حالاتها رغم أن هشام سليم يستأثر بالمساحة الأكبر، لكن درة كانت أكثر جذبا، أيضا تتألق سوسن بدر تألقا معتادا في جميع أدوارها هذا العام، لكنها في مسلسل «عايزة أتجوز» تجعلنا ندعو الله أن تستمر أكبر قدر من الوقت علي الشاشة، لترحمنا قليلا من «أفورة» هند صبري، وتمتعنا بقدرتها علي اضحاكنا بلا أدني مبالغة.