كان قراراً جريئاً من السيناريست أحمد عبد الله أن يحاول أن يجرب الكتابة بعيدا عن الكوميديا التي تميز بها منذ بداياته، وذلك عندما قدم منذ عامين تجربته المهمة في فيلم «كباريه»، وأتبعها بفيلم «الفرح»، وهو هنا يستكمل جرأته ويقدم واحداً من أهم مسلسلات رمضان هذا العام هو مسلسل «الحارة» الذي كتبه أحمد عبد الله بصيغة مختلفة وواقعية دون تجميل أو تزييف للحقائق، فقد كتبه بحرفية وإتقان علي الرغم من أنه العمل التليفزيوني الأول له، ويحسب له مع المخرج سامح عبد العزيز حيث يقدم كل منهما من خلال المسلسل أولي تجاربه في التليفزيون ذلك التجاوب الكبير لأحداث العمل، والاندماج مع شخصياته، خصوصا أن التجربة جاءت صادقة ومليئة بالواقعية حتي إن تتر المسلسل تم وضعه علي خلفية حقيقية لمواطنين يعيشون في «الحارة». رغم اختلاف تفاصيل الشخصيات بمسلسل الحارة عنها في فيلمي «كباريه»، و«الفرح» إلا أن الآجواء تبدو متشابة.. فلماذا اخترت هذا العالم بالتحديد؟ في البداية لا يوجد أي وجه شبه بين المسلسل وفيلمي «الفرح»، و«كباريه»، ولكن ربما يكمن التشابه في طعم شخصيات الفيلمين والمسلسل، وقد قررت أن تكون «الحارة» أولي تجاربي لأنني شعرت أن الجميع لم يذهب إلي السينما ليشاهد «الفرح»، و«كباريه»، وكنت أريد للمشاهد أن يري هذه التيمة بالإضافة إلي رغبتي في أن يعرف الجميع يعني إيه «حارة»، وأنا هنا لا أقصد المعني الشكلي للحارة، ولكن أقصد التفاصيل والهموم التي لا يعرفها أحد سوي من يعيش فيها. ألا تخشي أن تكون كثرة الهموم والمشاكل بالمسلسل سبباً لنفور المشاهد منه؟ -بالعكس فأنا أقدم حقيقة لا شيء أكثر من ذلك، من الجائز أن يكون هناك كآبة، ولكن هذا هو الواقع، وهذا هو الموجود فأنا لا أزايد علي أي وضع. إذن فما الذي يدفع الجمهور لمشاهدة حياتهم علي شاشة التليفزيون إن كانوا يغرقون في همومها ليل نهار؟ -لأن الناس دائما ما تبحث عما يشبههم فهذا يعطيهم شعوراً بالارتياح، وبالتالي يقبلون علي مشاهدة العمل. قدمت الحارة بشكلها في عام 2010 بكل مشاكلها وكآبتها وفقرها..فلماذا تناولت العلاقة بين المسلمين والأقباط بتحفظ شديد ولم تتطرق لعلاقتهما بشكل أكثر عمقا؟ - لم أتناول العلاقة بين المسلمين والأقباط بتحفظ، ولكنني أري أن الفئة التي أتحدث عنها هم ناس غلابة كل ما يحلمون به هو أن يعيشوا أيامهم فقط ، وأن تمر هذه الأيام علي خير، فالفتنة الطائفية ستجدها بداية من الطبقة الوسطي ممن يعرفون النت والشات، ويحتكون بوسائل الإعلام، ففي الطبقة العليا هناك تصارع من أجل الحصول علي السلطة، أما الطبقة التي أتناولها في المسلسل فكما قلت دول ناس غلابة قوي، وميعرفوش يعني إيه فتنة طبقية. البعض يشير إلي أنك تتوجه برسائل أخلاقية مباشرة قدمتها من قبل في "كباريه" و«الفرح» والآن تقدمها في الحارة فهل تري أن هذا دورك كسيناريست؟ - أنا لا أقدم أي رسائل أخلاقية من خلال أعمالي فأنا لا أكتب مقالاً صحفياً حتي أكون صاحب رسائل أخلاقية أنا أقدم هموم الناس كما هي. تبدو متعاطفاً مع عدد من الشخصيات المخطئة في المسلسل مثل شخصية "مني" التي تجسدها نيللي كريم وهي في النهاية تبيع المخدرات؟ -لم أتعاطف مع الشخصيات المخطئة في المسلسل فأنا بالعكس ضدهم تماما،ً ولكنني أتعاطف فقط مع الظروف السيئة التي دفعتهم إلي ذلك التصرف، كذلك أتعاطف مع حالتهم، وأحاول أيضاً الاقتراب من المنطق الذي يتعامل به المجتمع مع المذنب وعلي النظرة التي ينظرونها إلي أسرته فمثلاً «مني» لمجرد أن والدها كان تاجر مخدرات فهم يرون أن ابنته بالضرورة تبقي «بنت كلب ولازم تموت». شخصية أمين الشرطة في هذه الأماكن يكون دائما لها طابع مختلف فهم أكثر شراسة من الشكل الذي قدمته.. فلماذا فضلت أن يظهر بتلك الصورة المثالية جدا؟ - أنا لم أقدم شخصية ملائكية، ولكنني قدمت شخصية طبيبعة جدا، شفتها كده في الحقيقة، وشخصية أمين الشرطة مش دايما زي شحصية حاتم في فيلم "هي فوضي".. لازم نقول الحق. هل تتابع مسلسلات رمضان.. وما هي المسلسلات التي أعجبتك؟ - أنا لا أتابع سوي مسلسل واحد فقط هو مسلسل «الجماعة»، لأنني أعرف أنه من العيب ألا أشاهده وأري أنه مثل الكتاب الذي يجب أن يُقرأ. من وجهة نظرك هل تري أن مستوي الدراما المصرية في تطور أم أنه يتدهور؟ - المخرجون يقومون بمجهود عظيم ولكن الواضح أن المجهود تم بذله بطريقة عكسية، فهناك عدد كبير منهم يتعامل مع الدراما باعتبارها مجرد مهنة وليس فناً.