وصلتني عدة رسائل علي البريد الإلكتروني تعقيباً وتعليقاً وتنفيساً عن مقال الأسبوع الماضي «اصحي يا نايم الفساد دايم». وكم كانت تعليقات مهمة، ورصد القراء أهم علي ما يحدث في مصرنا.. ورأيت أن أشاركم إياه. جاءتني رسالة من أهالي وسكان مدينة القاهرةالجديدة والرحاب قالوا فيها إن انقطاع المياه عنهم لمدة خمسة أيام هو نوع من الفساد بشكل أو بآخر، وأنها ليست المرة الأولي ولن تكون الأخيرة، فقد حدث وانقطعت العام الماضي والعام اللي قبل الماضي وانقطعت بالأيام، هذا دون تنويه أو تحذير عن طريق أي وسيلة إعلامية، وحتي لو هناك تنويه ففكرة انقطاع المياه في عام 2010 والعالم يشهد كل هذا التقدم فهو دليل علي تخلف شديد نعيشه وعشوائية في التخطيط، وجهل في مفهوم «الصيانة»، ولا مبالاة من المسئولين، وتدني سعر المواطن المصري الذي لم يصبح له ثمن أو كرامة في وطنه. فلو حدث هذا في دولة أخري بها شفافية وبها رقابة وبها حساب لاستقال مباشرة مسئول المياه عن هذه المناطق بل الوزير المسئول بل الحكومة برمتها. فمن يستطيع من البشر أن يحتمل العيش دون مياه لمدة يوم واحد، خاصة ونحن في عز الصيف، خاصة ونحن في شهر رمضان؟! وما ذكره الأهالي أنه لا توجد شبكة مياه خاصة بالقاهرةالجديدة؟! ده كلام!! هل يعقل أن تبني مدينة جديدة بأكملها دون بنية أساسية في المياه؟ فساد ما بعده فساد. رسالة أخري من أهالي حي المرج يؤكدون نفس المعني وهو أن الإنسان المصري بلا ثمن، ويدعونا الأهالي أن ننزل إلي شارع محمد نجيب بالمرج ونشاهد كم المهملات الملقاة علي الأرصفة وبجوار «الترعة» الموجودة بالشارع، وكم الإهمال في الطرق ولا يوجد مسئول واحد يزور المنطقة ولا توجد خدمات وتحول الشارع- بحسب وصفهم- إلي «زريبة كبيرة». وأنهي كاتب الرسالة رسالته مؤكداً أنه لو كانت هناك محاسبة لأي مسئول عن هذا الفساد وهذه العشوائية لأقيل، ولكن لا حياة لمن تنادي، ولم يصبح أي مسئول كائناً ما كان يهتم بما ينشر في الصحف أو يذاع علي شاشات الفضائيات، هذا لغياب الحساب والعقاب. عادة ال «كاميليا» كاميليا زوجة كاهن دير مواس التي كثر الجدل حولها.. اختفت أم اختطفت، عادة أم لم تعد، كانت محور أكثر من رسالة وصلتني من بعض أقباط مصر العلمانيين بل رجال الدين الذين لم يذكروا أسماءهم واكتفوا بتوقيع.. رجل دين مسيحي في رسائلهم. ومجمل هذه الرسائل يتلخص في أن القضية ليست في «كاميليا» في حد ذاتها أو في «وفاء قسطنطين» ولا في أسماء أخري وحالات أخري لم تأخذ نفس القدر من الاهتمام الإعلامي أو غير معروف عنهم شيء وليست المشكلة في زوجات الكهنة أو غير الكهنة، ولكن المشكلة الرئيسية في تعنت «الكنيسة» تجاه قضايا الطلاق. ويرون أن بالقانون الجديد المقدم لمجلس الشعب الذي يخص الأحوال الشخصية للمسيحيين سيزيد من هذه الحالات داخل أسوار البيوت المسيحية، حيث يضيق القانون الحصار علي الأزواج والزوجات الذين تستحيل العشرة بينهم في أن يغيروا ديانتهم أو يزنون لكي يحصلوا علي الطلاق!! ولأن هناك من يحافظ علي سمعته وعلي شرفه، فهم يختارون الطريق الأقل ضرراً بهم وهو تغيير الديانة. والحل لا يمكن في أن تؤخذ «كاميليا» إلي أحد الأديرة ويتم التحفظ عليها وتكتم أمرها، وعزلها عن العالم الخارجي.. فقط لأنها زوجة كاهن ولا يصح أن تُسلم أو يُشاع عن زوجة كاهن أنها أسلمت، أي أن الموضوع في النهاية معالجة «عرض» وليست معالجة «المرض» الرئيسي، ونتناسي تماماً أن هذه الزوجة وغيرها من الزوجات قد تكون ضاقت من العيش مع زوجها ولم تعد تحتمله وأن الكيل قد فاض بها، وأنه لابد أن ننظر لها كإنسانة لها الحق في الاختيار، وهو الحق الذي أعطاه الله لها، فهل عزلتها في دير أو في أي مكان سيعالج مشكلتها ومشاكل آلاف السيدات اللاتي يردن الطلاق، كلا.. ألبتة. ويطالبون كاتبو الرسائل الكنيسة بإعادة النظر بموضوعية في هذا القانون المقدم للدولة، وفي نظر ملفات المجلس الإكليريكي بشيء من المنطق ويبعدون عن السلطة والتعنت والديكتاتورية خاصة أن مسئولي اتخاذ القرار في الزواج والطلاق داخل المجلس هم «رهبان» لم يسبق لهم تجربة الزواج والعيش في تفاصيل الزواج، ومن ثم فُإن «فاقد الشيء لا يعُطيه». هل يطلع ال «بدر» علينا؟! - عام دراسي جديد سيبدأ بعد رمضان مباشرة، والمؤكد من المؤشرات السابقة أنه سيطلع علينا د. أحمد زكي بدر بقرارات جديدة وانفرادات جديدة، ولم تعد معالجة الأعراض هي «أحسن حاجة» في الدنيا، ولابد من البحث عن طرق مبتكرة، خلاقة لها روح الإبداع «creativity» حتي نخرج من سقوط أولادنا ومجتمعنا المدوي إلي الهاوية، ولا مانع علي الإطلاق أن نأخذ من المجتمعات الأخري تجاربهم المفيدة والناجحة، وقد وصلني من قارئة رسالة علي البريد الإلكتروني مصحوبة بالصور عن تجربة اليابان في إنشاء «مدينة للصغار يعيشون فيها حياة الكبار»، مدينة ترفيهية مبنية علي فكرة جعل الأطفال يجربون 80 وظيفة مختلفة بشكل عملي وقريب جداً من الواقع، كل ما تخيل من أعمال يجعلهم يشتعرون الوظائف المختلفة منذ سن مبكرة حتي يحدد الطفل المهنة التي يهواها في المستقبل. فتجدهم يتدربون علي حجز تذاكر طيران، وعلي مهنة الإنقاذ السريع وبأقل خسائر بشرية ممكنة، العمل في الفنادق وكيفية تجهيز الوجبات ونظافة الأدوات، التدريب علي مهنة الطب وإجراء العمليات الجراحية، التدريب علي تقديم نشرة أخبار علي الهواء مباشرة، ووظيفة المحقق الصحفي، حيث يسير الأولاد في المدينة ويقومون بعمل لقاءات مع الناس. إنه أسلوب تربية وتعليم.. يعلم الأطفال بالطرق العملية وليس فقط بالكلام. فهل.. يطلع علينا ال «بدر» بأفكار مشابهة؟!.... إن مصر يا سادة - كما وصفها لي أحد الأصدقاء وأعجبي وصف - أصبحت مثل سفينة تايتانيك التي غرقت علي مراحل.. فها هي أساسيات مصر وقد غرقت والباقي قادم ما لم نسرع بإنقاذها!