7 ساعات نقاش.. اللجنة الخاصة "للإجراءات الجنائية"توافق على تعديل المواد محل اعتراض الرئيس.. وتعد تقريرًا لعرضه على مجلس النواب    "أحكام التعدي اللفظي والبدني..التحرش نموذجًا" ضمن مبادرة "صحح مفاهيمك" بأوقاف الفيوم    تصريحات تهدد مصير خطة ترامب.. نتنياهو: حماس ستلقي سلاحها بالاتفاق أو بالقوة العسكرية    كوكا رجل مباراة الاهلي وكهرباء الاسماعيلية    الداخلية تضبط منادي سيارات أجبر مواطن على دفع إتاوة لركن سيارته بالعجوزة    داليا عبد الرحيم تقدم التهنئة ل"هاني رمزي" على زفاف ابنه    غدًا .. عرض 4 أفلام نادرة مرمَّمة توثّق لنصر أكتوبر المجيد    السكة الحديد ترفع قيمة غرامات الركوب بدون تذكرة على القطارات فى هذه الحالات    100 ألف جنيه جدية حجز، تفاصيل التقديم على أراضى الإسكان المتميز    روسيا: إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن على إيران "خطأ فادح"    حصاد ساكا في 200 مباراة بالدوري الإنجليزي    استعادت بريقها بعد 20 عامًا من الترميم |افتتاح مقبرة «فرعون الشمس» بالأقصر    اللواء أيمن عبد المحسن ل"الحياة اليوم": موافقة حماس تعكس الرؤية المصرية وتحطم طموحات نتنياهو    الحلو وثروت وهانى ب«الأوبرا»    شريف العماري: الزواج السري يجعل الزوجة تعيش في حالة خوف واختباء من أبنائها ومعارفها    نائب وزير الصحة يوفر سيارة إسعاف لنقل مريض للمستشفى ويتوعد المتغيبين عن العمل    هيئة الدواء لإكسترا نيوز: صدّرنا أدوية بأكثر من مليار دولار خلال 2024    مصطفى محمد على رأس تشكيل نانت أمام بريست في الدوري الفرنسي    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد القومسيون الطبي العام استعدادا لانتخابات مجلس الشعب    شبورة وسقوط أمطار.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس غدًا الأحد    مات والدها فحاولت الانتحار حزنا عليه بالشرقية    افتتاح فرع جديد للخط الساخن لمكافحة الإدمان لأول مرة بالسويس لعلاج المرضى مجانا    لهذا المشروع.. الإسكندرية تفوز بجائزة سيول للمدن الذكية    نزال: خطة ترامب تؤجل الاعتراف بدولة فلسطين رغم دعم دول كبرى لها    أمل الحناوي: ترحيب عربي ودولي واسع بموافقة حماس على خطة ترامب    مركز الزرقا يروي المسطحات الخضراء ويُنعش وجه المدينة الحضاري    اللواء خالد مجاور محافظ شمال سيناء: «أرض الفيروز 2030» مركز لوجيستى وتجارى عالمى    المدير الرياضى للأهلى ل «الأخبار»: احتراف الشحات مرفوض وعبدالقادر يرحب بالتجديد    الشوط الأول| بايرن ميونخ يضرب فرانكفورت في الدوري الألماني    بطلة مصر للسباحة بالزعانف: أحلم بحصد أكبر عدد من الميداليات ببطولة العالم    حزب السادات يدعو لإحياء ذكرى نصر أكتوبر أمام ضريح بطل الحرب والسلام بالمنصة    «النهر الجديد».. شريان أمل تشقه مصر في زمن المشهد المائي المربك    استقبل تردد قناة صدى البلد دراما 2025 الجديد على نايل سات    انتهاء الشوط الأول بالتعادل السلبي بين طلائع الجيش والجونة    ضبط عدد من قضايا الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    "بداية أسطورية ل Kuruluş Osman 7" موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عثمان على قناة الفجر الجزائرية    أقوى عرض لشحن شدات ببجي موبايل 2025.. 22،800 UC مجانًا    مواقيت الصلاه اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    طوفان بشري.. مئات الآلاف يتظاهرون في برشلونة ضد الإبادة الجماعية في غزة والاحتلال الإسرائيلي    أسعار البنزين والسولار السبت 4 أكتوبر 2025    أضرار الزيت المعاد استخدامه أكثر من مرة.. سموم خفية    أبرز إنجازات خالد العنانى المرشح لمنصب مدير اليونسكو    وكيل صحة سوهاج يتابع أعمال لجنة الكشف الطبي للمرشحين المحتملين لمجلس النواب    السيسي يتابع توفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الجديدة.. فيديو    المتحف المصري بالتحرير يبرز دور الكهنة في العصر الفرعوني    " سي إن بي سي": توقعات باستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي حتى 14 أكتوبر وسط تعثر المفاوضات    وكيل الشباب والرياضة بالفيوم يشهد انطلاق الدورة الأساسية رقم 578 للمدربين والإداريين    قوافل طبية وغذائية لدعم الأسر المتضررة من ارتفاع منسوب مياه النيل بدلهمو بالمنوفية    وزير الزراعة يعلن تحقيق الصادرات الزراعية المصرية 7.5 مليون طن حتى الآن    طرح النهر يغرق ومصر تُجيد إدارة الفيضان.. خطة استباقية تُثبت كفاءة الدولة في موازنة الأمن المائي وسلامة المواطنين    الرعاية الصحية ببورسعيد بعد إجراء جراحة دقيقة: التكنولوجيا الصحية لم تعد حكرا على أحد    ننشر أسماء المرشحين للفردى والقائمة للتحالف الوطني ببنى سويف للانتخابات البرلمانية 2025 (خاص)    هالة عادل: عمل الخير وصنع المعروف أخلاق نبيلة تبني المحبة بين البشر    بينهم طفلان.. 6 شهداء في قصف الاحتلال غزة وخان يونس    مصرع سيدتين وإصابة 7 في حادث تصادم مروّع بالفيوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    موعد انخفاض أسعار الطماطم في الأسواق.. الكيلو وصل 35 جنيه    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ديرمافوريا»
نشر في الدستور الأصلي يوم 13 - 08 - 2010

في روايته «ديرمافوريا»، لا يبتعد كريج كليفنجر كثيراً عن عالم المخدر القصة بهذا الكيميائي فاقد الذاكرة بعد حريق أطاح بمختبره، ويبدو الذي احترق في ذاكرته.
معظم الرواية هلوسة تتداخل مع الواقع بشكل محير وأستاذي بحيث أنك لا تعرف أبداً أين تبدأ الحقيقة وأين تنتهي ومن حين لآخر ينزلق وننزلق معه إلي جنون البارانويا الكامل.
1
أصابني الهلع وابتلعت كمية كبيرة من (ذبابات النار أعوام.. دقائق.. أشهر.. قد ولي ما عدا قصاصة صغيرة.. تفحمت وسقطت فوق طرف عصبي منسول، ثم تطير مع النسيم.
ديزريه..
أحاول جاهدًا فأري بعض الصور المستعادة والأصوات تصفر عند الحواف، ثم تتهشم عندما ألمسها.
أشم رائحة لباب متعفن.. صحفًا عتيقة زحف ع رأسي. جدران لها لون الأظفار وأرض خرسانية وضوء في السقف حوله فراشة تحوم. أنا وحدي مع ثلاث آلات.. اثنتان صامتتان خلفي، والثالثة تتصل بهاتف قرب الباب.
همس الآلة الرجولي يدوي كأنه هدير مطر بعيد:
«أفتقدك يا رقاقة الثلج.. أحبك كذلك.. أضمك.. أضمك.. وماما كذلك»
إن هذه ال
«عندما أرجع للبيت.. حسن.. أحبك أحبك يا رقاقة الثلج»
صوت الخط الهاتفي. الفراشة الملعونة والعنيدة تضرب المصباح في السقف بلا توقف كأنها لعبة بنج بونج. هنا تجلس الآلة أمامي لتقول:
«ابنتي مريضة وأنا أعمل ساعات إضافية.. »
يكلمني كأنني طفل نائم وكأنه موشك علي تقبيل جبهتي. يأخذ لفافة تبغ من علبة لها مغلف ذهبي واسم فرنسي لا أستطيع نطقه.
ويدوي صوت القداحة الكروم كأنها قطعة عملة سقطت علي الإفريز:
«لم أرها منذ ثلاثة أيام.. هل تدخن؟ »
إنه آلة تم تصميمها لإظهار الإخلاص والتعاطف. اللذ وعطر ما بعد الحلاقة الثمين.
يخرج ممس من الدخان ليلحق بسحابة فوق الرءوس. تذوب في الهواء بيننا والرائحة تلدغ أنفي.
أقول له بكياسة مصححًا كلامي:
«لا.. شكرًا»
«لم أكن أعرض عليك لفافة تبغ.. يقال إنك تنسي أن تمضغ الطعام قبل أن تبتلعه. أنا فقط أتأكد من شيء لنفسي.. هل تتذكر شيئًا عن التدخين؟ .. ربما غصت في النوم بعد بضعة أنفاس؟ »
إن هز رأسي يؤلم.. أشعر به يشد جلدي.
«هل فعلت هذا عمدًا؟ .. أردت أن تخفي آثارك؟ »
ثم تتوقف دوائره عن العمل للحظة. يتجمد الدخان فوقنا علي شكل كرة من نسيج العناكب. الفراشة تتلصص علينا، وأسمع الدم يسري في أذني.
«هل عندك فكرة لماذا تتكلم معي الآن؟ »
«لدي أجزاء من فكرة.. من أنت؟ »
أقولها والدم يدق أعلي وأعلي، وأشعر بأنني موشك علي القيء..
«اسمي هو المفتش نيكولاس أنسلنجر»
أصفادي لا تسمح لي ببلوغ يده الممدودة التي لفها في مادة بوليمرية تخليقية، وتبدو كجلدي أنا.
يواصل الكلام:
«يمكنك أن تطلق علي اسم (المفتش).. قل لي هذه الأجزاء»
أتذكر النار.. لكن لا أتذكر أنني أشعلتها. يقول:
»(لا أتذكر ).. سمعت هذه العبارة من قبل. »
عيناه البنيتان لا ترمشان. يبقيهما علي وجهي بينما شريط من الدخان يلتف حول وجهي.
»لنبدأ بالكلام عن العناكب.. كم منها صنعت وكم منها ما زال هناك؟ »
وهذا أكثر غرابة. هل هذا الأنسلنجر يعتقد أنني إله أو أن بوسعه تقييد إله إلي مقعد متحرك تحت مصباح سقف؟
يقول لي:
«جرب هذا.. لقد وجدنا المجرة»
إنه محق.. أنا إله. أتذك
راح انسلنجر يقرأ من مفكرة:
»فورد 1964 ببابين.. طراز جالاكسي (المجرة) 500 حمراء.. مسجلة باسم إريك أشوورث. تم إصلاحها بالكامل ما عدا الزجاج الأمامي المهشم والطلاء المحترق..»
وأغلق المفكرة وقال:
«سيارة جيدة»
إذن أنا لست إلهاً.. أنا إريك أشوورث.. أتذكر كل شيء.
لا.. ليس هذا صحيحًا.
ساد الظلام رأسي فزحفت داخله الحشرات. أحملق صقيلة من ألياف الكربون وعيون عملاقة تلمع كالزئبق وتري في الظلام.
كابينة هاتف لا يحيط بها شيء، وخلف اللاشيء ظلام. رأسي وتعرف كل ما أعرفه.
هذا الكلام بلا معني بالنسبة لأنسلنجر.. لكنه أقل معني بالنسبة لي.
«سيارتك هي الوحيدة التي كانت واقفة خارج البيت الذي لم يبق شيء منه. هاجمت شرطي الدورية الذي وجدك في محطة بنزين مهجورة تكلم هاتفا معطلاً. كنت علي مسافة ساعة مشيًا من مكان الحريق»
قلت له:
«أنا قتلت حشرة.. »
آلمتني الضمادات. تري عين عقلي الجلد المحترق بينما الجلد السليم يتقشر كأنه ورق الحائط.
الأجزاء تجتمع معًا. لقد فهمت.. تنكمش مبتعدة ثانية. أحرك إبهامي وأحاول أن أتذكر طريقة تحريكه. الآن تذكرت. الآن أتذكر كيف تحركت الأمور ثانية بثانية.
إن قدمي ومعصمي مقيدان لإطار فراش وأنا محاط با تعطيني الآلة مفكرة وتقول إن الكتابة ستساعد ذاكرتي. الآلة الأولي تدس محقنًا في أنبوب. أشعر بالسائل يتدفق في ذراعي لكن لا أري هناك سوي قطعة قطن وشريطًا لاصقًا. أنسلنجر يجلس جواري.
يحاول عقلي أن يعيد تشغيل نفسه. يحرق البرق عش الذاكرة فيجعل منه رمادًا. ذكور النحل تسقط علي ظهورها وتركل الهواء بأقدامها.
يقول أنسلنجر:
«هذا هو الوقت الذي سنرهقك فيه، ونلعب معك لعبة الشرطي الطيب والشرطي الشرير. هذه هي القواعد وليست طريقتي في العمل. لا تبدو بحالة طيبة.. نم قليلاً ثم نواصل الكلام»
ويمضغ أنسلنجر لفافة التبغ.
«كنت أبحث عنك أو عن شخص مثلك لفترة. كنت قد بدأت أعتقد أنك أسطورة حضرية. لا تفهم هذا بشكل خاطيء، لكني فعلاً سعيد لأنني وجدتك أخيرًا»
2
ضوء ساطع البياض ي
«لن تكلم أحدًا عن قضيتك ما لم أكن معك.. ليس الشرطة ولا أنس وصلك كلامي؟ »
يتكلم دون أن يتوقف للتنفس أو ليسمح لي بالإجابة.
«تقول لهم إنك لا تتذكر أي شيء، لهذا عندما تبدأ الكلام سوف يتهمك الإدعاء بتذكر أشياء منتقاة وسوف ينزع أحشاءك ببطء أمام المحلفين. هل تعلم أنهم حاولوا جعلك تتخلي عن حقك في طلب استشارة؟ »
«لا»
أحاول أن أجمع الكلمات معًا لكنها تتكوم بسرعة جدًا. الثواني القديمة تتهشم تحت ثقل الثواني الجديدة.
«نعم فعلوا هذا، لكن لم يكن بوسعك أن توقع باسمك.. بل إنك لا تتذكره أصلاً. كان من الممكن أن تسوء الأمور أكثر.. تذكر ألا تكلم أحدًا عن القضية.. قل لي إنك ستتذكر هذا»
«سأفعل»
«قلها»
«سأتذكر»
«تتذكر ماذا؟ »
«لن أتكلم مع أحد بصدد قضيتي ما لم تكن أنت معي»
قضيتي.. إن لدي قضية. كسرت إشارة حمراء أو قبضوا علي ومعي رأس مقطوع في كيس ورقي. أخاف أن أسأل.
«دفعنا بأننا غير مذنبين وغير أبرياء(4). القاضي حدد لك كفالة قدرها خمسون ألف دولار بسبب الاعتداء علي شرطي الدورية، وقد كلفت ضامنًا بتولي هذا الأمر. إنه مدين لي بهذه الخدمة، وإلا ظللت أنت هنا لأنه لا يوجد حساب مصرفي لك. سوف يطلق سراحك عصر اليوم»
«إذن أنا ذهبت للمحكمة فعلاً»
«لقد قضيت وقت استدعائك للمحكمة علي مقعدك المتحرك، عيناك مفتوحتان ولعابك يسيل»
«وأنا قابلتك من قبل؟ »
ضغط علي فكه كأنه موشك علي ضربي وقال:
«نعم»
«لقد التقينا وطلبت منك أن تطبق فمك لكنك نسيت هذا علي الفور. سمعت أنك تلقيت زيارة من المفتش أنسلينجر»
«نعم.. حسبت رجال الشرطة أناسًا آليين. رجل طيب.. أنا معجب به»
المزيد من صوت الدم المتدفق في أذني.
«كف عن الإعجاب به وكف عن مقاطعتي. الآن الأخبار السيئة هي أن المدعي العام سوف يقنع المحلفين بأنك صنعت المخدر الذي تعاطيت جرعة زائدة منه. خليط من الميتامفيتامين وعقار الهلوسة LSD. يقول المستشفي إنه كاد يقتلك وإن صحتك علي المدي البعيد في خطر داهم. لقد توقف قلبك واعتبروك ميتًا لمدة ثماني ثوان. هل تعرف ما هي ذبابة النار؟ »
«هي حشرة تتوهج في الظلام. تصيبك بصدمة كهربية عندما تشق بطنها»
«خطأ.. بل أقصد المخدر الذي يجتاح كل (لوس أنجيليس) ويزحف عبر الساحل ويتوغل لداخل البلد طيلة العام الماضي. يعتقدون أنك من صنعته»
تتعلق جملته الأخيرة في الهواء بيننا، فيصير علي أن أمسك بها. يقلب عينيه ويواصل الكلام.
«ربطوا بينك وبين المختبر الذي انفجر. وقد فحص
»لا شيء.. أقسم أن عقلي خال تمامًا»
«من هي ديزيريه؟ »
اسمك يجعلني أشعر بتنميل كأنه سهم مخدر فيوقع أفكاري في طريق الصيادين.
«لا أعرف»
«أنت تقول هذا طيلة الوقت. لكنك لا تساعدني. ديزيريه.. عليك اللعنة يا ديزيريه»
يقولها وهو يقرأ صورة من مستند ثم يسألني بصوت رتيب:
«هل يدق هذا أي جرس في ذاكرتك؟ »
يتسارع نبضي وأشعر تحت الضمادات كأن سربًا من اليرقات يفقس تحت مزارع الجلد. لا شيء استطيع عمله سوي أن أنتظر حتي تكوّن ندوبًا.
يقول لي وهو يجمع أوراقه:
«أمامك أسبوع إذن. أفضل ما يمكنك عمله هو أن تعرض
وينهض ويقول:
«اخرج من هذا»
ثم يسقط بطاقة عمل في حجري:
«سأكون علي اتصال بك»
أقول له:
«أنتظر»
ثم لا أجد سوي الخواء. الأفكار تغادر رأسي وتحوم حول ضوء السقف قبل أن تعود لرأسي ثانية.
«أين أذهب عندما ينتهي هذا؟ »
إنه هادئ. أنظر لمعصمي. الضمادات علي ظهري مبتلة بسبب الإفرازات من تحتها. للحظة أنسي أنني لست وحيدًا في زنزانتي.
يقرب وجهه من وجهي ويقول:
«هل أبدو لك كمندوب شركة سياحية؟. هل هناك علي صدري بطاقة اسم؟ .. هل هناك ملصق عن جزر الكاريبي علي الجدار؟ »
يتكلم أسرع مما يسمح لي بقول شيء، وهز رأسي مؤلم لذا أنظر لساعدي.
«معك كمية طيبة من المال في المظروف. لا تكن مقتصدًا أو بخيلاً وتمتع بخمسة أيام الحرية هذه»
يدق علي باب الزنزانة فأنتفض من الضوضاء. يدوي أزيز ثم ينفتح الباب.
يقول لي:
«تفقد بطاقتي. الاسم هو (موريل).. هذا اسمي ما دمت لم تسأل. في المستقبل تأكد من أنك تعرف من تتكلم معه. كلمني عندما تستقر في مكان ما»
يغلق الحارس باب زنزانتي فيثب قلبي. أسمع خطوات مور صورتي صورة ضبابية لوجه لا ملامح له.
تدوي ضربة كالرعد علي باب الزنزانة المرحاض، وأتنفس في فجوة مرفقي حتي يزول الغثيان. البسكويت والعصير يريحان معدتي.
أنظر للجدران البيض وأحاول تذكر شيء ما غير الثواني التي تمر، محدقًا في البياض اللانهائي أمامي، والأسمنت ينظر لي بالمثل. أحشر هذه الثواني في مفكرتي وآمل في المزيد.
3
يراهن كلب الصيد بكل شيء علي هذه الخدعة، لكن كلب البولدوج لا يبتلعها. تكوم كلب الصيد الآخر والدوبرمان، وتظاهر أربعة الكلاب بأنهم لا يلاحظونني، وجلسوا ساكنين حتي لا ألاحظهم. يأتون من الجدران مع المهرجين المصنوعين من مخمل أسود.
أمرر أناملي فوق ورق الحائط الذي لم يزل لونه، أبح بقطعة عملة لكن لا أجد شيئًا.
زنزانتي الجديدة هي الغرفة 621 في فندق (طائر النار بعد العاشرة مساء. لا تلكؤ أمام الفندق. لا فكة لآلات البيع. فقط التعامل نقدًا ولا استثناءات».
النزلاء خليط من رجال ونساء.. مدمن
غرفتي فيها مغطس في الركن وفراش وكومود وج تحتي فأسمع من يهمس: «اقفز !». أتصلب وأحاول سماع الصوت ثانية.. ثم أتماسك.
أجلس علي الفراش وأمامي دور من لعبة السوليتير. فيتدفق الدم في جلدي الجديد. بلا إنذار من
هذه المرة هي مجرد دقة. الآن أنا وجهًا لوجه مع اثنين من نزلاء فندق (طائر النار) ربما يحتاجان لاقتراض قطعة صابون مني أو يرغبان في قتلي.
«هل عندك دودة شريطية؟ » (5)
يسألني بكلمات ناعمة منسقة بعناية كبندول ساعة جيب.
«لا.. ولماذا يكون عندي؟ »
يقول لي:
«شيء أكلته..» - وينظر لليسار كأنه يقرأ أوراق اللعب من فوق كتفي - «أو أن (الزعيم) يسيطر عليك تمامًا.. أو أنك في جدول الرواتب الخاص به»
«صديقي يمكنه أن يشم الديدان الشريطية.. يعتقد أنك حامل للعدوي. أحيانًا يحدث هذا مع النزلاء الجدد»
يظل مرافقه صامتًا. يلبس معطفًا يصل للركبة ولا يشعر بحرارة الجو ليلاً. يمكن أن تعلقه مع النواطير في حقل قمح، ويمكن أن يكون من لحم ودم.
«صديقك مخطئ»
أبدأ في غلق الباب عندما يقول:
«اسمي جاك»
ويمد يده عبر الفتحة فتقبض يده اللحيمة علي يدي. كفه زلقة تشي بحياة لا عمل فيها ولا استحمام. عندما يطلق سراح يدي يكون مرافقه قد خطا داخل الغرفة، وهو يتبعه.
يصدر صديقه الصامت صريرًا من بين أسنانه ويمر إصبعًا علي حلقه. الهدوء. يفتح التلفزيون علي قناة خالية فتصم الضوضاء الاستاتيكية أية محاولة للتنصت. تغلفني العاصفة الثلجية علي الشاشة. ينتفخ قلبي كأنني أصغي إلي أوركسترا.
يقول جاك:
«إنه كالموسيقا. إن الضوضاء الاستاتيكية عمرها مئات ملايين السنين. تحلق في الفضاء منذ ما قبل الزمن. بقايا الانفجار الأعظم هي أجزاء من سيمفونية بداية الكون»
ويبتسم ويقول:
- «أحب أن أقرأ ..» - ثم يفك قميصه - «سأريك أنني نظيف. لا ديدان شريطية. لا أحد يتنصت»
«لا أهتم بذلك.. عليك أن تخرج من هنا»
«لو لم تهتم فمن المؤكد أنك تخفي جهاز تنصت»
هوامش
يفك جاك قميصه ويدور لأري صدره العاري. شيء مفزع كما سنعرف فيما بعد (المترجم)
(2) البلاتيبوس حيوان ثديي أسترالي عجيب. يبدو كالفأر لكنه يبيض وله منقار بطة وقدمان غشائيتان (المترجم)
(3) السرعوفة هي ما يسميه العامة فرس النبي (المترجم)
(4) هذا هو أقرب تفسير لتعبيرPlead no contest القانوني. المتهم لا يزعم أنه بريء لكنه كذلك لا يعتبر نفسه مذنبًا، وهو وضع قانوني يمهد لحل وسط (المترجم).
(5) سوف يتكرر هذا التعبير كثيرًا للدلالة علي أجهزة التنصت، لكن المؤلف يلعب علي الكلمة ليمزج بين معناها الحقيقي ومعناها المجازي (المترجم)
(6) عذراء جوادالوب هي صورة أيقونية لمريم العذراء منتشرة جدًا في الكنائس الكاثوليكية في المكسيك. المراد هنا أن جاك رسم وشمها علي صدره، لكن الصورة مشوهة بفعل حروق السجائر والهرش (المترجم).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.