بهدوئه المعهود قال «محمود سلطان» في حوار مع «مني الشاذلي» عندما سألته ما الذي تقوله للإعلام بعد 50 عاماً؟ أجابها متي ندخل عصر الإعلام؟! لم يكن هذا هو أخطر ما قاله «سلطان» لكنني أتوقف أمام اجتماع حكي تفاصيله حضره عام 81 في أعقاب تولي الرئيس «حسني مبارك» الحكم وأشار إلي طلب الرئيس مباشرة بألا يتصدر خبر الرئيس النشرة. وأضاف إننا لم نعمل أبداً بتوجيه الرئيس وظل الحال علي ما هو عليه نبدأ النشرة بالاتصال التليفوني الذي أجراه الرئيس أو بالتهنئة التي تلقاها الرئيس! وبالطبع ليس فقط الإعلام المرئي أو المسموع هو الذي يرصد فقط كل هذه المساحة لكل ما يصدر عن الرئاسة ولكن أيضاً الصحافة القومية تضع دائماً خبر الرئيس في المقدمة.. من الذي يملك أن يوقف كل ذلك؟ إنه فقط الرئيس.. لقد حكي لي الإذاعي الراحل «جلال معوض» أن «عبد الناصر» كانت لديه رغبة في ألا يتم الغناء باسمه في الحفلات، طلب ذلك من «جلال» وكنا علي موعد لحفل قادم تقدمه الإذاعة احتفالاً بعيد ثورة يوليو وبدوره فإن «جلال» أعطي تعليماته المشددة لكل المطربين بأنه ممنوع الغناء باسم الرئيس.. وكان الحفل يبدأ بالمطرب «محمد الكحلاوي» الذي اشتهر في تلك السنوات بلقب «مداح الرسول» وبدأ غناء «لجل النبي» وهي من أشهر أغنياته الدينية وفوجئ «جلال معوض» بأن «الكحلاوي» يغير في كلمات «لجل النبي» ويضع اسم «جمال عبد الناصر» وعلي الفور بعد أن بدأ «الكحلاوي» الكل أكمل بعدها المسيرة الغنائية «الناصرية».. لا شك في أن ما يرضي الرئيس - أي رئيس - أن يقولوا له أن الكل يغني له ليس خوفاً من غضبه ولا طمعاً في مكافأة، لكن حباً وأنهم يتحدون حتي التعليمات المباشرة وربما شعروا أنهم في اختبار للولاء. وهكذا أصرت القيادات مثلاً علي أن تثبت للرئيس ولاءها ولهذا غنوا لعبد الناصر، رغم أنه طلب عدم الغناء باسمه، كما أن القيادات في «ماسبيرو» لم تستجب لرغبة الرئيس «حسني مبارك» عندما طلب قبل نحو 30 عاماً ألا يتصدر اسمه النشرات.. الإحساس المسيطر علي الجميع أن هذا هو ما يرضي الرئيس!! عندما أراد الرئيس ألا يتم تقديم إعلانات في الصحف عن عودته سالماً بعد رحلة العلاج في ألمانيا التزمت كل الجرائد لأنهم تأكدوا أن هذه إرادة الرئيس فلا يكفي أن يقولها الرئيس.. الأهم أن يتأكد الجميع أنها رغبته بالفعل!!