مشهدهم يدعو للرثاء وهم يتخبطون بين الإنكار وبين البحث عن مبررات حتي بإهانة الخطاب الديني واستخدامه في الدفاع عن بناء الجدار العازل بيننا وبين غزة باعتباره ضرورة للأمن القومي المصري.. كأن بين من يهاجمون بناء الجدار من يساوم أو يفاصل أو يهادن في المساس بأمن بلاده أو كأن هناك تناقضاً بين حماية حدود وسيادة مصر وعدم بناء جدار العزل والحصار. وابتداء إذا كان هذا الجدار يمثل ضرورة وطنية كما يدعون فلماذا لجأوا إلي إخفاء المشروع رغم إتمام نصفه تقريبا لولا ما نشرته الصحافة الإسرائيلية عنه في معرض الشكر والتقدير لحماية إسرائيل ؟! وهو ما اتضح بجلاء وما فهمته من مقال د. عبد المنعم سعيد «الأهرام» 2/1/2010 وهو يقول «وحتي لا ننسي فإن هناك التزامات دولية لمصر مرتبطة باتفاقية السلام مع إسرائيل، حيث جاء في المادة الثانية «أن الحدود الدائمة بين مصر وإسرائيل هي الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب كما هو موضح بالخريطة في الملحق الثاني، وذلك دون المساس بما يتعلق بوضع قطاع غزة، ويقر الطرفان بأن هذه الحدود مصونة لا تمس، ويتعهد كلا منهما باحترام سلامة أراضي الطرف الآخر بما في ذلك مياهه الإقليمية ومجاله الجوي»، أي أن النظام يبني جدار العزل والحصار لتأمين سلامة الكيان الإسرائيلي من السلاح الذي يتم تهريبه عبر الأنفاق. والسؤال الذي يفرض نفسه: بماذا التزم الكيان الإرهابي الاستيطاني بما وقع من اتفاقات؟ وما حجم الأراضي التي يحتلها مستهينا بالاتفاقات والقرارات الدولية منذ وضع أقدامه السوداء علي الأراضي العربية في القرن الماضي؟!..يستشهد المقال أيضا لتبرير بناء جدار العزل والحصار بما جاء في المادة الثالثة من اتفاقية السلام «يتعهد كل طرف بأن يكفل عدم صدور أفعال الحرب أو الأفعال العدوانية أو أفعال العنف أو التهديد بها من داخل أراضيه أو بواسطة قوات خاضعة لسيطرته أو مرابطة علي أراضيه ضد السكان أو المواطنين أو الممتلكات الخاصة بالطرف الآخر كما يكفل تقديم مرتكبي هذه الأفعال للمحاكمة»، وتجاوزا عما في محاولات التبرير من تهافت وضعف. فإذا كان النظام يري في هذا النص ما لا يمكن أن يقنع صاحب أي ضمير وطني بسد الأنفاق التي تستخدم في تهريب السلاح إلي غزة فهل الاتفاقيات الدولية ومبادئ القانون الدولي الذي ينص البند الأول من المادة الثالثة منه علي احترام الطرفين لها، هل تضم هذه المبادئ ما يحرم علي من تُحتل أراضيه أن يسعي للحصول علي أسلحة مقاومة محتل أراضيه؟! وكيف نفسر التناقض بين ادعاءات الترحيب بالمقاومة وسد الشرايين الأرضية التي يمكن أن يصل من خلالها السلاح ومواد الحياة المختلفة للمقاومين .. وما اسم ما ارتكبه الصهاينة في هلوكوست الرصاص المصبوب في غزة كما اسموه بأنفسهم؟! وفي ضوء معلوماتي عن مبادئ القانون الدولي التي تلزم الاتفاقية الطرفين باحترامها، أليس بناء السور بيننا وبين غزة تنطبق عليه مواصفات جرائم الحصار وفق القانون الذي ينص علي أنه عندما يتعرض شعب لحصار وعدوان واحتلال فإن علي الدول المحيطة أن تعاون الشعب المحاصر بالغذاء والدواء بل وبالسلاح وأن تساعد من خلال حدودها المشتركة علي توفير جميع وسائل الإنقاذ والحماية للشعب المحاصر؟! الاتفاقيات الدولية تقول إن المعاونة تكون للشعب المحاصر لا لقوات الاحتلال والعدوان - ولم يتحدث القانون الدولي أو يضع شرطا لتوفير هذه الحماية بالمشترك بين الشعبين - فالمشترك الإنساني والأخلاقي أوجب وأكبر.. ولكن يبدو أن المشترك مع الصهيوني أصبح الأوجب والأكبر وإن لم تخني الذاكرة فالقانون الدولي الذي يلزم الجميع يحمل مسئولية وتبعات مخالفة هذا الالتزام للدولة التي تمتنع عن تقديم أشكال معاونة الشعب المحاصر - هل اتفاقية السلام قامت بإلغاء الاتفاقيات الدولية التي تلزم بالدور والمسئولية القانونية وبكل ما يترتب علي عدم الالتزام أمام الله وأمام الأخلاق وأمام مبادئ القانون الدولي المستقرة ومواثيق حقوق الإنسان، وقد ورد الحديث عن هذا الحق وإلزام القانون الدولي به إلي دول الجوار في تقرير «جون دوجارد» الذي قدمه إلي الجامعة العربية وفق تقرير «جولد ستون» للأمم المتحدة وبما يؤكد المشروعية الدولية لتقديم مصر جميع أشكال الإغاثة التي لا تمس أمنها الوطني بل تفرزه وتفرز سيادتها وسيادة قرارها - هذه الإغاثة التي كان يمكن أن تحققها إقامة منطقة حدودية آمنة مع غزة تخضع لجميع ضوابط الأمن المصري وتوفر فيها المستشفيات الأطباء والدواء وجميع ضرورات حفظ الحياة تحت مظلة القانون الدولي وبما ينفي عن مصر أن تشارك في جريمة الحصار أو تفرض عليها اتفاقية السلام أن تتناقض مع المبادئ والأعراف والأخلاق والقانون وحقوق الإنسان، أما أمن سيناء فكان يحفظه ويحافظ عليه زراعتها بالبشر، ذلك المشروع الذي لم يتوقف الإعلان عنه منذ ثمانينيات القرن الماضي، ومازلت أذكر الدراسات العلمية بالغة الخطورة التي أعدت من خبراء مجلس الشوري لذلك الزمن البعيد والتي كشفت عن الكنوز التي تفيض بها وفرص التنمية لزراعة 3 ملايين شاب هناك من الذين يضربون الآن في أنحاء الوادي القديم في متاهات البطالة وضياع الأمل، وكيف كان من ركائز المشروع استثمار الثروة البشرية من أبناء سيناء من البدو وتوفير كل ما يشعرهم بأنهم جزء عزيز من نسيج هذا الوطن ومن أسباب وضرورات قوته وحمايته؟!.. وكالمعتاد نام المشروع أو مات واستبدل بالقري والمشروعات السياحية والاستثمارات التي لا تعني إلا أصحابها وشركاءهم.. الحلول الأمنية كارثة تحضر لتفجير المنطقة تماما مثل حماية الاحتلال الاستيطاني في فلسطين من مقاومة أبنائها تماما مثل حرمانهم من حقوق الإغاثة من جريمة الحصار.. إنها القنابل الموقوتة التي نجهزها بأيدينا والتي تهدد أمن سيناء ومصر كلها. سؤال آخر إلي النظام في مصر.. هل توجد علاقة بين هذه المنشآت الهندسية الجدارية وبين المتطلبات والترتيبات الأمنية التي تمت في الدقائق الأخيرة قبل انتهاء ولاية بوش الابن والتي وقعتها وزيرتا خارجية الولاياتالمتحدة وإسرائيل التي جاء فيها «تعمل الولاياتالمتحدة مع شركائها الإقليميين لمواجهة مشكلة تهريب السلاح ونقله وشحنه لحماس والمنظمات الإرهابية الأخري في غزة، وذلك من خلال تطوير الإمكانات الموجودة بالفعل أو إرسال الإمدادات لضمان الفاعلية في منع تهريب السلاح لغزة، ومن الوسائل المتبعة رفع مستوي التعاون الأمني والاستخباراتي مع الحكومات الإقليمية لمنع تدفق السلاح والمتفجرات لغزة التي يتم تصنيعها في قطاع غزة أو نقلها إليه». توقفوا عن هذا الخلط المعيب بين الحفاظ علي أمن مصر الذي لن يكون أبدا محل مناقشة أو تنازل من مصري واحد.. وبين الحفاظ علي أمن إسرائيل بمنع المقاومين والمحتلة أرضهم والمهددة قدسهم خلال الأيام القليلة المقبلة باستكمال تهويدها والمرفوض إيقاف امتداد سرطان سد المستوطنات علي ما تبقي من أرضهم أن يتملكوا سلاحا يقاومون به واستكمال حصارهم بمنع الغذاء والدواء ليستسلموا كبقية مخطط الإبادة الذي لم يستطع أن يفرضه الصهاينة بمحرقة الرصاص المصبوب كما أطلق أحد قادتهم العسكريين علي عدوانهم الأخير علي غزة، هل جزء من حماية إسرائيل أيضا بمنع النشطاء المحترمين الذين جاءوا من أنحاء الدنيا لإحياء ذكري هذه المذبحة؟! كانوا 1400 ناشط بعدد الشهداء مثلوا رمزاً رائعاً ليقظة الضمير العالمي علي حقيقة ما يحدث من جرائم صهيونية.. ما معني منعهم واختيار مائة فقط منهم ليعبروا من ميناء العريش بالمعونات التي حملوها إلي أبناء غزة.. ما حكمة الدوخة واللفة والمنع والتحرش بهم؟ هل أردنا أن نشارك إسرائيل في سقوطها المدوي أمام الضمير والأخلاق والمبادئ والقانون الدولي؟ والحمد لله أنهم يحملون هويات وجنسيات أجنبية وإلا لكانوا الآن في معتقل بلا عنوان.. ولعلهم ولا أظن أنهم سيتأخرون في استكمال مهمتهم الإنسانية والأخلاقية أمام محكمة العدل الدولية لينضم إلي إدانة وتجريم جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل جدار حصار غزة. دروس التاريخ أجمعت علي أن تحرير فلسطين رهن بتحرير وقوة مصر، وأن الصليبيين أدركوا بعد أن هزمهم صلاح الدين أن لا مصدر لخطر حقيقي عليهم إلا مصر، فقرروا أن يعدلوا خططهم الحربية وأن تكون البداية الجديدة بغزو مصر وعزلها عن الشام وفلسطين، وأن عزل مصر عن المعركة هو طريقهم الوحيد ليستردوا القدس، بل إن عزل مصر هو طريقهم ليستولوا علي فلسطين كلها والشام وسائر الأمة الإسلامية. التاريخ يتجلي علي وجه الحاضر ليؤكد أن تحرير فلسطين وتحرير الأمة كلها يبدأ بتحرير مصر من عوامل التخلف والتراجع والانهيار التي جعلت من تنفيذ الفروض الصهيونية والأمريكية مصادر حماية مزيفة، بينما مصادر القوة الحقيقية والجدران المصفحة لأمن مصر القومي ولحماية سيناء ومصر كلها هي قوة أبنائها وتحريرهم من التبعية السياسية والاقتصادية بكل ما ترتب عليها من فقر وبطالة ومرض وديون وبيع لقلاع مصر الصناعية، ذلك التحرير الذي تحمل رايته وتؤدي فريضته جبهات المواجهة الوطنية التي تسعي للتحرير سلميا ودستوريا بتداول السلطة عبر انتخابات محررة من التزوير تأتي بمجالس نيابية حقيقية تستطيع أن تعيد رسم خريطة الحياة والأمل والبعث والتحرير في مصر وتفتح آفاق المشاركة والترشح للقيادة لكل من يعرف ويحترم قدر وقدرات سيادة هذا الوطن. ومن بيان لحملة «صوتي مطلبي» أقتطع هذه السطور «إن حملة صوتي مطلبي انبثقت منها حملة مصريون من أجل انتخابات حرة وسليمة تسعي إلي تحقيق الوعي بأن صوت المواطن الاحتجاجي من جهة والانتخابي من جهة أخري هو السلاح الشرعي الوحيد للتغيير، تحقيقا لمبدأ الحقوق لكل الناس عبر وطن يوفر لكل مواطن العدالة والكرامة والأمان الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وتنطلق الحملة من ضرورة الممارسة العملية لمبدأ «المواطنة» الذي يتصدر الدستور المصري في تعديلاته الأخيرة فضلا عن أنها تتطابق مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأي إجراء أو قانون يعطل أو يعوق المواطن عن استخراج بطاقته الانتخابية أو استخدامها «الحر» سيكون باطلاً بحكم الدستور وبالتوازي مع مناداتنا باستخدام جداول جديدة للانتخابات بالرقم القومي، الأمر الذي يتطلب استصدار قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية فإننا نسعي لدعوة وتعبئة المواطنين المصريين المقيمين في مصر وخارجها للتقدم إلي أقسام الشرطة والقنصليات المصرية بالخارج للحصول علي البطاقة الانتخابية بالأسلوب المتبع حاليا الذي يقضي بالتقدم في شهور نوفمبر وديسمبر ويناير، أي أنه لم يتبق إلا شهر واحد لكل مصري يتعذب بما تمر به بلاده ويريد أن يشارك في تحريرها». وللمشاركة في حملة- صوتي مطلبي ومصريون من أجل انتخابات حرة- هذه البيانات لكل من طلبها مني: 1- الموقع والضغط علي انضم إلينا www.soutymatlaby.com 2- عن طريق الإيميل [email protected] 3- جروب الفيس بوك باسم «صوتي مطلبي» 4- محمول الحملة «0145813170