زيلينسكي: لا يمكننا تحقيق النصر في الحرب بدون الدعم الأمريكي    كروان مشاكل: فرحي باظ وبيتي اتخرب والعروسة مشيت، والأمن يقبض عليه (فيديو)    أمن كفر الشيخ عن واقعة خطف أب لابنه: خلافات مع طليقته السبب.. تفاصيل    الداخلية تكشف حقيقة فيديو تحذير المواطنين من المرور بأحد الطرق ببدر    هدى رمزي: الفن دلوقتي مبقاش زي زمان وبيفتقد العلاقات الأسرية والمبادئ    "فوربس" تعلن انضمام المغنية الأمريكية بيونسيه إلى نادي المليارديرات    بوينج توقع عقدًا بقيمة 8.5 مليار دولار لتسليم طائرات إف-15 إلى إسرائيل    بيان ناري من جون إدوارد: وعود الإدارة لا تنفذ.. والزمالك سينهار في أيام قليلة إذا لم نجد الحلول    حسين المناوي: «الفرص فين؟» تستشرف التغيرات المتوقعة على سوق ريادة الأعمال    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة لصالح المستوطنين    مندوب مصر بمجلس الأمن: أمن الصومال امتداد لأمننا القومي.. وسيادته غير قابلة للعبث    النيابة تأمر بنقل جثة مالك مقهى عين شمس للمشرحة لإعداد تقرير الصفة التشريحية    نتائج لقاء ترامب ونتنياهو، البنتاجون يعلن عن صفقة ضخمة لتسليم مقاتلات "إف-15" لإسرائيل    إسرائيل على خطى توسع في الشرق الأوسط.. لديها مصالح في الاعتراف ب«أرض الصومال»    بعد نصف قرن من استخدامه اكتشفوا كارثة، أدلة علمية تكشف خطورة مسكن شائع للألم    أستاذ أمراض صدرية: استخدام «حقنة البرد» يعتبر جريمة طبية    حسام عاشور: كان من الأفضل تجهيز إمام عاشور فى مباراة أنجولا    نيس يهدد عبدالمنعم بقائد ريال مدريد السابق    سموم وسلاح أبيض.. المؤبد لعامل بتهمة الاتجار في الحشيش    انهيار منزل من طابقين بالمنيا    فرح كروان مشاكل على حفيدة شعبولا يتحول إلى تحرش وإغماء وعويل والأمن يتدخل (فيديو وصور)    القباني: دعم حسام حسن لتجربة البدلاء خطوة صحيحة ومنحتهم الثقة    عرض قطرى يهدد بقاء عدى الدباغ فى الزمالك    ناقدة فنية تشيد بأداء محمود حميدة في «الملحد»: من أجمل أدواره    الناقدة مها متبولي: الفن شهد تأثيرًا حقيقيًا خلال 2025    صندوق التنمية الحضارية: حديقة الفسطاط كانت جبال قمامة.. واليوم هي الأجمل في الشرق الأوسط    حوافز وشراكات وكيانات جديدة | انطلاقة السيارات    حسام حسن يمنح لاعبى المنتخب راحة من التدريبات اليوم    تحتوي على الكالسيوم والمعادن الضرورية للجسم.. فوائد تناول بذور الشيا    أحمد موسى: خطة تدمير سوريا نُفذت كما يقول الكتاب    الزراعة: نطرح العديد من السلع لتوفير المنتجات وإحداث توازن في السوق    أمم إفريقيا – خالد صبحي: التواجد في البطولة شرف كبير لي    في ختام مؤتمر أدباء مصر بالعريش.. وزير الثقافة يعلن إطلاق "بيت السرد" والمنصة الرقمية لأندية الأدب    أحمد موسى: 2026 سنة المواطن.. ونصف ديون مصر الخارجية مش على الحكومة علشان محدش يضحك عليك    مجلس الوزراء: نراجع التحديات التي تواجه الهيئات الاقتصادية كجزء من الإصلاح الشامل    الكنيست الإسرائيلي يصادق نهائيًا على قانون قطع الكهرباء والمياه عن مكاتب «الأونروا»    هيفاء وهبي تطرح أغنيتها الجديدة 'أزمة نفسية'    وزير الخارجية يجتمع بأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الدرجات الحديثة والمتوسطة |صور    التعاون الدولي: انعقاد 5 لجان مشتركة بين مصر و5 دول عربية خلال 2025    سقوط موظف عرض سلاحا ناريا عبر فيسبوك بأبو النمرس    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي    الصحة: ارتفاع الإصابات بالفيروسات التنفسية متوقع.. وشدة الأعراض تعود لأسباب بشرية    الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد: دمج حقيقي وتمكين ل11 مليون معاق    توصيات «تطوير الإعلام» |صياغة التقرير النهائى قبل إحالته إلى رئيس الوزراء    الإفتاء توضح مدة المسح على الشراب وكيفية التصرف عند انتهائها    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    نيافة الأنبا مينا سيّم القس مارك كاهنًا في مسيساجا كندا    معدل البطالة للسعوديين وغير السعوديين يتراجع إلى 3.4%    وزير الصحة: تعاون مصري تركي لدعم الاستثمارات الصحية وتوطين الصناعات الدوائية    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    السيمفونى بين مصر واليونان ورومانيا فى استقبال 2026 بالأوبرا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    اسعار الخضروات اليوم الإثنين 29ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    أسود الأطلس أمام اختبار التأهل الأخير ضد زامبيا في أمم إفريقيا 2025.. بث مباشر والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جدار أسس على الكذب والعدوان والتهويل
نشر في المصريون يوم 09 - 01 - 2010


في مقال الأسبوع الماضي طرحت عدة أسئلة خلاصتها :
1 لماذا قام العمل في الجدار المصري في كتمان شديد ، ولم يعلن عنه إلا بعد أن كتبت عنه بتفصيل الصحف الإسرائيلية ، ووكالات الأنباء العالمية ؟!!
2 إذا كان هذا الجدار ضرورة لحماية حدود مصر ... فلماذا تأخرت إقامته مع أنه لم يجد جديد في ساحة السياسة ؟!! ألا يعد هذا بمنطق حكامنا تفريطا في أرضنا المصرية ؟!!
3 أين صنعت هذه الصفائح الفولاذية الجبارة التي لا تؤثر فيها الألغام والقنابل كما ذكر الخبراء المختصون ؟
إن الواقع الأليم يقطع بأن " خامات " هذا الجدار مصنوعة في الخارج ، وهناك شبه إجماع على أنها مصنوعة في الولايات المتحدة .
4 وتكاليف هذا الجدار الجبار الذي يعد أضخم وأقوى جدار في التاريخ ... هذه التكاليف من يتكفل بها ؟
5 ولماذا يا حكامنا الأشاوس لم تفتحوا آذانكم للرأي العالمي وخصوصا الخبراء بتجريم إقامة هذا الجدار ؟ .
6 ولماذا لا تتذكرون مقولة قائد إسرائيلي كبير " إن إسرائيل إذا ألحت الضرورة قد تلجأ إلى نسف السد العالي بصواريخ خفية ، مما يترتب عليه إغراق مصر كلها " ؟.
7 ولماذا لم تقرءوا ، أو تفتحوا آذانكم لتصريح باراك الذي قال فيه : " إن إسرائيل قد تضطر إلى القضاء على حماس في غزة العام القادم أو الذي يليه " ؟
وطبعا ستكون مذبحة لأهالي غزة جميعا ؛ لأنهم محصورون بين جدارين ظالمين : الجدار الإسرائيلي والجدار المصري .
8 ولماذا ينسى حكامنا ما صرح به يعض القادة الإسرائيليين من عدة سنوات من أنهم تخلوا عن سيناء باختيارهم ، لأنهم في حاجة إلى قوة بشرية ، وعندما يتوفر عند إسرائيل من القوة البشرية قرابة ثلاثة ملايين إسرائيلي ... ستضطر إسرائيل إلى استعادة سيناء وضمها إلى إسرائيل الأم ؟
كيف عرفنا نبأ الجدار ؟؟
لم تصارح مصر ابتدآء شعبها ، أو مؤسسة من مؤسساتها ، بالشروع في بناء هذا الجدار الغاشم اللعين ، إلى أن فضحت الخبيء الصحف الإسرائيلية ، ووكالات الأنباء الغربية مما اضطر حكامنا النشامى بالحديث عنه . وأخذ هذا الحديث صورة التدرج ... فظهر الإعلام في عدة صور تتلخص فيما يأتي :
1- أنه جدار قصد به حماية الحدود ، ولا يقصد من ورائه الإضرار بالشعب الفلسطيني في غزة .
2- أنه جدار يقصد به القضاء على الأنفاق التي تسمح بتهريب الإرهاب والمخدرات .
3- أنه أشغال هندسية على الحدود تقوم بها القوات المسلحة المصرية ، ومثل هذه الأشغال العسكرية لا يجوز لأحد أن
يتدخل فيها ، أو يجعلها مادة للحديث والسخرية والاتهام .
وما ذكرناه آنفا في إيجاز وتركيز يحتاج إلى شيء من التفصيل ، نراه في السطور الآتية :
1 صرح سليمان عواد‏:‏ المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن مصر من حقها أن تتخذ ما تشاء من إجراءات لضمان أمن وسلامة حدودها‏.‏ أن ضمان مصر لأمن وسلامة حدودها هو مسئولية الدولة . ومن حق مصر أن تتخذ ما تشاء من إجراءات لضمان أمن وسلامة حدودها .الأهرام 22122009
2 وأعلن صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري أن نواب الشعب يؤيدون كل الإجراءات التي تتخذها مصر لتأمين حدودها ,‏ ويعتبرون أن هذه الإجراءات واجب وطني ومسئولية دستورية لحماية الأمن القومي المصري . وأشار إلي أن حدود مصر جزء من سيادتها . وهي سيف قاطع سوف يقطع من يقطعها‏,‏ ولن تكون سداحا مداحا لكل مغامر أو متاجر بقضايا الأمة‏.‏
ويظهر أن السيد صفوت الشريف متأثر بالهتاف المشهور سنة 1967 ... سنة النكسة " في العقبة قطع الرقبة " ... 3 وقال الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية في جلسة الشوري :‏ إن ما تقوم به مصر من إنشاءات هندسية ضمن حدودها مع غزة هو ضرورة من ضرورات الأمن القومي ،
4 أكدت لجنة الشئون العربية والخارجية والأمن القومي بمجلس الشوري أن ما تقوم به مصر علي حدودها الشرقية يهدف إلي منع تدفق السلاح‏ ،‏ وما يهدد أمن مصر‏. الأهرام الأربعاء 30122009‏
5 ويكتب أسامة سرايا في الأهرام . الجمعة . 25122009 بأنه " ليس جدارا ، وليس عازلا "
ولكن ما تفعله حركة حماس الآن مع مصر لن يفقدها الحماس للقضية الفلسطينية فالشائعات والحرب التي تشنها التيارات الدينية عالميا أو في منطقتنا ومن يحذو حذوها‏,‏ لن تؤثر علي السياسة المصرية‏,‏ ولن تهز معنويات المصريين تجاه الشعب الفلسطيني‏,‏ وتجاه أهل غزة‏.‏
6 وكتب حسن الرشيدي رئيس تحرير " المسائية " : 'مصر ترفض الحصار المفروض على الأشقاء الفلسطينيين في غزة وتقدم كل الدعم لهم ولكن عناصر حماس أساءت استغلال الأنفاق على الحدود، ليس لتهريب السلع أو المواد الغذائية وإنما لتهريب الأسلحة والمتفجرات التي تستخدم ضد مصر وترويع الآمنين'.
7 وكتب محمد بركات رئيس تحرير 'الأخبار': 'الوقت حان لتدرك أن مصر وهي تؤدي واجبها القومي وتقوم بمسؤوليتها الوطنية تجاه الإخوة الفلسطينيين وتسعى لرأب الصدع الفلسطيني فان ذلك لا يعني أن تقصر مصر في اتخاذ الاجراءات الواجبة والضرورية لضمان أمن وسلامة حدودها " .
**********
وقد ذكرنا آنفا أن الإعلان عن هذا الجدار جاء قطرة قطرة ، أي أعلن عنه بالتدريج . ولكن كان هناك نوع من الإعلان قام على المغالاة والإسراف والشطط والتهويل . كذلك الذي كتبه الدكتور عبد المنعم سعيد في مقاله بالأهرام يوم السبت 2 / 1 / 2010 تحت عنوان ( الدفاع عن مصر‏..‏تلك هي القضية ) ومما جاء فيه من التهويلات السطور التي نلخصها فيما يأتي :
" 1 عندما وجدت منظمة حماس أن دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة واسعة عليها 1لتعدد الاتجاهات السياسية وكثرة المنافسين قررت الحركة الاستقلال بغزة في إمارة إسلامية لا يسمح فيها لأحد آخر بأن يكون له صوت أو نفوذ‏.‏
2 لما كانت الحركة قد دخلت في اتفاقيات ضمنية مع إسرائيل لوقف القتال‏,‏ فإنها منعت إطلاق صواريخ كل الفصائل‏'‏ الإسلامية‏'‏ الأخري احتراما لاتفاقها‏.‏
3 مع موقف إسرائيل من رفض التفاوض المباشر مع حماس‏,‏ وموقف حماس المعروف من عدم التفاوض مع إسرائيل‏,‏ وموقفها أيضا من رفض المصالحة مع السلطة الوطنية الفلسطينية‏,‏ فإن استباحة الحدود مع مصر أصبحت واحدة من المنافذ القليلة الباقية أمام الحركة‏,‏
4 جرت هذه الاستباحة بطرق وأساليب متعددة بعضها سلمي قائم علي الاجتياح السكاني‏,‏ وبعضها الآخر عنيف سقط فيه ضحايا مصريون جنود ومدنيون‏,‏ وبعضها الثالث فوق الأرض بالدعاية والتشهير‏,‏ وبعضها الرابع تحت الأرض بالأنفاق والتهريب‏.‏
**********
ومن التهويلات ما رددته وسائل إعلامنا المقروءة والمسموعة والمرئية وخصوصا القنوات الفضائية ومنها :
1- عدد الأنفاق التي حفرها أهل غزة 1700 نفق ، يبلغ طول بعضها ميلا ونصف ميل .
2- هذه الأتفاق لم يستخدمها الغزاويون إلا لتهريب المخدرات والإرهاب إلى مصر . ومن جهة آخرى تهريب ممنوعات إلى داخل غزة منها فتيات لممارسة الدعارة ( ؟؟!!! ) .
التعليل الأول ( تهريب المخدرات والإرهاب ) يماثل ما تتذرع به الحكومة المباركية للإبقاء على قانون الطوارئ ، ومده عدة مرات . وبذلك رأت حكومة الحزب الوطني أن سيادة " السيادة المصرية " ، وحماية مصر لا تكون إلا بجداري هما :
1- جدار فولا ذي على حدودنا .
2- وجدار معنوي يمثل سيفا مسلطا على أعناق المصريين جميعا اسمه قانون الطوارئ .
ومن التهويلات كذلك ما كتبه كل من أيمن السيسي وأحمد موسى في الأهرام . اعتمادا على معاينة كل منهما لما سمياه "الإنشاءات الهندسية " ( ؟؟ !!! ) على الحدود بيننا وبين غزة .
**********
ولكن الله سبحانه وتعالى قيض لمصر كتابا أحرارا فضلاء ، كشفوا الحقيقة التي تدمغ الحكام بالعار والتضليل والكذب والخداع ، ومن هؤلاء الكاتب الحر الأستاذ فهمي هويدي في سلسلة مقالات فضح فيها بناء جدار العار والسقوط الخيانة ، ومنها مقاله :
الجدار حماية لأمن إسرائيل
ومما جاء في خاتمته :
* إزاء الحفاوة الإسرائيلية بالموافقة المصرية على بناء الجدار، هل يمكن القول إن تطابقا حدث فى الرؤية بين الأمن الوطنى الإسرائيلى والأمن القومى المصرى؟
* لا خلاف حول حق مصر فى الدفاع عن أراضيها والحفاظ على أمنها. لكن ألا يستحق المساس بالأرض أو تهديد الأمن إجماعا وطنيا، بحيث يعرض على مجلس الشعب على الأقل، بدلا من أن يُحاط الشعب المصرى علما به من إحدى الصحف الإسرائيلية؟ ........
حين يفكر المرء فى إجابة تلك الأسئلة فسوف يدرك أن إقامة الجدار لا علاقة لها بأمن مصر، وإنما هي فى حقيقتها استجابة لدواعي أمن إسرائيل، فرضتها السياسة الأمريكية وقامت بتنفيذها تحت أعيننا، ولكننا أغمضنا وسكتنا، إلى أن قامت الصحافة الإسرائيلية بكشف المستور وفضح المسكوت عنه .
***********
وممن كشف مخالفة بناء الجدار للقانون الدولي الدكتور الشافعي بشير في مقال له بعنوان :
خيبة جدار الصلب المصري!..
جاء في مطلعه :
الجدار يضع النظام المصري تحت مسئولية دولية وقانونية ؛ لأنه ساعد إسرائيل في حصارها علي غزة بالمخالفة للمادة «59» من اتفاقية جنيف . جدار الصلب الذي يبنيه نظام الحكم عند حدودنا مع غزة تنفيذاً لإملاءات أمريكية وأهداف إسرائيلية.. يمكن تلخيصه في عبارة موجزة بأنه خيبة كبري لمصر والمصريين. فثمة مخالفةلنص المادة 59 من اتفاقية «جنيف» الرابعة لعام 1949، ونص المادة 54 من البروتوكول الملحق بها الذي أقره المؤتمر الدبلوماسي المنعقد في «جنيف» في 10 يونيو 1977 والذي شاركت فيه مصر.. ويحسن تذكيرها بنص تلك المادة التي تقول:
1- يُحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب.
2- يُحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غني عنها لبقاء السكان المدنيين ومثالها المواد الغذائية .. مهما كان الباعث.. سواء بقصد تجويع المدنيين ، أم لحملهم علي النزوح ، أم لأي باعث آخر.
فما باعث مصر من تشديد الحصار بجدار الصلب علي الشعب العربي المسلم من جانب بلد الأربعة آلاف مئذنة ومنارة الأزهر الشريف.. البلد الذي يُقال عنه إنه الشعب الأكبر للشعوب العربية والقيادة والريادة للأمة العربية والإسلامية؟!
***********
ومن هؤلاء الدكتور عبد الله الأشعل وقد جاء في مقاله :
من الناحية القانونية، يجب التأكيد على أن المرجعيات القانونية لتكييف الجدار المصري هي اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 واتفاقية الأمم المتحدة لإبادة الجنس لعام 1948، وما يقرره نظام روما من أحكام حول أنواع الجرائم وأركانها والذي ألقى الضوء بشكل أكبر على ما تضمنته اتفاقية جنيف الرابعة التي تلزم الدولة المحتلة، كما تلزم الدول الأطراف خاصة المرتبطة بشكل مباشر بالإقليم المحتل في حالة مصر وغزة، بل إن هذه الاتفاقية تعطي القضاء المصري اختصاصاً عالمياً مثل باقي السلطات القضائية في الدول الأطراف، ولذلك لا محل للاحتجاج بحرمان القضاء من هذه السلطة بذريعة أعمال السيادة أو أن هذا العمل يعتبر من أسرار الدولة العليا.
وعندما يتعلق الأمر بغزة التي يحدها شمالاً البحر المحاصر وعلى طول حدودها الشرقية والجنوبية إسرائيل التي تحمل مشروعاً صهيونياً هدفه القضاء على الشعب الفلسطيني والتربص الدائم بغزة وإعلانه إقليماً معادياً تجيز فيه كل ما يحظره القانون الدولي، فإن الحد الغربي لغزة وهو مصر يصبح هو محط الأمل من الناحية النفسية ليس فقط لإنقاذ غزة من الوحش الصهيوني ولكن لإمداد غزة بكل ما يلزم من ضرورات البقاء وهى في الظروف العادية مسألة اقتصادية إذا حسنت النوايا وهى مصدر للربح بالنسبة للجانب المصري.
ولكن لأسباب كثيرة لا داعي لإقحامها في هذا السياق رأت مصر أن تقيم عازلاً صلباً بينها وبين هؤلاء "الأعداء" الذين يتربصون بها الدوائر ويغيرون عليها من حين لآخر ويسببون لها الإحراج مع إسرائيل، ومصر تظن أن هذا القرار مصدره الشعور المصري الخالص دون إملاء من أحد بهذه المخاطر......
أما بالنسبة لمصر، وبسبب وضعها كمنفذ وحيد على الجانب الآخر لغزة فقد رتب القانون الدولي عليها التزامات أقسى وهي ضرورة فتح معبر رفح وكافة منافذ الحدود الأخرى لإنقاذ.
فالهدف هو الإمعان في خنق سكان غزة، ومعاقبتهم لذنب لم يرتكبوه وإرهابهم إلى حد الموت لقاء تمسكهم بنظام أحبوه أو كرهوه، اختاروه أو فرض عليهم ليس لأحد التدخل فيه مهما كان رأيه فيه من الناحية السياسية. فالهدف السياسي لا قيمة له لأن القانون يعول على النية الإجرامية وهي إبادة السكان بقطع النظر عن الدوافع.
***********
ومن حق التاريخ علينا أن نذكر القارئ بأن غزة لم يكن بينها وبين مصر حدود فاصلة قبل نكسة 1967 ، لأنها منطقة غزة كلها كانت واقعة تحت مسئولية الجيش المصري ، وتسبب الحكم العسكري الفاسد في عهد عبد الناصر بإعلامه الساقط في سقوط غزة في يد الإسرائيليين .
وكان الواقع المر أقوى منا بكثير ، بسبب الأخطاء القاتلة النى وقعت فيها القيادة ، ولم تعرضها الدولة في صورتها الحقيقية .
( من تحقيق : أشرف أبو الهول .الأهرام 18 6 2009 )
وبإعلامنا احتل اليهود غزة بلا قتال
كتب الصحفي أشرف أبو الهول ".... وهنا سألتهم (شيوخ العشائروالمخاتير والأعيان من سكان جنوب قطاع غزة ) عن طبيعة القتال الذي جرى أثناء الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة " . فأجابوا جميعا في نفس واحد " لم يكن هناك قتال " ولم أفهم الإجابة ، وتصورت أن الفدائيين الفلسطينيين ربما قاتلوا الإسرائيليين خارج القطاع ، ولما انهزموا دخل الإسرائييليون القطاع . وهنا كانت الصدمة : لا لم يخرجوا ، ولم يقاتلوا ، فالإسرائيليون دخلوا أولا ، وسيطروا ، وقتلوا من قتلوا ، واعتقلوا من اعتقلوا . ولم يقاتل إلا من نجا من تلك المذبحة ، وفرإلي خارج القطاع ليحارب ، ولكن بعد أن كانت الحرب قد انتهت فعليا ، وحملت اسم النكسة .
لكن لماذا سقطت غزة بلا قتال ؟ أجاب من ذكرتهم آنفا : أوهمتنا الإذاعة المصرية أن الجيوش العربية حققت انتصارات ساحقة ، وأنها على مشارف تل أبيب ، والجنود الإسرائيليون بين قتلى ومستسلمين . واستغل الإسرائيليون هذا الوضع ، فأرسلوا دباباتهم إلى القطاع من اتجاه العريش وهي ترفع الأعلام العربية ، وبخاصة العراقية ، ويظهر من أبراج بعضها جنود يتكلمون اللهجة العراقية ، وبالتالي ظننا جميعا أن هذه قوات عراقية صديقة جاءت للمشاركة في حرب النصر والتحرير . ففرحنا جميعا ... ولم نعرف الحقيقة إلا بعد أن كانت الدبابات الإسرائيلية قد انتشرت في كل القطاع تقريبا ...... "
**********
وأخيرا : أنظر إلى الجدار الملعون ، وأقرأ مقال الأستاذ فهمي هويدي الجدار حماية لأمن إسرائيل ... فيشداني إلى بيتين لشاعر القطرين خليل مطران في قصيدة عصف فيها " بالملك خوفو " باني الهرم الأكبر . ونص البيتين :
شاد فأعلى وبنى فوطدا = لا للعلا ولا له بل للعِدا
مستعبد أمته في يومه = مستعبد بنيه للعادي غدا
ومعنى البيتين أن الملك بنى البناء الأسطوري العالي على أساس بنياني راسخ عميق فهو بنى الهرم ، وأعلاه إلى أقصى حد ، ورسَّخ قواعده ، ولم يكن هذا البناء لتحقيق الرفعة والشرف والمجد ، لا لأمته ولا له ، بل كأنه بناه لمصلحة الأعداء ، والرفع من شأنهم ؛ وذلك لأنه استعبد أمته وسخرها في إقامة هذا البنيان ، فجعل منها أمة مستعبدة ، وبذلك مهد السبل لأن يستعبد الأعداء أبناء الوطن في المستقبل .
كان هذا ما قاله شاعر القطرين عن خوفو والهرم ، وكأنه يتحدث عن حاكمنا المستبد بنا ، وعن بناء الجدار المصري ؛ فالمنتفع الأول والأخير من هذا الجدار هو إسرائيل ، والمحروق المطحون بهذا الجدار هم فلسطينيو غزة . وعلى هذا أجمع خبراء السياسة والعلوم الهندسية على المستويات الإقليمية والعالمية .
ومن عجب أن تغلق الحدود بيننا وبين غزة بهذا الجدار الأصم اللعين ، وفي الوقت نفسه نترك الحدود بيننا وبين إسرائيل مفتوحة تماما من ناحية منطقة طابا .
**********
وهناك " فرضية " قد تبدو خيالية في وقتنا الحاضر ، وهي :
أن يقوم السودان بغلق حدوده الشمالية بجدار مماثل باسم سيادته الوطنية على أراضيه .
أو تقوم ليبيا كذلك بنفس العمل ، وعندها الدوافع أقوى وأوضح ، فمن حدودها مع مصر تتدفق العمالة المنفلتة بصورة غير قانونية ، ويتدفق المهاجرون غير الشرعيين لركوب البحر من منطقة ليبية للهجرة إلى إيطاليا وغيرها ، ونحن نعلم أن البحر قد ابتلع مئات من شبابنا الذي عجز عن الحياة في مصر تحت وطأة الفقر والاستبداد ، وأخر الأحداث على الحدود الليبية كان مصرع 14 مصريا برصاص مجهول ، فحاجة ليبيا لمثل هذا " الجدار " تكاد تكون أقوى من حاجة مصر لجدارها الفولاذي اللعين .
**********
ونقول لحكامنا الأشاوس . اتقوا الله يا هؤلاء ؛ فشعبنا أصبح عاجزا تائها ضائعا يعيش تحت خط الفقر ، والأزمات المتعددة المتنوعة تتراكم عليه كل يوم تحت وطأة الظلم والاستبداد . واذكروا قوله تعالى :
( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) العنكبوت (40)
واذكروا قوله تعالى :
( وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) يونس (54)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.