كان يوم الرابع عشر من ديسمبر لعام 2004 حينما تم توقيعها.. إنها اتفاقية «الكويز» التي وقعت لتكون بمثابة خطر يواجهه العمال المصريون، تلك الاتفاقية التي يرجع تاريخها إلي عام 1996 حينما أقر الكونجرس الأمريكي مبادرة حكومته في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق «بيل كلينتون» بإنشاء مناطق صناعية مؤهلة في منطقة الشرق الأوسط بهدف دعم السلام!، وبالرغم من الانتقادات التي وجهت للاتفاقية فإنه تم تفعيلها بصورة واقعية وذلك من خلال إنشاء العديد من المناطق الصناعية وهي منطقة القاهرة الكبري والمدينة الصناعية ببورسعيد، بالإضافة إلي منطقة الإسكندرية وبرج العرب والعامرية والتي تعد من أكبر المناطق الصناعية التي شملها هذا المشروع وعلي هذا فقد غزت العمالة الأجنبية مصانع برج العرب والعامرية، وعلي الرغم من أن قانون العمل المصري ينص علي أن نسبة العمالة الأجنبية في أي مؤسسة صناعية أو إنتاجية يجب ألا تزيد علي 10% فإن الواقع يتجاوز ذلك بكثير، فالهنود والباكستانيون والبنجلاديش علي سبيل المثال لا الحصر يشكلون العمود الفقري للعمالة في مصانع الإسكندرية في مقابل تراجع مستمر وربما متعمد للعمالة المصرية لصالح العمالة الأجنبية. من جانبه أكد سعد محمد - عامل - وجود استغلال من قبل إدارة المصانع التابعة للكويز للعمال سواء من ناحية الأجور أو ظروف العمل، وقال إن ما يجعلهم يتمادون في أخطائهم وطغيانهم صبر العامل المصري الذي يقدس العمل، وتابع: حينما يفيض بنا الكيل ونسعي للمطالبة بحقوقنا المهدرة سرعان ما يتم الاستغناء عنا والاستعانة بالعمالة الهندية والبنجلاديشية رغم أنها أقل منا مهارة!. ويشير العامل إيهاب عبد الراضي إلي غياب الدور النقابي حيث يستطرد: بعض المصانع الأجنبية التي استقدمت عمالها من الخارج ساعد علي زيادة وتفاقم الأزمة بشكل ملحوظ، وما ساعد علي زيادتها أكثر هو غياب المنظمات النقابية والتي من المفترض أن تسعي لحماية حقوقنا، لكن يقول عبد الراضي - عامل - : إن معظم الاتفاقات التي يتم توقيعها بين الدول الكبري تنص علي احترام حقوق عمالها وإن كانت تلك الدولة هي المضيفة، وقال : لكن للأسف هذا لا يحدث في مصر لأن دولتنا ببساطة شديدة قد تنازلت عن حقوق عمالها بل وحقوق شعبها بأكمله. ويوضح صلاح أحمد - مهندس ميكانيكي - قائلا: لقد ساهمت اتفاقية الكويز في القضاء علي الأردن وجاء الآن الدور علي مصر، فبنود تلك الاتفاقية والتي تنص علي التعاون المشترك بين مصر وأمريكا وإسرائيل في مجال صناعة النسيج، واشتراطها دخول مكونات إسرائيلية بنسبة 11% علي الأقل إلي مصر، وكذلك مكونات أمريكية بنسبة 15% واقتصار المكون المصري علي 35% فقط من المنتج ساعد علي رفع نسبة البطالة بين الشباب والعمال المصريين خاصة الذين تعتمد أعمالهم علي هذه الصناعات، مشيرا إلي أن الأنباء التي تتردد حول إمكانية أن يتسع مجال الاتفاقية ليشمل الصناعات الجلدية والكيماوية وصناعات الأثاث ومواد البناء سوف يكون كارثة إذا حدثت. ويؤكد عبد الحميد حسن - محاسب - أن ما يتردد حول استفادة الاقتصاد المصري من هذه الاتفاقية وذلك بزيادة الصادرات وإقامة هذه المناطق الصناعية التي وفرت فرص عمل لكثير من الشباب ليس له أي أساس من الصحة، ويضيف: أكبر دليل علي صحة ما أقول هو أن معظم المصانع التي تعمل تحت مظلة اتفاقية الكويز تستعين بالعمالة الأجنبية علي حساب العمالة المصرية. ويتفق محمد إبراهيم - مدير إنتاج - مع من سبقوه قائلا: إن معظم العمالة الموجودة في المناطق الصناعية وبالتحديد في مناطق العامرية وبرج العرب هي عمالة مخالفة وقد انتهت فترة إقامتها في مصر، ولكن عدم وجود تفتيش من الجهات الرقابية ساعدهم علي الاستمرار في العمل دون تصريح إقامة. وفي إطار مواز شرح علي عبد اللطيف - مدير مديرية القوي العاملة بالإسكندرية - خلفيات إقامة العمالة الأجنبية قائلا: لقد أجاز المشرع في قانون العمل وبالتحديد في القانون رقم 12 لسنة 2003 وتعديلاته لصاحب العمل تشغيل عمالة أجنبية بنسبة لا تزيد علي 10% من حجم العمالة الموجودة في المنشأة، موضحا أن هذه العمالة يتم تشغيلها فقط في حالة عدم توافر المهنة في العمالة الوطنية، ولذلك ألزم المشرع في القانون أصحاب العمل بتعيين مساعد مصري للأجنبي حتي يستطيع اكتساب الخبرة في الأعمال النادرة. ويتابع عبد اللطيف قوله: يجب علي الأجنبي الحصول علي ترخيص بالعمل قبل مزاولته له، ولا يجوز لصاحب أي عمل تشغيل أي أجنبي دون حصوله علي ترخيص عمل، وأضاف أن مديرية القوي العاملة والهجرة بالإسكندرية تقوم بالتفتيش علي جميع المنشآت الصناعية خاصة التي يعمل بها أجانب، لافتا إلي أنه في حالة وجود أي مخالفات يتم تحرير محضر ضد المنشأة، حيث بلغ عدد المحاضر في العام الماضي 1290 محضرا، وتم إخطار مباحث التهرب الضريبي وإدارة الجوازات بهذه المخالفات لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضد أصحاب المصانع والعمال الأجانب؟!