The lovers.. السؤال الصعب لتلك المرأة بمنتصف العمر"هل عاشت الحياة التي تستحقها"؟

في بداية «العشاق» تجد إيفون - وهي أمريكية في منتصف العمر تقضي أجازتها في تركيا- كتابا علي أحد الرفوف في البيت الذي استأجرته باسم «دليل المرأة إلي الجنس». تتصفح الكتاب قبل أن تكتشف تحت الأريكة بعض مجلات البورنو - وجهاز ًاحغريبًا في حجرة الضيوف يعمل كأرجوحة للجنس! وبدلا من الإحراج والإثارة أو المفاجأة أو حتي الرعب والفضول، تشعر إيفون تجاه هذه الأشياء المثيرة المتناثرة حولها بأنها تستحق ألف دولار أسبوعياً للإقامة معها خاصة أن العديد من النساء من الطبقة المتوسطة من نيو إنجلاند لا يسافرن بمفردهن للمرة الأولي منذ 30 عاما. يمكن أن تنظر لقصة إيفون منذ البداية باعتبارها غير عادية وبمثابة اكتشاف للزواج والأبوة والحوادث التي يمكن أن تنتهي وتعيد تكوين الحياة. بعد وفاة زوجها منذ عامين، وضعت إيفون نفسها في مزاج خاص يفصلها عن أولادها وطلابها وعن باقي العالم وهكذا جاءت مدينة داتكا الساحلية لتعيد لها ذكريات شهر العسل الذي أمضته هناك منذ ثلاثة عقود مضت. وهربا من حقيقة كونها أرملة في بيرلنجتون التي يسألها سكانها عن أحوالها لتجيب أنها بخير حتي لو لم تكن كذلك. وهي في تركيا أيضا لتقابل توأمها ماثيو وأوريليا، أحدهما: مدير مطعم كفء والثاني: يتعافي من إدمان المخدرات بعد رحلة بحرية. ولكن من الممكن أن تكون رحلتها في الواقع مجرد محاولة لإثبات أنها لا تزال مغامرة وتستطيع أن تسافر إلي بلد غريب بمفردها. ويستمر جوش إيمونز في عرض أحداث الرواية من خلال صحيفة النيويورك تايمز، ليؤكد أنه في النهاية تبقي كل هذه التفسيرات صحيحة. وكما هي الحال في رواية فيندلا فيدا السابقة Let the Northern Lights Erase Your Name نحن هنا أمام امرأة أمريكية في الخارج أقل اهتماما بما يحيط بها من رسم خريطة لماضيها الذي لا يقل غموضها. في بلد اشتهرت بآثارها من العصور القديمة فإنها تتيح لكثير من الذكريات والفلاش باك بالعودة مجددا في ظل حاضر أكثر هدوءاً.
في البداية إيفون ليست واثقة ما إذا كانت قامت بتربية أبنائها بالعدل أو بفهم كاف. فهي وابنها بالكاد يعرف أحدهما الآخر أما ابنتها فقد لاقت الكثير من المتاعب من سن مبكرة. هي لا تدري أي جزء منها فقدته في ظل الزواج أو ما إذا كانت علاقتها ناجحة تماما أم لا. وما يثير هذه الأسئلة هو رغبتها في معرفة إذا كانت عاشت بالفعل الحياة التي تستحقها. وبالرغم من الوقت الذي تقضيه في النظر إلي الماضي فإنها تحرص بشدة علي مشاهدة تركيا. وتشعر بالقلق من التعرض للإساءة من الأتراك حتي أنها ارتدت خلال رحلتها بالطائرة ملابس فضفاضة وبلوزة بأكمام طويلة قبل أن تكتشف أنها تخنق نفسها بلا داع. فلم يكن أي شخص من الذين كانوا معها علي متن الطائرة يرتدي حتي وشاح للرأس. معظم النساء التركيات من الشباب الأثرياء الذين يرتدون الجينز والتي شيرت والأحذية ذات الكعب العالي. أما باقي المقاعد فاحتلها بعض البريطانيين ورجال أتراك بسراويل طويلة وفتيات نرويجيات بفساتين زاهية الألوان.
عند وصولها إلي داتكا تلاحظ إيفون كيف أن حال المدينة انخفض عما كان عليه في الماضي عندما جاءت، نصف المطاعم أغلقت والباقي ظهر فيها النادلون بملابس متسخة وكانت القطط تجوب المكان بحثا عن الطعام. وهناك القليل من السياح الألمان الواقفون خارج المقاهي والشمس قد حرقت بشرتهم بطريقة غريبة فأصبح لونها أقرب إلي البرتقالية. بعض الأشياء في هؤلاء الألمان يكمل الصورة الكئيبة لكنهم بشكل ما يعطون طابعا كوميديا للصورة.
كل «العشاق» هكذا ربما لأن إيفون ليس لديها الكثير لتندم عليه ولأنها تستمد السعادة من الأماكن والأشخاص. ومن بين الغرباء الذين قللوا من ألمها كانت زوجة صاحب المكان والتي تستطيع أن تقول بعد مقابلتها بدقائق إنها عانت كثيرا الاعتداء عليها وخيانتها وأنها جاءت من بيت تعيس. هذه امرأة لديها حساسية تجاه معاملة العالم لها بقبح يخلو من أي جمال.
هكذا تؤكد النيويورك تايمز أن فيدا كاتبة قوية وفي روايتها الثالثة تجد دليلا علي أنها تستطيع بناء شخصيات ورسمها بطريقة لا يمكن التنبؤ بها. وعلي الرغم من أن النهاية بها بعض التسرع فإن الكتاب مشبع للقارئ ويرسم بورتريه لامرأة تبحث عن الراحة من أشياء كثيرة وستكتشف في نهاية المطاف أن عليها الذهاب بعيدا.
فيندلا فيدا
روائية أمريكية ولدت في سبتمبر 1971 وهي صحفية ومحررة أيضا، تخرجت في جامعة سان فرانسيسكو ولها ثلاثة كتب شهيرة Girls on the Verge وNow You Can Go» Let the Northern Lights Erase Your Name، كما شاركت في تأسيس وتحرير المجلة الشهيرة The Believer