في كتابه الصادر حديثا عن دار الدار، يلمس خالد منتصر ملامح ازدواجية المجتمع العربي في التعامل مع الجنس، "تواصل لا تناسل.. فصول في الثقافة الجنسية" يبحث عن الجنس كمفهوم أشمل من الثقافة الجنسية، وليس سلوكا سيئ السمعة وخروجا عن المألوف. حيث يراه منتصر سلوكا إنسانيا وأداة تواصل اجتماعي ولغة حوار ومساحة تعبير ومخزون حب ونشاطًا بيولوجيا وفسيولوجيا في المقام الأول. لكننا نتحدث عنه وفيه وبه ليل نهار بمنطق خفافيش الظلام وفي العلن "نقلوظ العمامة" بحسب تعبيره. هذا في نظر خالد منتصر سبب إحجام كبار الكتاب والمفكرين عن دراسة الجنس، مستشهدا بالكاتب الصحفي الراحل صلاح حافظ الذي شطب دراسته المهمة عن تاريخ الجنس من ذاكرته، وكأنه يغسل يديه من مهمة مريبة. وهذا العزوف عن الكتابة علميا في الجنس هو ما أتاح من وجهة نظر منتصر الفرصة للمرتزقة من كتاب الإثارة والكتب الصفراء ومحترفي البورنو الذين يناقشون الجنس بمنطق البيزنس لا بمنطق العلم. بحيث أصبح هناك بحسب تعبير المؤلف سوق لقطع غيار العجز الجنسي. أما أكثر فصول الكتاب إثارة وصدمة هو المخصص لعلاقة الجنس بالدين، ويعتبره المؤلف اقتحاما لحقل من الألغام، وفي ذلك يتحدث منتصر عن مفارقة تداول كتب الحديث والفقه التي تتناول الجنس طالما لم يتجاوز ذلك رفوف مشايخ الأزهر وليست تحت وسائد المراهقين، وفي المقابل نصادر ونمنع كتب التراث والروايات بدعوي احتوائها علي ألفاظ تخدش الحياء. ويري منتصر أن تلك الإجراءات ما هي إلا طريقة من طرق الورع الشكلي الزائف، في نفس الفصل يورد منتصر بعد ذلك نصوص بعض الأحاديث التي تناولت الجنس والأعضاء التناسلية بالذكر الصريح، ويتساءل بصورة أكثر جرأة: "هل الكلام عن الجنس حلال للشيوخ حرام علي الدكاترة؟" مستشهدا بفتاوي الشيخ القرضاوي للاستمتاع الجنسي. يقول المؤلف: "أصبح الشيوخ في الجرائد والمجلات والفضائيات هم الوكلاء الوحيدون لقطع غيار الكلام في الجنس"، وبالطبع هو يري في فتاواهم الجزء البورنو الفاقع، لكنها ارتدت ثوب الدين.. يدعو الكتاب كذلك إلي توسيع مهمة تدريس الجنس أو التربية الجنسية لتشمل كل المدرسين، لا أن تكون تخصص مدرس العلوم فقط. وألا يتم تناول الجنس من منطق الجماع أو أنه غريزة حيوانية، لأن الجنس كما يؤكد المؤلف أرقي الغرائز البشرية وأسمي أنواع التواصل الإنساني، وهذا يتطلب كما ينادي الكتاب بتغيير مفاهيمنا عن الجسد والجنس أولا. يطرح خالد منتصر في الجزء الخاص بالجنس والعلم بعضا من الحقائق والآراء المختلفة والتي تبدو صادمة منها أن بعض الأطباء يصنعون الضعف الجنسي، والتحويل الجنسي ليس شذوذا، والنساء لهن فياجرا مختلفة، وهل يقبل الرجل المصري تناول حبوب منع الحمل؟ عن المرأة والجنس بين التوراة والإنجيل يطرق المؤلف بابا محظورا آخر، حيث يعيد الحديث الجدلي عن "نشيد الإنشاد" ويستعرض القصص الجنسية في العهدين القديم والجديد وفي التوراة. يقول خالد منتصر: "المدهش أن الكتب السماوية تناولت الجنس المسكوت عنه في معظم الكتب الأرضية وبشكل ربما أكثر جرأة". . عن المحتسبين الجدد وحكاية الختان، يقول منتصر: "يبدو أن المحتسبين الجدد قد انفتحت شهيتهم علي أن يحلو بالعلم بعد امتلاء كروشهم من غداء الفكر والفلسفة وعشاء الفن والسينما". لافتا إلي إصرار هؤلاء تحويل القضية من ساحة البحث العلمي الطبي إلي ساحة القضاء.