تأتي دقات الساعة لتعلن عن قدوم الأفضل كما نأمل ويأمل الآخرون، ذلك الإيمان المفرط والقوي هو الدافع الوحيد للاستمرار علي قيد الحياة، الأمل في أن القادم دوما أفضل دون إمكانية وجود احتمالات أخري.. تخبرك الحكمة أن «لا حجر ألقيته ولا كلمة قلتها تستطيع استرجاعها»، إذن لأصدقك القول فالنظر للوراء مضيعة للوقت، وإن كان سيحدث رغما عنك، لأن أخطاءك لا تتكرر، والمواقف لا تتشابه، أنت فقط من يختزن خبرات الماضي بداخلك لتصعد في مواجهة ما يستجد، فأنت لا تتعلم كيف لا تخطئ في ذات الأمر مرة أخري ولكن تتعلم تحاشي فعل الخطأ والتكيف مع سقطاتك لتقف بعد كل عثرة أقوي مما مضي.... تحرر من كل خوفك وعبوديتك للأشياء، من الحذر والوقوف في نفس النقطة، من البدايات الجديدة، حتي الخطأ لا تخشاه، من يخشي الزلل يحيا ميتا، لا تجعل خوفك يمتص رحيق الحياة من داخلك، مدد أطرافك واحتضنها بقوة، وارقص بكل ما فيك، انفض الغبار عن قلبك وعقلك، لتستقبل هذا العام وتجد هذا الأفضل المنتظر دوما، مادمت حرا ستقدسك الحياة وتهبك ما تستحق. إلي هنا فقد استطعت أن أجعلك تري أنوار اللعب والزينة المبهرة لشجرة الكريسماس اللي زمانها دلوقت (بعد 6 أيام) خلاص دبلت. أما لو أخبرتك بكم الإحباطات الماضية والقادمة وما توجب عليك فعله ولم تفعله، وكرهك لبعض الأشخاص المفروض عليك الحياة معهم سنة أخري وقصة حبك الفاشلة وذكرياتك التي تطاردك بلزاجة تامة والأوغاد المتصدرون بطولة الحكاية ومحاولاتهم لعرقلتك ونجاحهم في ذلك، وأحلامك المشوشة التي لا تعرف إن كنت ستحققها أم لا؟، سأكون استطعت أيضا أن أجعلك لاتري من شجرة الكريسماس سوي لونها المختفي تحت الزينة، اللون الأخضر الغامق، الغامق جداً. أما عن الحقيقة، فالسنة القادمة لا هي هذا ولا ذاك، ولا الماضية كانت أيضا، لكنها سنة كأي سنة فيها الكثير من زينة شجرة الكريسماس الملونة والمضيئة وأيام بلونها المتخفي الغامق، والنصائح بأن تسير علي الحبل بدقة شديدة لتضمن حياة سعيدة، نصيحة جوفاء ككتب التنمية البشرية لذيذة في القراءة والاستماع لكن غير واقعية أو قابلة للتنفيذ لأن الحبل هبوطاً وصعوداً سيتوجب عليك اتباعه فتقبله كما هو، لا يوجد أشخاص في هذا العالم دائمي الخضرة وإن وجدتهم لا تنخدع في مظهرهم ولا تجعلهم يقنعوك بأنك لا تحيا كما يجب ولا تحقد عليهم فكلنا نذبل أياما ونحيا أياما أخري. لكن لكي تصدقني فقد وجدت أن شجرتي العام الماضي لم تكن كما أود، وزينتها تساقطت ببطء وتراكمت عليها أحداث وأحداث، ومرت أيام كانت جميلة ومبهرة كشكل الشجرة في يومها الأول من العام، وأيام أتمني لو لم أكن رأيتها علي الإطلاق، فأيقنت أنه لا مجال للندم ولا عيب في البكاء ولا ضرار من بعض الألم، لكن لم أتوقف عن محاولة فاشلة كانت أو ناجحة، ومازلت، المحاولة هي الشيء الوحيد الذي يقيك من فخ اليأس والاستماع لعبارات المعزيين أو حتي المنتقدين علي الدوام، أو تمني انتهاء العالم بشكل سريع وفوري عند تأزم الأمور وانتظار معجزة في زمن لا تأتي به معجزات ولا يزورنا فيه أنبياء ولا أولياء صالحين. وأعلم الآن يقينا أن نجاح المحاولة لن يكفيه التكرار مرة واثنتين أو أكثر وأن أحلامي كلها لن تتحقق ولكن سأري منها شيئا ربما يغنيني عن باقي الأحلام أو ربما تغيرت كلها لاحقا فصرت أهنأ بأقل القليل منها، لذا تقبل أيامك القادمة بكل ألوانها من المبهر إلي الغامق... الغامق جدا فقط لا تتوقف عن المحاولة والتأمل.