انتهي عصر الحكومة المصرية الفاشلة التي صعدت فوق أنفاس الشعب بالتزوير واغتصبت السلطة من المؤهلين الحقيقيين للحكم والصادقين وأصبح الناس في انتظار المارد الذي سوف يخرج من رصيف الشارع المصري وهو الذي سيأمر وعلي الجميع احترام أوامره... الدنيا تغيرت يا ناس وبدأ عصر «الطرمخة» في الزوال .. والطرمخة هي وضع القش فوق الطين أو الروث فتتم «طرمخته» بالإخفاء، وذلك لأن الذين يطرمخون علي الحقائق، يضطرون إلي ذلك لحماية بقاء أنفسهم وأنصارهم وأعوانهم ولن يصمدوا علي ذلك طويلاً.. ومن هنا فإنه يحق لنا أن نسجل للتاريخ أن الشارع المصري في قضية « خالد سعيد» نجح في أن يزلزل الشمولية والفساد ودولة التعذيب ولو بدرجة «ريختر واحدة فقط لا غير» وهذه هي البداية التي نعرفها،ولأول مرة يضطر النظام بمؤسساته وأفراده إلي تقديم الشاويش «عوكل» إلي المحاكمة حتي يخرج النظام من المأزق الذي يعيش فيه، صحيح أن ذلك قد تم في واقعة قتل واحدة بالتعذيب بينما تغوص البلاد في أوحال الاتفاقات التحتية وسرقة الأراضي والممتلكات وشيلني وأشيلك، ولم يتم التحقيق في شيء منها من أول عمر أفندي وانتهاء «بمدينتي» ولكنها البداية يا سادة فقد عشنا في أيام ونحن نشاهد تكريم ضباط التعذيب بدلاً من محاكمتهم، وتنظيم الرحلات الدينية لهم وإلي الكعبة بالذات كمكافأة لهم علي قتلهم الأبرياء بل تعيين بعضهم محافظين والبعض الآخر في مجالس إدارات البنوك وفي مؤسسات حساسة وشاهدنا جثة علاء محيي الدين وهي مسجاة في شارع الهرم بعد أن تم قتله عمداً .. وشاهدنا جثة عبد الحارث مدني، المحامي الذي لم يتحمل التعذيب الذي استمر لتسع ساعات متواصلة ... وشاهدنا محمد عبد القادر منذ عام في قسم الحدائق وهو مسلوخ الجلد ممزق الأوصال بعد أن لقي الله وهو لا يعلم لماذا تم القبض عليه ..وشاهدنا كمال السنانيري وهو يقتل فلما لم يجد الظالمون من يحقق معهم في هذه الجريمة كرروها مع « سليمان خاطر» ومع غيره وغيره ...إلا أن الزمن قد تغير الآن فقد أجبر الشعب جميع السلطات علي تقديم «الشاويش عوكل» للمحكمة الجنائية، مع أن الشاويش « عوكل» كان يضرب بأمر من الملازم « ضبش» وهذا الأخير كان يتلقي التعليمات من السياف« مسرور» .. لكن النظام المنهار يضطر أخيراً إلي تقديم كبش الفداء، وبدأ الظالمون في إعداد حقائبهم فمئات القتلي وآلاف المظلومين سوف يقومون بدفع العربة إلي الأمام ...فالسنن الكونية يا سادة تؤكد أنه من المستحيل أن تستمر دولة ظالمة علي أرض الوجود، وأصدق أنواع السقوط هو الذي يكون بيد الشعب وهو ما يحدث الآن، فالعمال الذين سرق اللصوص جهدهم ومصانعهم يصرخون من شدة الظلم، والمرضي الذين أوقفت الحكومة علاجهم المجاني يصرخون ويحتجون علي الظلم ، والأفواه التي لم تعد تجد طعاماً تتظاهر ضد الظلم، وهذه هي البداية، أن يتحرك الشعب ليسترد إرادته المسروقة في صناديق انتخابات الشوري وانتخابات مجلس الشعب لأن هذا أيضاً هو أكبر ظلم، وأن يجتمع علي مقاطعة التمثيليات الساذجة التي تبرر الظلم. لقد نجح الآلاف الذين خرجوا في الإسكندرية في مسيرة شعبية بنسبة مائة في المائة في تحريك الماء الراكد، ولم يمول هذه المسيرة الغرب أو أمريكا لأن الغرب لا يمكنه شراء الشعب، وإنما هو يشتري الأفراد وبتسعيرة دولية متفق عليها ..أنا أكيد بحلم يا ناس .. الشعب يعترض في مسيرة من عشرة آلاف بطل ثم يضطر النظام إلي أن يقدم الشاويش «عوكل» إلي المحاكمة بعد أن كان قد أعد له تقريراً طبياً شرعياً من النوع الأفيوني المعتبر. ليخدم به القضية فلا ينفع التقرير أصحابه ولا يحمي أنصاره ولا يبقي إلا أن أناشد المحامين الذي سيتطوعون للدفاع عن حق الشهيد « خالد سعيد» أن يكون دفاعهم أمام المحكمة وليس أمام الكاميرات حتي يرتفعوا إلي مستوي تجرد الآلاف الذين خرجوا في مظاهرة الإسكندرية.. وأن يطالبوا بإدخال باقي المتهمين وهم: سيادة مَنْ أَمَر، وكذلك حضرة مَنْ سَمَح، وفي النهاية يجب إدخال معالي مَنْ أَدَار العرائس من خلف الستار .. وإن لم نفعل ذلك فسنكون مثل دولة «ظلمستان» التي حاكمت الأظافر، فيروي أن حاكم مدينة ظلمستان في العصور الوسطي كان يحتفظ بالذئاب حتي يجبر بها المعارضين له علي الاعتراف فما أن ينهش الذئب جسد الضحية بأظافره حتي تنهار الضحية وتعترف إلا أن أحد الذئاب ظل ينهش بأظافره في جسد الضحية حتي ماتت الضحية وأراد السلطان أن يظهر العدالة للشعب الغاضب فسأل الأطباء عن سبب الوفاة فأفادوا أنها بسبب أظافر الذئب وأن جميع الآثار التي علي جسد الضحية هي من أظافر الذئب، فارتدي السلطان شعره المستعار وجلس في مقعد قاضي القضاة ثم قال: «حكمت المحكمة علي أظافر الذئب بالإعدام لأنها قتلت هذا المواطن البريء» ثم أخرج المقص من جيبه وأخذ يقلم أظافر الذئب في حنان بالغ! وعجبي