ثلاثة مشروعات فنية أثبت خلالها المؤلف والمخرج محمد أمين أن لديه مشروعا فنيا مختلفا عن الاتجاهات الفنية السائدة، وبعيدا كل البعد عن تلك القوالب الجاهزة التي لا يمل صنّاع السينما تقديمها في كل وقت. بدايته كانت من خلال فيلم يمثل حالة فنية خاصة جدا وهو «فيلم ثقافي»، وهو ما أكده أمين في فيلمه الثاني «ليلة سقوط بغداد»، ثم في ثالث تجاربه الفنية كمؤلف ومخرج «بنتين من مصر» الذي يؤكد من خلاله أنه قد يغيب عن السينما خمس سنوات كاملة، لكنه لا يفقد الأمل أبدا في تقديم حلماً سينمائي مع كل ظهور فني جديد. لماذا فترة الغياب الطويلة بعد آخر أفلامك «ليلة سقوط بغداد»؟ - كان لدي مشروع فني أجهز له بمدة سبعة أشهر، لكني تراجعت عنه وبدأت في التجهيز ل «بنتين من مصر»، عندما شعرت بأهمية هذه القضية بعد أن لمستها في عدة نماذج قريبة.. منها جارة أو زميلة وغيرها من النساء الجميلات اللاتي يمتلكن كل المؤهلات التي تمكنهن من الزواج في سن مبكرة، إلا أن هذا لا يحدث وتظل الفتاة بلا زواج حتي تصل لسن يطلق عليها من حولها فيه لقب «عانس»، فتصبح عاجزة عن الإبداع الذي يتطلب بدوره معنويات مرتفعة. هل تعتبر فيلم «بنتين من مصر» فيلما يهتم بقضية نسائية في المقام الأول وهي قضية «العنوسة»؟ - بالعكس الفيلم مهتم بقضية جيل كامل وليس بقضية العنوسة فقط.. أنا أدعي أنني أمتلك مشروعا فكريا وتنمويا يقوم علي العلاقات الإنسانية، وهو ما حاولت أن أقدمه في الفيلم من خلال طرح فكرة الحق والخير والجمال. تتحدث عن الحق والخير والجمال رغم أن الفيلم لم يركز سوي علي النماذج السلبية فقط وهو ما أكسب الفيلم مذاق المرارة؟ - طب ما إحنا عايشين في مرارة.. إحنا بقالنا أكثر من 20 سنة مفيش أي حاجة من اللي كان نفسنا فيها حصلت.. أي بني آدم طبيعي عايش في هذا البلد من عشرين سنة لازم يحس بطعم المرارة، لكن مش لازم نفقد الأمل لأن طول ما إحنا لسة بنعمل أفلام.. ده في حد ذاته أمل. بدت بطلات الفيلم وكأن لا هم لهن سوي انتظار العريس، وكأن أيا منهن ليست لديها أي اهتمامات حياتية أخري.. ألا تري أن هذا عيب في السيناريو؟ - بالعكس لقد كان لكل منهما اهتمامات حياتية ربما لم يلحظها الجمهور بسبب تركيز الفيلم علي قضية معينة وهذا طبيعي. وهل من الطبيعي أن تعرض زينة صورتها في مكتب للزواج وتنتظر العريس فترات طويلة فلا يأتي، قد يكون هذا مقبولا في الحياة، لكن في مكتب الزواج يعتمد الرجل علي الجمال الخارجي، وهو ما توافر في البطلة بالإضافة لتنازلها عن كل الشروط؟ - منطقي جدا، لأن الرجالة في مصر مابيتجوزوش من مكاتب الزواج يمكن بيدخلوا يتفرجوا علي الصور ويجربوا، لكن ما بيكملوش للآخر، إلا لو واحد عنده ظروف خاصة جدا، وعايش بعيد عن البلد وفرصته في الزواج ضعيفة. لماذا تحرص دائما علي أن تغلف أفلامك بإطار سياسي؟ - لست حريصا علي إقحام الفكر السياسي في أفلامي، فهذا التصور غير حقيقي، صحيح أن سيناريو فيلم «بنتين من مصر» أثناء الكتابة كان يبدو أنه سيكون فيلما سياسيا لكن أنا مكنتش مهتم بده أثناء التصوير لكن الحكايات كلها كانت تحمل تماسا مع قضايا سياسية بطبيعة الحال. ألا تري أنك قمت بطرح القضايا السياسية في الفيلم بطريقة مباشرة؟ - أحيانا تكون المباشرة مطلوبة في الفن لتوصيل رسالة معينة وإن كنت لا أري أنني طرحت القضية بشكل مباشر إلي هذه الدرجة. لماذا لا تعبر عن آرائك السياسية بشكل واضح مادام أنك معني بالقضايا السياسية بهذا الشكل الذي يظهر بوضوح في أفلامك؟ - لأنني لست مؤمنا بالتصنيفات الطائفية ولا بالاتجاهات السياسية، أنا مع فكرة أن البني آدم لازم يعيش حياة أفضل بغض النظر عن المسميات، وعلي فكرة أنا معنديش بطاقة انتخابية لأني لا أصدق أن صوتي هيروح للي هانتخبه، لكن إذا أشرف القضاة علي الانتخابات أتصور أنني سأقوم باستخراج بطاقة انتخابية. قمت بكتابة فيلمي «جاءنا البيان التالي» و«أفريكانو» فبدا اختلاف واضح بين الأفلام التي يخرجها مخرجون غيرك وتلك التي تكتبها لتخرجها، فأفلامك تحمل أفكارا مختلفة عن الموجودة في السوق السينمائية؟ - في كل مرة كنت أكتب فيها فيلما ليخرجه مخرج غيري، كنت مجرد عنصر يتم الاستعانة به لإكمال مشروع فني جاهز، لكني عندما أقرر أن أكتب فيلما وأخرجه، فأنا هنا أتبني مشروعا فنيا من أوله لآخره، وهو ما يجعله يبدو مختلفا بحسب قناعاتي الشخصية ووجهة نظري الفنية الخاصة جدا.