تظل سيناء المنطقة الحدودية الشرقية مشتعلة بين الحين والآخر، وما يزيدها اشتعالاً هو التعامل الأمني المبالغ فيه وإن كان قد أصبح ليس بجديد في سيناء وهو ما يجعل البدو يحملون كراهية وحقداً تجاه الشرطة يفوق الوصف خاصة بعد تفجيرات سيناء والانتهاكات التي تعرض لها الناس بسيناء والاعتقالات الواسعة التي شملت الآلاف من أبنائها والتي شملت أيضاً نساء البدو والتي صدرت بها تقارير منظمات حقوقية التي اعتبرت أن التعامل الأمني مع بدو سيناء بعد التفجيرات انتهاكات مبالغ فيها لم ينسها البدو إلي الآن. إن بدو سيناء يحملون ثقافة مختلفة وعادات وتقاليد لم يحترمها الأمن وضرب بها عرض الحائط، وهذا ما يجعل البدوي دائما ما يصطدم مع الأمن؛ لأن البدوي عنده استعداد أن يخسر حياته في سبيل الحفاظ علي كرامته وعدم المساس بحرمة بيته والتي يجعل البدوي يثور غضباً حينما تأخذ النساء كرهائن لكي يتم تسليم المطلوب نفسه فيقومون بأخذ الأم أو الزوجة أو الأخت، ولكن الأمن لا يفهم هذه النقطة أن نساء بيته هي خطوط حمراء لا يجب أي من كان أن يتخطاها ومازال للأسف يتعامل بنفس النهج وإن كان هناك نهج ثأري وانتقامي لفرض هيبة الشرطة التي تعتقد حسب وجهة نظرهم أنها مكسورة بسيناء بعد أكثر من حادثة صارت بسيناء ويتم معاقبة الجميع إذا حدث عمل فردي من أحد البدو يعاقب الجميع، وبعد فشل الأمن في السيطرة يذهب إلي أسهل الطرق وهو العقاب الجماعي، لا يفرق بين امراة أو طفل أو مسن لا يحترم عادات أو تقاليد. للأسف يجد البدو أن التعامل الأمني لا يختلف كثيرا عن الانتهاكات التي يتعرض لها جيرانهم الفلسطينيون والتي يرونها بأعينهم عبر الحدود من الاحتلال الإسرائيلي، وهذا بدوره ما يجعلهم يتساءلون لماذا يتم التعامل معنا وكأننا لسنا مواطنون أو مواطنون من الدرجة الثانية مهمشون مهملون. ولكي تبرئ الحكومة نفسها من فشلها في التعامل مع مشاكل أبناء سيناء تتجه إلي أسلوب ضعيف وهو أن هناك أيدي خفية وراء ما يحدث في سيناء أو تشويه صورتنا كتجار مخدرات أو جواسيس، لكي لا تقدم الحكومة حلولاً جذرية وشغل الرأي العام المصري عن مطالب البدو الأساسية. من الملاحظ أن مشاكل البدو الأساسية تتركز في التعامل الأمني، ويجعلون مطالبهم أو حقوقهم الأخري هي في المقام الثاني وهذا ما لا يفهمه أصحاب القرار، فالبدوي عنده استعداد للتنازل عن الإهمال الاقتصادي والاجتماعي وعلي جميع المستويات في سبيل الحفاظ علي احترام آدميته واحترامها وعدم التعدي عليها والعيش بشرف وعدم امتهان كرامته. نلاحظ أن مطالبات البدو في كل مرة يحتجون فيها لا تتغير، بمعني أن مثلاً المطلب الأول في كل احتجاجات البدو هو الإفراج عن المعتقلين منذ سنوات وهم يطالبون هذا المطلب ولا يتم تنفيذه، وإن كانت وزارة الداخلية تستخدم أسلوب المسكنات بالإفراج عن أعداد ضئيلة وتظل المشكلة قائمة، بل تزداد الاعتقالات بصورة أوسع والذي يجد بدو سيناء أنها تستخدم ضدهم بطريقة مبالغ فيها. تنحصر مطالب البدو والذي يعتقدون أن كل مواطن مصري ينعم بها ويطالبون مساواتهم مع بقية فصائل الشعب المصري كمواطنين لا تقل حقوقه عن أي مواطن ينتمي للدولة المصرية في: - الإفراج عن المعتقلين وعلي رأسهم مسعد أبوفجر ويحيي أبونصيرة والغريب أن نشطاء سيناء منهم مسعد أبوفجر ويحيي أبونصيرة كانوا يطالبون بنفس المطالب ولكن تم اعتقالهم ومازالا معتقلين بالرغم من أن المطالبات كانت عبر احتجاجات سلمية كباقي قطاعات الشعب المصري في احتجاجاتهم علي مطالب معينة هذا ما جعل البدو في سيناء يتساءلون: لماذا حينما نقوم بالاحتجاج للمطالبة بحقوق أو الاعتراض علي التنكيل أو القمع الذي نتعرض له يثور الأمن ويتهمنا بأننا مدعومون من الخارج أو نريد تدويل قضيتنا؟ لماذا حينما يحدث أي احتجاج في أي محافظة بمصر لا يتم إلقاء نفس التهم التي نحن بريئون منها؟ ونحن مصريون ولا نحتاج إلي صكوك وطنية لتشهد لنا بوطنيتنا فالاحتجاج هو حق لنا. حدد بدو سيناء مطالبهم وهي مطالب ليست تعجيزية لكي لا تنفذ وإن كان نادي بها مسعد أبوفجر والجميع من قبل ولم تنفذ، بل اعتقلوا مسعد الذي كان يوجه ويدعو البدو للمطالبة بحقوقهم في إطار سلمي كحق شرعي في التعبير عما يعانيه البدو من تهميش وقمع أمني فاق الحدود وتوصيل صوتنا إلي جميع الأحرار والشرفاء والرأي العام المصري. ولأن مسعد يعلم أن البدو محملون بالغضب والقهر تراكم عبر سنوات ويجب امتصاص هذا الغضب لكي لا تتحول سيناء لمنطقة صراع وهذا ما كان يخافه دائما وحذر منه أكثر من مرة، ولكن من الواضح التعامل مع سيناء كملف أمني مازال مسيطراً علي أصحاب القرار ولا يوجد عاقل لحل مشاكل بدو سيناء، ويقومون في كل مرة بمحاولة بعلاج مشاكل اهل سيناء بالمسكنات وليست بحلول جذرية. يتغنون صباحاً ومساء أن سيناء منطقة حساسة وأن سيناء أمن قومي، نعم بالفعل وهذا مبرر للاهتمام بسيناء وليس عبر القمع والتهميش والتشويه يعامل أهل سيناء حراس حدودك الشرقية. أتذكر مثالاً بسيطاً وأعتقد أنه مهم، يتلقي مسعد بالسجن معاملة أسوأ مما يتلقاها تجار المخدرات والسارقين ومضايقات وتحرشات لا يتعرض لها المحكوم في قضايا قتل وفي كل مرة تكتب الجرائد عن المعاملة السيئة التي يتعرض لها مسعد، حيث يهددونه بمعاملة أسوأ ويزداد الضغط عليه ويطالب مسعد بمعاملته كمعتقل سياسي أو يصل لدرجة المطالبة بمعاملته بالسواء مع المحكومين الجنائيين في قضايا المخدرات والسرقة. وأنا هنا اقول عاملونا كمواطنين وليس أقل، هل هذا مطلب يحتاج لمعجزة؟ هل المطالبة يا اصحاب القرار يا عقلاء هذا النظام بمطالب ينعم بها كل مواطن بمصر هو شيء من المستحيلات؟ حدد البدو الملفقة لهم قضايا وفاض بهم الكيل بعض المطالب، وهي: -وقف حملات المداهمة الأمنية من قبل وزارة الداخلية ورفع الحصار الأمني عن القري والتجمعات البدوية. - إعادة النظر في الأحكام الغيابية الملفقة الصادرة ضد الكثير من البدو. - الإفراج عن معتقلي سيناء وعلي رأسهم مسعد أبوفجر ويحيي أبونصيرة وإبراهيم العرجاني. -تقديم رجال الشرطة المتهمين بقتل أبناء البدو للمحاكمة. -وضع القري والتجمعات البدوية في خطط التنمية. -تحسين معاملة أبناء سيناء من قبل الشرطة خاصة في الكمائن. - نقل ملف البدو من يد وزارة الداخلية إلي جهات سيادية أخري. - إعادة الاعتبار لمشايخ قبائلنا وإتاحة الفرصة لنا لانتخابهم انتخاباً حراً ومباشراً وليس عبر تعيينهم من قبل الأمن. - وضع خطة للتنمية يشترك في إعدادها أبناء سيناء لتتواءم وثقافة أهل سيناء وتضع في حسابها التركيبة الطبيعية والأيكولوجية للمكان. - جعل الأولوية للوظائف بالمشاريع الجديدة لأبناء سيناء. - سيناء لا تحتاج لوعود زائفة ومسكنات وقتية ولكن تحتاج حلولاً جذرية وعدم التعامل مع سيناء كملف أمني فقط؛ لأنه يزيد الوضع في سيناء إلي مزيد من الاحتقان والغضب والاشتعال. البدوي يشعر بأنه يتم تشويه صورته ليتم السيطرة عليه وبطريقة عمدية منذ عشرات السنوات من خلال الإعلام سواء المرئي أو المكتوب، البدوي لا يريد أن يري ما يكتب عنه في صفحة الحوادث. نريد أن نوصل صوتنا للجميع، نحن نحمل ثقافة، نحن فينا الدكتور والمهندس والمعلمة والدكتورة، نحن «ودنا» نعيش وهو مطلب وحق طبيعي لنا. الحرية لمسعد أبوفجر.. الحرية ليحيي أبونصيرة.. الحرية لأحمد أبوفجر.. الحرية لكل شرفاء سيناء