منعت من دخول إيران بعد رفضى رفع الأذان الشيعى قرأت القرآن فى سن الرابعة.. وحفظته فى العاشرة نجوت من الموت فى أحد المآتم بسبب قهوة مسمَّمة مبارك مغرور ولم يستمع إلى النصائح فى آخر عهده.. ومرسى رأيه مش من دماغه لا أعترف بنعينع قارئًا للقرآن.. ما دام لا يرتدى الجلباب والعمامة قال لى الملك خالد إن «القرآن نزل فى الجزيرة.. وطُبع فى إسطنبول.. وقُرئ فى القاهرة» أحب أن أستمع إلى شيوخنا القدامى مثل عبد الباسط والمنشاوى وهيبة صوته لحن من ألحان السماء، يقف فريدًا غريبًا متميّزًا، إنه الصوت العبقرى فى دولة التلاوة. حفظ القرآن الكريم فى سن العاشرة، وظهرت موهبته المبكّرة فى تلاوة وتجويد القرآن قبل السادسة عشرة، مما جعله ينفرد دون غيره من مشايخ جيله رغم هذه السن الصغيرة بعدد من التلاوات فى السهرات والدعوات لإحياء مآتم كبار الشخصيات. هو الشيخ محمد محمود الطبلاوى، نقيب قُرَّاء القرآن الكريم، الذى التقته «الدستور الأصلي»، ليكشف لها سبب تدهور حال القُرّاء المصريين، بعد أن كانوا قيثارات السماء فى التلاوة والتجويد. يكشف أيضًا دور الكتاتيب فى تعليم وصقل موهبة قراءة القرآن. ■ متى بدأ الشيخ الطبلاوى مسيرة تلاوة القرآن الكريم؟ - بدأت مشوارى فى قراءة القرآن الكريم فى الرابعة من عمرى عندما كان أبى الحاج محمود، رحمة الله عليه، يصطحبنى إلى كتاب القرية التابعة إلى منطقة ميت عقبة بإمبابة لحفظ القرآن الكريم، واستمر التردد على الكتاب حتى حفظت القرآن فى سن العاشرة، الأمر الذى أحدث فرحة كبيرة لدى الأسرة، خصوصًا أن الحاج محمود كان يدعو الله ليل نهار أن يرزقه بولد يحفظ القرآن الكريم، وبفضل الله وعونه استطعت أن أحقّق له تلك الأمنية. وفى سن الخامسة عشرة بدأت أقرأ فى المآتم القريبة من مسكنى وفى المناطق المجاورة، وكذلك فى بعض المناسبات، وكنت أتقاضى فى هذا الوقت من ثلاثة جنيهات إلى خمسة، وكنت أشعر بالسعادة البالغة عندما كنت أحصل على خمسة جنيهات. ■ ما الذكريات التى لم تنساها حتى الآن فى مشوار حياتك؟ تمت دعوتى لقراءة القرآن الكريم فى أحد المآتم بالقاهرة لشخصية مشهورة وقام وقتها عامل المشروبات بتقديم فنجان القهوة لى، ولكنى بعون الله لم ألتفت إلى القهوة وبدأت الحديث مع مَن بجوارى وقام شخص بأخذ القهوة وشربها وعلى الفور حدثت له إغماءة وغثيان وتم نقله إلى المستشفى، ففهمت أن فنجان القهوة كان مسمومًا، لكن الله نجّانى. ■ كيف تزوّج الشيخ الطبلاوى؟ - تزوّجت وأنا فى السادسة عشرة من عمرى وكان زواجًا عاديًّا، وكنت أنتمى إلى إحدى الطرق الصوفية، وهى «الحامدية الشاذلية»، حيث جرى العرف داخل الطريقة على أن يُزف العريس بالأناشيد والابتهالات الدينية، وأنجبت أحد عشر ولدًا، منهم سبعة ذكور وأربع بنات. ■ هل هناك أحد من الأبناء يتمتع بموهبة الأب؟ - تمنّيت من الله، عز وجل، أن يرزقنى بولد من أولادى يكمل مسيرتى فى قراءة القرآن الكريم، وبعون الله وجدت موهبتى فى ابنى الأصغر محمد محمد الطبلاوى، وهو حاصل على بكالوريس تجارة، وحفظ القرآن الكريم، وصوته جميل، وبه الكثير منّى، وشارك فى إحياء مآتم وليالٍ كثيرة، سواء فى الداخل أو الخارج، وإن شاء الله سيكون له مستقبل كبير، كما أن اسمى أضاف إليه الكثير فى مشواره، فالجميع يعلم مدى خُلق الشيخ الطبلاوى، وهو الآن يجلس مكانى فى الجامع الأزهر، وهناك الكثير من الدعوات التى تطلبه لشخصه، ومن حين لآخر أقدّمه بدلاً منّى، خصوصًا أن العمر لم يعد مثل الأول. ■ هل مدارس تحفيظ القرآن مؤهلة لتخريج مشايخ مثل الطبلاوى؟ - فى الحقيقة هناك فرق شاسع بين السماء والأرض، كذلك الحال بين الكتاتيب ومدارس تحفيظ القرآن الآن، فالكتاتيب هى المعمل الذى خرج من تحت يده العلماء والعظماء فى شتى المجالات. أنا أطالب منذ زمن طويل بعودة الكتاتيب، لأنها هى الأصل والملاذ الآمن لتلقِّى العلم والدروس، ومع ذلك فالموهبة هى التى تفرض نفسها، فالقارئ الذى يتمتع بموهبة الصوت الجميل يستطيع أن يضع نفسه ويثبت شخصه فى مجال قراءة القرآن، والذى يعتمد فى الأساس على الموهبة الربانية فى حلاوة الصوت. فإغلاق الكتاتيب أحدث نوعًا من تراجع المواهب فى شتى القطاعات، وأصبح القُرّاء الآن يقلّدون مَن سبقوهم، ولا يملك أحد فيهم أن يقدّم الجديد. بالتأكيد هناك أصوات شابة موهوبة، تحتاج إلى مزيد من اهتمام الدولة بها. ■ مَن مِن القراء تميل إلى السماع إليه؟ - أميل للاستماع إلى القُراء القدامى، أمثال الشيخ منصور الدمنهورى والشيخ هاشم هيبة والشيخ أحمد صالح، رحمة الله عليهم، والشيخ عبد الباسط عبد الصمد، رحمة الله عليه، وكذلك الشيخ الكبير محمد رفعت والشيخ محمد صديق المنشاوى، فهؤلاء مشايخ عظماء تركوا إرثًا مليئًا بالقراءة الجيّدة والموهبة الحسنة. ■ هل ترى أن شهرة بعض القراء السعوديين بدأت تهدّد عرش القراءة فى مصر؟ - القراء المصريون هم الأصل فى تلاوة القرآن فى كل بلدان العالم، وبشهادة الملوك والرؤساء. ففى الثمانينيات قال لى ملك السعودية خالد بن عبد العزيز، إن «القرآن نزل فى الجزيرة العربية وطُبع فى إسطنبول وقُرئ فى القاهرة»، هذه دلالة واضحة على أن القراء المصريين هم الذين علَّموا فن القراءة للجميع، غير أن القراء السعوديين يلعبون على بركة مكةالمكرمة، فمن يذهب لشراء شريط لأحد القراء السعوديين ليس لحلاوة الصوت وإنما لتذكّره شرائطهم بالحرمين المكى والنبوى، فمن يسمع للسُديس يشعر وكأنه فى الحرم، ومع ذلك فهناك أصوات جيّدة منهم، لكنها لا تهدّد عرش وتاريخ القراء المصريين. ■ ما حقيقة امتلاك الشيخ نعينع فيديو لك ترفع فيه الأذان الشيعى؟ - مسألة الحديث عن رفع الأذان الشيعى ليست بالكلام، ومَن يملك مقطع فيديو للطبلاوى وهو يرفع الأذان الشيعى فعليه أن يقدّمه، فعندما أعلنت أن نعينع من ضمن القراء الذين سبق لهم رفع الأذان الشيعى، لماذا لم يقدّم مقطع الفيديو الخاص بى؟! أنا على المستوى الشخصى مُنعت من السفر إلى إيران بسبب رفضى رفع الأذان الشيعى، على خلاف القراء الذين يتناسون دينهم مقابل الدولارات ويقومون برفع الأذان الشيعى فى مساجد الشيعة سواء فى العراق أو إيران. ■ لماذا يتهمك نعينع دائمًا بأنك «غيران» منه؟ - هذه أكذوبة، فالطبلاوى الجميع يعرفه ويقدّر مكانته وتاريخه، وأنا لا أعترف بالدكتور أحمد نعينع قارئًا ما دام أنه لا يرتدى الجلباب والعمامة التى هى الزى الرسمى الذى نفخر به فى تلاوة القرآن الكريم أمام الجميع، سواء الرؤساء أو الملوك أو باقى طوائف الشعب. ■ وما رأيك فى الرئيس المخلوع مبارك؟ - مبارك، لم يكن فاشلاً بالدرجة التى يراها الكثيرون، لكنه كان مديرًا ناجحًا لفترة طويلة من حكمه حتى مطلع الألفية الثانية، وبعدها ظهرت شلّة السوء التى أدارت البلاد بالفساد والظلم والاستبداد، سبق أن التقيت الرئيس مبارك فى محافل عدّة، آخرها كانت حينما وجّهت إلىّ دعوة للتحكيم فى مسابقة حفيده لتحفيظ القرآن، وبعد انتهاء المسابقة نقلت له غضب الشارع من رفع الأسعار والغلاء، لكنه أبدى عدم الاهتمام، وقال لى «كل الأمور تحت السيطرة»، فاستمراره فى الحكم قرابة ثلاثين عامًا أحدث له نوعًا من الغرور. ■ وما تقييمك لفترة تولّى الإخوان حكم البلاد؟ - السنة التى حكم فيها الإخوان البلاد كانت صعبة جدًّا، ولقد جلست مع المعزول محمد مرسى فى إحدى خطب (الجمعة) ونصحته بعدم الاستهانة بوجود الجماعة وإشراكهم فى الحكم، فمرسى على المستوى الشخصى لا يصلح للحكم لأن رأيه ليس من دماغه. ■ وما تقييمك لأداء الرئيس عبد الفتاح السيسى؟ - السيسى أول حاكم يهتم بالغلابة بعد عبد الناصر، فالسيسى يتمتع بثقة الصغير قبل الكبير والفقير قبل الغنى، فهو رجل دولة قادر على إمساك زمام الأمور بشكل يصون البلاد، خصوصًا فى الظروف الراهنة وما يشوبها من عراقيل فى الداخل والخارج، فهو استطاع إعادة الأمن بشكل أفضل، وخلق مشروعات قومية يلتف حولها الشباب، وعندما تتهيَّأ الظروف لمقابلته سوف أنصحه بثلاث كلمات، هى «الشعب ثم الشعب ثم الشعب».