د.أحمد صبحي منصور: أطلب من الرئيس الرحيل عن منصبه حفاظا علي نفسه.. وأتمني من البرادعي ألا يكون بعيدا عن «التراب» د. أحمد صبحى منصور هذه هي الجنة التي ليس فيها ناس.. ولاية فرجينيا القريبة من العاصمة الأمريكيةواشنطن.. الولاية كلها حديقة كبيرة لا مكان فيها إلا للون الأخضر الذي يجعلك تشعر وكأنك أبرة في محيط من الخضرة التي تستولي علي الولاية وتقول لك :لا شيء هنا غيري.. لا ناس ولا بيوت ولا سيارات.. ولا أصوات. كل شئ هنا موجود علي سبيل الاستثناء والأخضر هو الأصل والباقي نقط صغيرة لا تراها العين.. وفي مكان ما من الأخضر يقع بيت صغير في داخله يعيش الدكتور أحمد صبحي منصور المطارد من مصر واللاجئ السياسي للولايات المتحدةالأمريكية والمعروف إعلاميا وسياسيا بأنه رئيس ما يسمي ب «طائفة القرآنيين».. سافرالدكتور أحمد صبحي منصور بعد «الحبسة» الأولي وعاد وقبل «الحبسة» الثانية مباشرة والتي طالت أعضاء الطائفة في عام 2000 خرج من مصر ولم يعد.. دخلت منزل صبحي منصور وهو يحتفل مع أبنائه وزوجته بعيد زواجه الثاني والثلاثين.. وبادرنا الدكتور منصور مقدما زوجته قائلا: «أم محمد هي التي منحتني القوة والصبر والقدرة علي التحمل.. هي البطل الحقيقي في مشوار الظلم وعدم الأمان الفضل بعد الله». كسرت هذا الجو الأسري الحميم بغير إرادة مني وسألته..لماذا لا تعود إلي مصر.. الدنيا اتغيرت وأنت ليس عليك أحكام سجن ؟ - أتمني أن أعود وأعيش فقيراً في آمان ولكني عشت في بيتي في المطرية تحت حراسة 24 ساعة.. قبض علي في 1987 وسجنت لأقل من شهرين وقبض علي وعلي( 61) من القرآنيين ومن يناير 1988 إلي أكتوبر، طفشت من مصر وذهبت إلي ولاية أريزونا واستضافني إمام مسجد اسمه رشاد خليفة واكتشفت انه أراد استغلال وجودي وأفكاري في أن يعلن نفسه نبيا.. واكتشفت أن الدين في أمريكا حرية وبيزنس أما في مصر فهو بيزنس فقط.. طفشت من أريزونا وذهبت إلي سان فرانسيسكو والفترة كلها كانت فترة ضياع.. وبالفعل أنا ليس علي أحكام سجن ولكن هناك قضايا مفتوحة وأنا المتهم رقم (1) في قضية أخي عبد اللطيف وعبد اللطيف منع من مغادرة مصر للمشاركة في ندوة هنا رغم حصوله علي الفيزا.. أتحمل الفقر لكن لا أتحمل عدم الأمان.. وأنت تقولين إن نصر حامد أبو زيد رجع ونصر أبو زيد ينتمي لتيار آخر ومع ذلك أتمني أن أرجع. وماذا تعمل الآن في الولاياتالمتحدة ؟ - منذ عام 2001 عملت في( الوقفية الأمريكية للديمقراطية) ومن 2003 إلي 2004 عملت كأستاذ زائر في جامعة هارفارد وحتي الآن أعمل أستاذا زائرا في المفوضية الأمريكية للحرية الدينية في العالم ورشحت مؤخرا للعمل كأستاذ زائر في المركز العالمي للقرآن الكريم وهو مؤسسة أمريكية غير هادفة للربح.. ولدي موقع قوي يعتبر اكبر واجهة لتجمع القرآنيين في العالم وأنا مؤسس ومشارك وعضو في 5 جمعيات أمريكية..ومنذ عام 2000 إلي الآن.. منذ الموجة الثانية من الاعتقال إلي الآن وأنا طفشان من مصر.. وأريد أن يقولوا لي إن قانون الطوارئ- الذي يقولون عنه لن يطبق إلا علي الإرهاب والمخدرات -لن يطبق علي. هاجمت التصوف واختلفت مع السنة.. كيف تري الرحلة الفكرية من الأزهر إلي السعودية ؟ - الرحلة والمشكلة أنني منذ تم تعييني معيدا وبدأت أعد للماجستير وبدأت أدرس في الإصلاح بحثت في الفارق بين الإسلام والمسلمين وبحثت في التصوف وعلاقته بالإسلام.. ورسالتي للدكتوراة كانت عن أثر التصوف في مصر وأثبت بالوثائق أن الحياة الدينية للمسلمين مليئة بالمسكوت عنهم وفيها منحلين و....و...وقدمت الرسالة في عام 1977 وتم رفضها حتي عام 1980 وقلت للأزهر إما أن تقولوا إنني فخطئ أو تقبلوا الرسالة فقالوا احذف منها.. حذفت حوالي ثلثيها.. حذفت كل ما يتعلق بالحياة الدينية والخلقية للمسلمين وأبقيت علي الحياة السياسية، وبعد ذلك أصدرت( 11) كتابا وهاجمت التصوف واختلفت مع السنة وناقشت الفكر السني في (5) كتب وحاولت السعودية شرائي بالإعارة وكانت المشكلة الكبري من الأزهر إلي السعودية أن أصبح معي ناس لأني انتقلت من الكتب إلي الخطابة في المساجد ضد التصوف وضد كل ما هو خطأ في السنة.. والتف حولي أناس كثيرون وزوجتي كانت تفتح البيت لكل من يأت ويسأل ويستفتي والناس بدأت تقتنع بما أقول.. أقول مثلا إن السنة فيها أحاديث صحيحة وأحاديث غير صحيحة وأقول إن البخاري بشر غير معصوم وأنكرت العصمة المطلقة للنبي الكريم وقلت إن مسألة أنه أشرف الأنبياء مرجعها إلي الله ولا يصح أن يتكلم فيها أحد.. وكل هذا كان خطرا علي وجود الأزهريين ووصلنا إلي مرحلة الصدام وتم تحويلي للتحقيق وأوصوا بعزلي وكل جريمتي أنني أجلي حقائق الإسلام وأفضح الأكاذيب فاخترعوا حاجة تقول :وجب عزله لان عضو هيئة التدريس جاء بما يزدري مكانته وينكر حقائق الإسلام .. وعملت السعودية مؤتمرين أحدهما إسلام أباد والآخر في جدة وأصدروا قرارا بأني مرتد وتحت الضغوط قبض علي أنا و61 آخرين وتم اتهامي بإنكاري السنة وسجنت وقبل الهجمة الثانية والسجن في عام 2000 طفشت .أنا لاجئ سياسي ومضطهد في فكره وعقيدته وبدأت اعمل التأطير الديني للتيار العلماني بمعني أنني أشغل علي حقوق الإنسان من داخل الإسلام.. وأشتغل علي المجتمع المدني من داخل الإسلام والديمقراطية من داخل الإسلام . ارتبط اسمك بفرج فودة وسعد الدين ابراهيم ومركز ابن خلدون والموافقة علي التطبيع مع إسرائيل.. لماذا؟ - أولا: فرج فودة وللأمانة لم نتشارك فكريا في موضوعات التطبيع.. ورأيي انه كان سابقا لعصره واختطف سريعا.. وأنا اقتنعت بالتطبيع لأني ليس لدينا شيئ آخر، وفرج فودة واجه ما يسمي باغتيال الشخصية معنويا قبل اغتياله وأساس اغتيال الشخصية هو الكذب والتكرار.. أما سعد الدين ابراهيم فانا وهو نؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان والدولة المدنية وضد استغلال الدين وأنا مرجعيتي القرآن وهو مرجعيته علم الاجتماع.. والنقلة التي حدثت لي بعد السجن والضياع كانت عندما عملت في مركز ابن خلدون.. عملنا مشروعات مهمة جدا.. الرواق كان أساس تجمع القرآنيين من (1996 إلي 2000) ناقشنا كل المسكوت عنه.. وعملنا مشروع لإصلاح التعليم وتعرضنا لهجوم شديد ومشروع لتعليم المصريين الديمقراطية وأنا تعلمت من الرواق كثيرا وتكشف لي هنا أن العدو الحقيقي لي هو المستبد الذي سجنني وعذبني وأخذ أهلي رهائن وعمل علي أن تكون مصر دولة بعد موزمبيق. ما رأيك في الحديث عما يسمي بالاستقواء بأمريكا وفرض الديمقراطية علي مصر من الخارج؟ - لا يمكن أبدا فرض الديمقرا طية ولابد من تعلم الديمقراطية في ظل ممارستها ورأيي أن أوباما الآن غير راغب علي الإطلاق في مساعدة الحرية والديمقراطية في مصر.. هو الآن يحاول أن يعالج آثار سلفه في العراق وأفغانستان وتأتي إسرائيل في ثاني اهتماماته وظني أنه ليس لديه مانع من التوريث في مصر. شاركت في الاجتماع الذي نظم في فيرجينيا بحضور جورج إسحاق والمستشار الخضيري والدكتور سمير عليش لإعلان تكوين الجمعية الوطنية للتغيير في الولاية هل أنت عضو فيها؟ - أنا مفكر وكاتب وإذا كان من مصلحة توصيل الرأي أن انضم للجمعية سأنضم دكتور أحمد صبحي منصور وأنت تري مصر علي بعد.. كيف تري المستقبل وماذا تطلب من النخبة المصرية وأمريكا والرئيس مبارك والدكتور البرادعي ؟ في خاتمة كتابي (السيد البدوي ) قلت أستشعر من التراث بالصح والخطأ وإلا ستسيل دماء كثيرة.. وأنا طول عمري ضد اللجوء للعنف لأن العنف مشكلة ولا يمكن أن نحل مشكلة بمشكلة ومصر تحتاج للعودة للحلول الوسط وأريد أن تتغير مصر سلميا حتي لو تدخل الشيطان نفسه وأخشي أن تتحول مصر إلي حالة من الأفغنة والصوملة لأن الديكتاتور يحزب الشعب من الداخل لتصل الحالة إلي الصوملة والأفغنة وكل ما أرجوه أن تتغير مصر دون دماء، وأطلب من الرئيس مبارك أن يرحل حفاظا عليه هو.. واطلب من الكابسين علي الشعب المصري أن يرحلوا . أما الدكتور البرادعي فقد أفشل مشروع التوريث وأعطي الأمل في ظهور البديل الثالث بين العسكر والإخوان.. ولكنه كشخصية من الياقات البيضاء عليه الآن أن يتخلي عن وقاره ويتخلي عن هيئته المكتبية ويقف مع الشباب ولا يكون بعيدا عن الضرب وعن التراب.. والسؤال إلي أي مدي سيصمد البرادعي؟ هل سيصمد؟ أم سيكون مرحلة وتنتهي ؟ - وأطلب من النخبة المصرية أن تكون جاهزة لتكوين حكومة انتقالية تضع أساسا للإصلاح.. أما أمريكا فهي لا يمكن أن تجري إصلاحا في الشرق الأوسط إلا بتطبيق معاييرها الداخلية في سياستها الخارجية.. معاييرها في حقوق الإنسان والديمقراطية والعدل ومساندة الشعوب وليس المستبدين.