23 يوماً قضيتها في بلاد العم سام مع زملاء مهنة من فلسطين والعراق بدعوة من المجلس القومي للزوار الدوليين التابع لوزارة الخارجية الأمريكية.. تلك الأيام التي أثارت في نفسي مشاعر متناقضة.. ما بين حب لشعب فوجئت أنه من أطيب شعوب العالم.. وكره للسياسة التي تتبعها بلاده تجاه الشرق الأوسط.. وحزن عظيم علي قيم كانت موجودة في مجتمعنا تلاشت مع الأيام مثل إيثار النفس والجدية والنشاط والإخلاص في العمل ومساعدة الغير والنظافة.. وخلافه.. تلك القيم وجدتها هناك في كل الولايات مع جميع الطبقات.. وخلاصة ما وجدته.. أن ثقافة «الاختلاف» هي السبب الرئيسي لنجاح الولاياتالمتحدةالأمريكية.. في حين أن الاختلاف هو سبب تخلفنا!!.. أشياء عديدة افتقدتها هناك أولها.. الغل والحقد والحسد.. والكذب.. وهي الأشياء الوحيدة التي نجحنا فيها بامتياز!! رحم الله الإمام محمد عبده الذي قال عن أوروبا.. «وجدت هناك إسلاماً بلا مسلمين.. ووجدت هنا مسلمين بلا إسلام».. لك الله يامصر!! توجهنا إلي «الواشنطن بوست» وهي إحدي أعرق الجرائد الأمريكية التي تأسست عام 1877 والتقينا «توم تولز» الرسام الشهير الحاصل علي العديد من الجوائز مثل جائزة «بوليتزر» والجائزة الوطنية لصانعي العناوين الصحفية وجائزة توماس ناست لنادي صحافة وراء البحار.. الطريف أنني رسمت «توم تولز» دون أن يدري وفوجئ أنني أهديه صورة كاريكاتيرية له في نهاية الاجتماع!! عند وصولنا لنادي الصحافة القومي استقبلتنا بترحاب كبير السيدة كارول كنوبس - مديرة المشاريع التعليمية - وتعرفنا علي د. «روبرت روسل» - المدير التنفيذي - لشبكة حقوق رسامي الكاريكاتير الدولية والفنان مات ووركر رسام الكاريكاتير.. الطريف أن د. «روبرت روسل» طلب الانضمام رسمياً لسلطنة بورنجا من خلال تقديم طلب مكتوب للسلطان مارينجوس طويل العمر يطول عمره ويزهزه عصره وينصره علي مين يعاديه.. وحذرته من ضرورة لبس العمة للدخول إلي السلطنة إلا أنه وافق فوراً علي لبسها، وطالب بإصدار جواز سفر بورنجي خاص به.. الطريف أن السلطان مارينجوس وافق علي دخوله السلطنة وتعيينه سفيراً للعم سام في سلطنة بورنجا، كما عينه وزيراً في الحكومة ورئيساً لمجلس إدارة أكثر من عشرين مؤسسة حكومية بورنجية!! من أهم النقاط الإيجابية كانت مشاركتنا نحن الرسامين العرب في المؤتمر الوطني لجمعية رسامي الكاريكاتير الافتتاحي الأمريكيين «AAEC»، وهو المؤتمر الذي حضره رسامون من جميع أنحاء العالم مثل الدانمارك وهولندا، مما أتاح لنا الفرصة لكي نتواصل مع الآخرين وننقل لهم وجهة نظرنا في القضايا الإقليمية والدولية.. فعرض الزميل «محمد سباعنة» رسام الكاريكاتير الفلسطيني مجموعة كبيرة من رسومه التي انتقدت الوضع الداخلي في فلسطين.. وكذلك عرض وجهة نظره في القرارات العربية في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية.. وكذلك فعل الزميل «عايد حسن مهدي» رسام الكاريكاتير العراقي الذي عرض مساوئ الاحتلال الأمريكي للعراق من خلال قالب ساخر، حيث انتقد انقطاع الكهرباء المستمر في بغداد بعد الغزو علي الرغم من وصول درجة الحرارة في بعض الأحيان إلي 53 درجة مئوية.. فعرض رسماً يقول.. «يبدو أن أمريكا أعطتنا الديمقراطية وأخذت منا الكهرباء»!!.. وقام الزملاء علاء كاظم وهشام حسين من العراق أيضاً بعرض فيلم كارتوني خفيف الدم بهدف توعية المواطنين في العراق بأهمية الانتخابات.. أما جريدة الدستور فكان لها شأن آخر.. حيث عرضت مجموعة من الرسوم التي نشرت فيها عن زيارة أوباما للقاهرة، والتي قمت فيها برسم الرئيس المصري، وكان ذلك سبباً رئيسياً لطرح تساؤلات من الرسامين والحضور حول جرأة جريدة الدستور في نشر تلك الرسوم علي الرغم من ضيق هامش الحرية في العالم العربي.. لأن ما قامت به الجريدة يعد مجازفة غير مأمونة العواقب علي حد قولهم لأنه لا توجد رسوم كاريكاتيرية للرؤساء في العالم العربي. وإن وجدت تكون مرسومة بشكل أقرب إلي النفاق منه إلي الفن. من أجمل اللقاءات التي تمت في الرحلة هو اللقاء الذي تم مع جيري روبنسون رسام الكارتون الشهير الذي ابتكر شخصية الجوكر الشهيرة، وهي العدو اللدود لباتمان الذي ظهر لأول مرة مرسوماً عام 1940.. وشارك روبنسون في رسم باتمان أيضاً، وهو حالياً رئيس نقابة نيويورك تايمز للكتاب والرسامين.. ويظهر في الصورة أحد رسومه التي أهداها للعبد لله.