بدأت ب«روبى» ثم توالت «جذور» و«لعبة الموت» و«الإخوة» و«لو» و«سيرة حب» و«تشيللو».. إنها المسلسلات التى تشارك فى بطولتها مجموعة من النجوم العرب، من جنسيات مختلفة، بين السورية واللبنانية والمصرية، اتجه إلى تقديمها المنتجون خلال الفترة الأخيرة لأسباب عدة، منهم مَن وجد فيها وسيلة لمواجهة سيطرة الدراما التركية على الفضائيات طوال العام، بخلاف شهر رمضان، ومنهم من قدَّمها مستخدما الخط الرومانسى الذى تتبعه الدراما التركية، وجلب لها جمهورا كبيرا من العرب، وبالتالى الغرض منها تحقيق أعلى نسبة مشاهدة. «روبى» و«الإخوة» و«سيرة حب».. خلقت موسمًا دراميًّا بعيدًا عن رمضان «التحرير» ناقشت هذه النوعية من الدراما، مع بعض صنّاعها، وحاولت التعرّف على ما إذا كانت هذه المسلسلات نجحت فى منافسة التركية فى أسلوبها الدرامى والإخراجى والتمثيلى، أم أنها مجرد تقليد باهت؟ وهل نجح صنّاعها فى إيجاد سوق مصرية؟ وما الذى يدفعهم إلى تقديمها؟
المنتج صادق الصبّاح، الذى قدَّم مسلسلا من هذه النوعية الأول هو «لو»، الذى تم عرضه خلال شهر رمضان الماضى، وحقق نسبة مشاهدة جيدة بين الأعمال الدرامية، واتبع مؤلفه بلال شحادات تقديم الخلطة الرومانسية ومزجها بالخيانة الزوجية، وذلك من خلال استعراض علاقة بين زوجين اكتشفت الزوجة بعد فترة أنها لا ترغب فى مواصلة حياتها مع زوجها الذى ينشغل عنها بعمله، لا سيما بعدما دخل إلى حياتها رجل آخر عن طريق المصادفة، ما يجعلها متحيّرة بين الحب الجديد وعلاقتها بزوجها، وقام ببطولة المسلسل اللبنانية نادين نجيم واللبنانى يوسف الخال والسورى عابد فهد والمصرية لقاء سويدان والفنان الكبير عبد الرحمن أبو زهرة، ومن إخراج سامر البرقاوى.
واستثمارا لهذا النجاح، قرر الصبّاح تقديم عمل آخر من هذه النوعية بنفس فريق العمل، وهو: نادين نجيم ويوسف الخال والمخرج سامر البرقاوى والسورى تيم حسن فى مسلسل بعنوان «تشيلّو»، قام بتأليفه الكاتب نجيب نصير، وهو مكوَّن من 30 حلقة، من المقرر أن يبدأ فريق العمل تصويره فى نهاية شهر نوفمبر، ليتم عرضه فى رمضان المقبل.
الصبّاح قال: «هذه الأعمال يتم تقديمها من بلاد الشام للعرض فى الخليج والبلاد العربية خلال الموسم الرمضانى، على أنها مصرية فى القنوات المشفرة، ثم يتم عرضها عند انتهاء الشهر الكريم على القنوات المجانية»، وهو ما فعله الصبّاح مع «لو» الذى تم عرضه على شبكة قنوات «OSN»، وقريبا يبدأ العرض الثانى له على إحدى الفضائيات غير المشفّرة.
وأوضح أن النجاح الذى لاقاه مع «لو» شجَّعه على تقديم «تشيلّو» واختيار نفس فريق العمل، ومن خلال قصة مناسبة لميول الجمهور فى الوقت الراهن، لافتا إلى أن هذه المسلسلات هى خارج المنافسة مع الدراما التركية، مشيرا إلى أن الغرض منها هو تشجيع تقديم دراما عربية، مستغلين فى ذلك الطاقات التمثيلية العربية، مفضّلا أن يتم ترك حكم نجاح أو فشل هذه الأعمال للجمهور.
وذكر أن تعلُّق الجمهور باللهجتين اللبنانية والسورية عبر دبلجة الدراما التركية بهما، فازدادت نسبة متابعيها خلال السنوات الماضية، هو أحد عوامل تقبل الجمهور لهذه الأعمال بسهولة، واندماجه مع مضمونها وتفاعله مع أحداثها.
محمد جمال العدل، مخرج مسلسل «سيرة حب»، الذى قامت ببطولته اللبنانية سيرين عبد النور والسورى مكسيم خليل والمصرى خالد سليم، قال: «المسلسل تم عرض الجزء الأول منه خلال شهر رمضان على شاشة قناة (OSN)، وسيتم إعادة عرضه على قناة (CBC)، ابتداءً من شهر أكتوبر»، لافتا إلى أنه يواصل حاليا تصوير الجزء الثانى من العمل.
وأكد عدم وجود علاقة بين المسلسل والدراما التركية ومنافستها فى العرض خارج الموسم الرمضانى، مشيرا إلى أنه يتوجَّب تقديم أعمال مكوَّنة من 30 حلقة أو 60 أو 90 حلقة، ليتم عرضها على مدار العام، لأجل خلق مواسم جديدة بخلاف هذا الشهر، كما هو الحال فى السينما.
العدل نفى أن يكون استخدام الخط الرومانسى فى هذه النوعية راجعا إلى نجاح الدراما التركية، ومن ثمّ تم تقليدها فيها، قائلا: «الدراما المصرية والعربية عموما حافلة بأعمال رومانسية استخدمت هذه التيمة بشكل مختلف فى كل مرة، وأذكر منها مسلسل (الحب وأشياء أخرى)، و(الفرار من الحب)، و(امرأة من زمن الحب)، وبالتالى فالرومانسية ليست استحداثا من الدراما التركية، وإنما هى خط معروف لدى كل المؤلفين، لكن ربما تكون نسبة تناولها خلال الفترة الأخيرة انخفضت، تحديدا منذ دخول السينمائيين إلى التليفزيون، ورغبتهم فى نقل الأكشن معهم إلى الشاشة الصغيرة، لكن صنّاع الدراما بدؤوا فى العودة إليها مرة أخرى، وأنا منهم حين قدَّمت قصة رومانسية خلال العام الماضى فى مسلسل (الداعية)». لكن الناقد نادر عدلى يصرّ على أن هذه الأعمال تقليد للدراما التركية، ولاقت توظيفا وسوقا فى العالم العربى، وقال: «الملاحظ أنه لا يتم عرضها إلا على المحطات المشفَّرة فى الأغلب، ثم تتسلل أجزاؤها الأولى على المحطات المجانية، لأن بعضها من إنتاج القنوات المشفرة، لذا تشغل ساعات فراغ الفضائيات بعد رمضان»، مؤكدا أنه لا يتابعها سوى المشاهد الثرى القادر على دفع اشتراك دورى مقابل شراء باقة قنواتها.
ولفت إلى أن تعاون فنانين من جنسيات متعددة فيها هو جزء من محاولة هذه القنوات إرضاء أكبر عدد ممكن من المتفرجين، فالمشاهد ينحاز إلى العمل الذى يقوم ببطولته فنان من بلده، وأضاف: «أغلبية النجوم المشاركين فى هذه المسلسلات قبلوا البطولة الجماعية، وأجرهم ليس مرتفعا مثل سيرين عبد النور، لكن تظل بصمة هذه الأعمال الدرامية لبنانية، لا مصرية ولا سورية، لأن الإنتاج لبنانى من الأساس، ومن خلال علاقاته، وكذلك علاقة الموزعين بأصحاب القنوات المشفرة يتم عرضها عليها أولا».
وذكر أن اعتماد هذه القنوات على الموضوعات الرومانسية، ومناقشتها للعلاقة المباشرة بين المرأة والرجل بأريحية، يجعلان شكلها لبنانيا أكثر منه مصريا، ومع ذلك فهى محبوبة من المصريين، لا سيما أن الدراما المصرية متحفظة، ومراقبة بشكل فجّ من الأزهر وجمعيات ومجلس المرأة.