في أحد حوارات النجم الأمريكي «بن كنجسلي» الحاصل علي «أوسكار» أفضل ممثل عن فيلم «غاندي» حكي عن أسلوب عمله مع المخرجين قال إنه بعد أن يقرأ السيناريو يبدأ جلسات العمل مع المخرج وإذا التقيا كيميائياً يبدأ التصوير وأضاف أنه مع بعض المخرجين لا تحدث هذه المعادلة فتتوقف المشروعات المشتركة بينهما!! وفي حياتنا الفنية الكثير من حالة اللاكيميائية بين نجم ومخرج أو ملحن ومطرب.. «سعيد مرزوق » حكي لي أنه من أكثر المخرجين الذين كانت تستوقفهم موهبة «أحمد زكي » في فن الأداء إلا أنهما لم يلتقيا كيميائياً.. «أم كلثوم» والشاعر الكبير «حسين السيد » كتب «حسين السيد » لكل المطربين والمطربات أشهر الأغنيات وارتبط مع الموسيقار «محمد عبد الوهاب» بثنائية إبداعية وهكذا تستطيع وأنت مطمئن أن تقول إن 30% من أغنيات «محمد عبد الوهاب» تأليف «حسين السيد»، ورغم ذلك لم يكتب «حسين السيد» أي أغنية لأم كلثوم حتي عندما بدأت الغناء من تلحين «عبد الوهاب» عام 1964 مع أغنية «أنت عمري » وأعقبتها عشر أغنيات أخري لم يكن من بين الشعراء «حسين السيد» .. كانت «أم كلثوم » هذه المرة هي التي لا تستشعر تلك الكيميائية مع كلماته ورغم ذلك فبعد رحيلها كتب «حسين السيد » قصيدة عن «أم كلثوم » طاولت في صدقها القصيدة التي كتبها شاعر «أم كلثوم » الأقرب «أحمد رامي» .. «أم كلثوم » أيضاً لم تحدث تلك الكيميائية بينها وبين «فريد الأطرش » وهو نفس ما تكرر بين «فريد » و«عبد الحليم » حيث كان «فريد » يسعي لتتويج مشواره بالتلحين لأم كلثوم و«عبد الحليم » وفي أكثر من مرة يحدث التراجع في اللحظات الأخيرة.. كان «فريد » يعتبر أن «عبد الحليم » يكرهه لأن بينهما منافسة في مجال الغناء بينما اعتقد «فريد » أن «أم كلثوم » كانت تكره شقيقته الراحلة «أسمهان » التي هددت عرشها الغنائي في مطلع الأربعينيات حتي رحيلها عام 1944 ولهذا تنتقم منه وتحرمه من لقائها؟! يوجد العديد من الأصوات لم يلحن لها «عبد الوهاب » مثل «محمد قنديل»، «محمد رشدي»، «سعاد محمد»، «نجاح سلام»، «محرم فؤاد» بسبب تلك الكيميائية المفقودة فكان «عبد الوهاب » يري أن صوتي «قنديل » و«سعاد » بهما كمال فني، لكن بلا كيميائية، ولهذا فلقد لحن أغنيات لفؤاد المهندس ولم يلحن لهما.. ورغم ذلك فليست دائماً غياب الكيميائية هو الذي يحول دون اللقاء الفني.. قال لي المخرج «عاطف سالم » الذي قدم أفلاماً لا تنسي في تاريخنا السينمائي مثل «أم العروسة»، «جعلوني مجرماً»، «أين عقلي » وكان معاصراً بالطبع لفاتن حمامة انهما لم يتمكنا من اللقاء رغم أن «عاطف » كان لديه رغبة عارمة وفاتن رحبت فإن أغلب الأفكار كانت تموت قبل أن تري النور!! قد يلعب القدر دوراً ضد اكتمال اللقاءات الفنية إلا أن غياب الكيميائية بالتأكيد يلعب دوراً أكبر!!