أسعدني جداً تفاعل الإخوة القراء مع المقال السابق .. وقد صححوا لي اسم الشهيد الذي قتل الصهاينة ثم تم قتله في سجون مصر وهو الشهيد سليمان خاطر وليس البطل «أيمن حسن» أدام الله عمره، وعلي العموم كلهم أبطال. إلا أن بعض الإخوة القراء طالبوني بالشجاعة والصراحة فلم يعجبهم قولي إن التعذيب «جريمة نظام «وليس «جريمة فرد» وأني يجب أن أقرر أن الذي قتل الشهيد «كمال السنانيري «هو اللواء فؤاد علام -مساعد وزير الداخلية الأسبق لشئون أمن الدولة- لذا فسوف أشرح وجهة نظري .. فلو أن عصابة القناع الأسود اقتحموا منزل الحاج «أحمد الطيب» لسرقته ووزعوا الأدوار فيما بينهم ... بينما جلس زعيم العصابة أمام المنزل يوزع الأدوار ووضع علي كل مدخل للمنزل «ناضورجي».. ثم قام «كتكوت» وهو أصغر عضو في العصابة بسرقة واستلام المصوغات .. فمن من هؤلاء يكون قد ارتكب الجريمة ؟! وما الذي يفيد أيها الأحباب أن نقوم باتهام الولد «كتكوت» وحده وهو مجرد عضو صغير في العصابة لا يساوي شيئاً .. والصحيح عندي أن نستخدم التعبيرات القانونية .. ونقول إنها جريمة «عصابة».. اشتركوا فيها جميعاً. وبإنزال ذلك المثال الإجرامي علي واقعة قتل الشهيد «كمال السنانيري» أو غيره فإن الضابط الذي يقتل هو أحد أفراد النظام السياسي .. وهناك من يسمح له بالدخول إلي السجن وهناك من تقدم له أدوات التعذيب ثم إن هناك من يوافق علي ذلك كله. فالنظام السياسي هو الذي يحمي جريمة التعذيب وينفذها وليس الأفراد المتهمين أو المنفذين وإلا فكان قمة المني هو أن تقدم النيابة «الشاويش عوكل» في قضية الشهيد «خالد سعيد» أو في غيرها .. ثم نهتف يحيا العدل، مع إن العدل في مصر لا هو يحيا ولا هو يموت .. وإنما هو غير موجود بالمرة. وقد تقدمت باستجواب لوزير الداخلية عام 1988 أتهمه بتعذيب المواطنين وهو استجواب لم يتكرر في مصر .. وكان الوزير وقتئذ المرحوم اللواء زكي بدر ولم أذكر فيه أسماء الضباط القتلة والسفاحين الذين كانوا يقومون بالقتل والتعذيب بل اعتبرته هو المسئول عن قتل وتعذيب المصريين .. ذلك أني أعلم أنه من المستحيل أن يقوم وزير الداخلية بتعذيب مواطن بنفسه .. إنما هو الذي يشرف علي هذه العملية السوداء وهو الذي يشجعها ويعتبرها سياسة دولة للكشف عن المعلومات أو لتصفية المعارضة أو لإكراه الناس علي السير بجوار الحائط ولتأكيد وجهة نظري أدعوكم لمراجعة مقال الأستاذ مكرم محمد أحمد في «أهرام »يوم السبت الموافق 19/6 .. وهو يندد بقتل «خالد سعيد» طبعاً .. ولكنه في الوقت ذاته يريد أن ينتهي بالأمر في ذكاء شديد إلي أن التعذيب جريمة يرتكبها أفراد معدودون ثم هو في نهاية المقال يناشد وزير الداخلية أن يوقف هذه الجريمة عند حدها رغم أنها - علي حد قوله - لا تتعدي سبع حالات في السنة .. وطبعاً أنا أثق في ذكاء الأستاذ مكرم محمد أحمد الذي أراد أن ينتهي بنا إلي أن ثوب النظام السياسي الأبيض قد دنسته حالة فردية .. لكني أقول له .. وإنه علي رأي الست دي أمي «ما تبعشي يا أستاذنا الميه .. في حارة السقايين» لأننا نفهم هذا الأسلوب جيداً ونقول لك يا أستاذنا الكبير إن التعذيب سياسة نظام وليس جريمة فرد وأنت تعلم ذلك منذ أن تفضلت بزيارتنا في عام 1981 ونحن في معتقل «أبي زعبل» وشكونا لك مر الشكوي من التعذيب والإهانة .. بل إن الشباب هذه الأيام والذين يثورون من أجل الشهيد «خالد سعيد» سوف يعلمون بعد قراءة تاريخ مصر الحديث أن المئات قد ماتوا من التعذيب ولم يكن هناك صحافة تنتصر لهم ولا «إنترنت» ولا قنوات فضائية . وبهذه المناسبة أذكر أن الرئيس السادات قد أصدر قراراً ذات يوم بوقف التعذيب في السجون والأقسام .. ولم يكن قد مضي علي تخرجي في كلية الحقوق أكثر من خمس سنوات فتقدمنا جميعاً ببلاغ موحد في عام 1979 تقريباً ضد العميد محمد صفوت جمال الدين وكان مأموراً لسجن طره في هذا الوقت واتهمناه بأنه يعذب المعتقلين وبالذات المعتقل عادل فارس «رحمه الله»، وتحركت نيابة المعادي وانتقلت إلي سجن طره وبدأ وكيل النيابة التحقيق في حجرة المأمور، بينما تركوني في حجرة نائب المأمور .. وأجلسوا أمامي «كلبين» من النوع الوولف المخيف .. وكنت كلما تحركت .. نظر إليّ الكلبان ووقفا في تحفز ظاهر مع زمجرة خفيفة .. فطلبت من الضابط الجالس معي السماح لي بدورة المياه .. فسمح لي فخرجت من دورة المياه إلي شارع صلاح سالم وقلت «يا فكيك » ثم نظرت خلفي إلي سجن طره وقلت في نفسي «توبة إن الواحد يصدق كلام الرؤساء تاني».. وعجبي.