جامعة المنصورة تُشارك في مبادرة "كن مستعدًا" لتأهيل الطلاب والخريجين    قبل بدء الفصل التشريعى الثانى لمجلس الشيوخ، تعرف علي مميزات حصانة النواب    محافظ الجيزة يتفقد حالة النظافة وإزالة الإشغالات بأحياء الطالبية والعمرانية والهرم والعجوزة    تحت شعار "إحنا مصر"..وزير السياحة والآثار يطلق حملة ترويجية لتسليط الضوء على أهمية السياحة للمجتمع    زيلينسكي: لا تنازل عن أراض أوكرانية والانضمام للاتحاد الأوروبي جزء من الضمانات الأمنية    مفاجأة، مانشستر يونايتد يفكر في إعادة دي خيا    غوارديولا يتحدث عن صفقاته الجديدة    القبض على التيك توكر" لى لى" بتهمتي نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء وحيازة الحشيش    أحمد سعد: أخويا عمرو هو نجمي المفضل وببقى فرحان وأنا بغني قدامه    قها التخصصي ينجح في إنقاذ طفلة من التشوّه بعملية دقيقة    «الصحة» تغلق 10 عيادات غير مرخصة ملحقة بفنادق في جنوب سيناء    معلق مباراة ريال مدريد وأوساسونا في الدوري الإسباني    خبير أمن وتكنولوجيا المعلومات: الذكاء الاصطناعي ضرورة لمستقبل الاقتصاد المصرى    خالد الجندي: القرآن الكريم تحدث عن أدق تفاصيل الحياة اليومية حتى المشي ونبرة الصوت    تحقيقات واقعة "فتيات الواحات".. الضحية الثانية تروى لحظات الرعب قبل التصادم    7 أسباب تجعلك تشتهي المخللات فجأة.. خطر على صحتك    اعتذار خاص للوالد.. فتوح يطلب الغفران من جماهير الزمالك برسالة مؤثرة    دورة إنقاذ ومعرض تراثي.. أبرز أنشطة الشباب والرياضة في الوادي الجديد    وصلة هزار بين أحمد وعمرو سعد على هامش حفله بالساحل الشمالي (فيديو)    الأمن يقترب أكثر من المواطنين.. تدشين قسم شرطة زهراء أكتوبر 2| صور    المفتي السابق يحسم جدل شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    قرار جديد من التموين بشأن عدادات المياه: حظر التركيب إلا بشروط    يسري الفخراني بعد غرق تيمور تيمور: قُرى بمليارات كيف لا تفكر بوسائل إنقاذ أسرع    مقاومة المضادات الحيوية: خطر جديد يهدد البشرية    محافظ الجيزة يطمئن على الحالة الصحية لشهاب عبد العزيز بطل واقعة فتاة المنيب    مانشستر يونايتد يدرس التحرك لضم آدم وارتون    رد فعل شتوتغارت على أداء فولتماد أمام بايرن    رئيس الأركان الإسرائيلي: نُقرّ اليوم خطة المرحلة التالية من الحرب    أمر ملكي بإعفاء رئيس مؤسسة الصناعات العسكرية ومساعد وزير الدفاع السعودي    رئيس جامعة الوادي الجديد يتابع سير التقديم بكليات الجامعة الأهلية.. صور    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    فيديو.. خالد الجندي: عدم الالتزام بقواعد المرور حرام شرعا    الرئيس السيسي يوجه بمواصلة دعم قدرات شبكات الاتصالات وتوسيع مناطق التغطية    السيسي يوجه بوضع استراتيجيات واضحة وقابلة للتنفيذ لتطبيق الذكاء الاصطناعي    جبران يفتتح ندوة توعوية حول قانون العمل الجديد    صحة الوادى الجديد: انتظام العمل فى المرحلة الثالثة من مبادرة "100 يوم صحة"    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    ربان مصري يدخل موسوعة جينيس بأطول غطسة تحت المياه لمريض بالشلل الرباعي    شئون البيئة بالشرقية: التفتيش على 63 منشآة غذائية وصناعية وتحرير محاضر للمخالفين    إنفانتينو عن واقعة ليفربول وبورنموث: لا مكان للعنصرية في كرة القدم    ارتفاع حصيلة ضحايا الأمطار الموسمية والفيضانات في باكستان إلى 645 قتيلا    صراع من أجل البقاء.. مأساة الفاشر بين الحصار والمجاعة والموت عطشًا    حقيقة انتقال هاكان للدوري السعودي    مصر تحصد ذهبية التتابع المختلط بختام بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    مدير عام الطب البيطري سوهاج يناشد المواطنين سرعة تحصين حيواناتهم ضد العترة الجديدة    في 3 خطوات بس.. للاستمتاع بحلوى تشيز كيك الفراولة على البارد بطريقة بسيطة    موعد آخر موجة حارة في صيف 2025.. الأرصاد تكشف حقيقة بداية الخريف    حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب    تعرف علي شروط الالتحاق بالعمل فى المستشفيات الشرطية خلال 24 شهرا    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" للبحث العلمي    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    مصرع شخص وإصابة 24 آخرين إثر انحراف قطار عن مساره في شرق باكستان    إصلاح الإعلام    ما الذى فقدناه برحيل «صنع الله»؟!    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    خطأ أمريكي هدد سلامة ترامب وبوتين خلال لقائهما.. ماذا حدث؟    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أيمن نوريكتب:القسم الدستوري لمصر في 2010
نشر في الدستور الأصلي يوم 25 - 06 - 2010

«أقسم بالله العظيم أن أحافظ أنا وأولادي.. وأصهاري وأزواج بناتي وشركاتي «وبنطلوناتي» علي النظام الجمهوري.. وأن أحترم الدستور والقانون وأرعي مصالح الشعب»
د.ايمن نور
.. قد يندهش البعض من إعلاني أنني من اليوم فصاعداً لن أطلب تعديل المواد 76، 77، 88 من الدستور أولاً، «علي طريقة، غزة أولاً» بل سأضيف لهذا الثالوث المقدس، مادة رابعة، وهي المادة 79 من الدستور!!
.. فإذا كان تعديل المواد 76، 77، 88 هو السبيل لإنقاذ مصر من الاستبداد
..فسأطلب من الآن تعديل المادة 79 كخطوة أولي لإنقاذ مصر من الفساد!!
.. وأصارحكم بأنني اكتشفت مؤخرا أهمية تعديل المادة 79 علي أثر زيارة هي الأولي بالنسبة لي للقاهرة الجديدة، حيث ضللت طريقي وأنا أبحث عن مبني الجامعة الأمريكية «الجديد» لحضور حفل تخرج نجلي، فقادتني الصدفة أن أري مالم تراه عيني في مصر من قصور وسرايات ضخمة، قادني فضولي للسؤال عن أسماء بعض ملاكها، فكانت المفاجأة تلو الأخري تسقط علي رأسي كالصاعقة..
.. فالاسم الثاني والثالث لملاك هذه القصور هو في الغالب من الأسماء المعروفة للوزراء والمسئولين!!
..بعض الأسماء التي لم يظهر في وسطها وخاتمتها أسماء لمسئولين كبار لم تكن استثناءات من القاعدة بل كانت لأسماء أصهار وأزواج بنات لمسئولين آخرين!!
.. وأنا أرصد بعض هذه الأسماء، تذكرت تقرير التنافسية العالمية والذي أورد اسم مصر في الترتيب 134من 134 دولة!! - أي في الموقع الأخير في العالم - وفقا لمعدل تعيين الأقارب والأصهار والأصدقاء في المناصب المختلفة!!
.. ما فات تقرير الشفافية الدولية أن يذكر أن أهم الوظائف التي يعين فيها الأبناء والأصهار وأزواج البنات هي وظائف علي غرار، رجل أعمال بنوك ومليونير، أو ثري مصري بالدم..
.. فإذا كان القسم الدستوري، كما هو وارد الآن، في نص المادة رقم «79» من الدستور هو:
.. أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً علي النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون وأرعي مصالح الشعب»..
.. فالاقتراح الذي نقدمه لا يطول صلب القسم بل يوسع دائرة الملتزمين به، ليكون كالآتي:
.. أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً أنا وأولادي، وأصهاري، وأزواج بناتي، وأصدقائي، وشركائي - بنطلوناتي - علي النظام الجمهوري وأن أحترم الدستور، والقانون، وأرعي مصالح الشعب»..!!
.. هذا القسم ليس طقساً - شكلياً- بل هو شرط موضوعي نصت عليه الدساتير المتعاقبة، وألزمت به، رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، والوزراء ونوابهم والمحافظين وأعضاء مجلسي الشعب والشوري وبعض المواقع القيادية الرفيعة مثل النائب العام، إلا أن هذا الالتزام ظل مقتصراً، ومحدود التأثير رغم وجوده منذ 85 عاماً!!
.. فقد ظهر هذا القسم الدستوري - لأول مرة - في الوثائق الدستورية المصرية، مع وضع المادتين 50 و51 من دستور 1923، حيث نصت المادة رقم 50 من دستور 1923، علي الآتي «قبل أن يباشر الملك سلطته الدستورية بحلف اليمين الآتية أمام هيئة المجلسين مجتمعين «أحلف بالله العظيم، أن أحترم الدستور، وقوانين الأمة المصرية»، أما المادة رقم 51 من دستور 1923، فقد نصت علي الآتي: «لا يتولي أوصياء العرش عملهم إلا بعد أن يؤدوا لدي المجلسين اليمين الواردة في المادة رقم 50 من الدستور».
.. وقد تناقلت دساتير ما قبل الثورة ذات النصين اللذين وردا بذات الرقمين 50 و51 في دستور 1930، وقد تغير نص القسم الدستوري منذ دستور 1956، الذي أورد في مادته 123 النص التالي: «يؤدي الرئيس أمام مجلس الأمة اليمين الآتية: «ذات القسم الحالي - وهو ما نقل نصاً في المادة رقم 104 من دستور 1964 إلي أن ورد في نص المادة 79 من الدستور الحالي..
.. أهمية القسم الدستوري ليست - فقط - في الحفاظ علي أسس النظام الجمهوري، والبعد به عن النظم الأخري، مثل الملكية التي تعتمد علي فكرة التأبيد - من الأبدية - والتوريث - من الوراثة - بل تنطلق أهمية القسم من التمسك بحقائق جوهر النظام الجمهوري وأبرزها التداول الديمقراطي للسلطة وفق آليات الكفاءة والخبرة والاختيار الديمقراطي من القواعد، دون النظر للاعتبارات العائلية والوراثية وغيرها المتصلة بالانتماء الأسري والعائلي!!
.. أما الاعتبار الأهم، الذي يفترض أن يكفله هذا القسم الدستوري، فهو احترام الدستور والقانون، وهنا نشير إلي أن أهمية تفهم الأسباب التي دعت الدستور المصري الذي أورد هذا القسم في مادته 79 أن يورد في المادة التالية مباشرة «المادة رقم 80» النص التالي: «يحدد القانون مرتب رئيس الجمهورية ولا يجوز له أن يتقاضي أي مرتب أو مكافأة أخري»..
.. ثم يأتي نص المادة التالية 81 من الدستور ليقول: «لا يجوز لرئيس الجمهورية أثناء مدة الرئاسة أن يزاول مهنة حرة أو عملاً تجارياً أو مالياً أو صناعياً أو أن يشتري أو يستأجر شيئاً من أموال الدولة، أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئاً من أمواله، أو أن يقايضها عليه».
..ولم يقف الدستور المصري عند حد رئيس الجمهورية، بل امتد ليطول الوزراء في نص المادة 158 وتقول: «لا يجوز للوزير في أثناء تولي منصبه أن يزاول مهنة حرة أو عملاً تجارياً أو مالياً أو صناعياً أو أن يستأجر شيئاً من أموال الدولة أو يبيعها شيئاً من أمواله أو أن يقايضها عليه».. وتورد المادة رقم 95 من الدستور ذات الأحكام علي أعضاء مجلسي الشعب والشوري بل وتضيف عدم جواز عمله كمورد أو مقاول أو ملتزم في أي عقد تكون الدولة طرفاً فيه!!
.. وهنا نسأل: هل يلتزم أحد بهذا القسم؟!!
..هل يلتزم به جمال مبارك في عمله الخاص عندما اشتري ديون مصر وباعها؟!!
..هل يلتزم بهذا القسم أحمد عز الذي أقسم هذا القسم مرتين الأولي في ديسمبر 2000 والثانية في ديسمبر 2005 بينما هو يورد ويبيع ويشتري ويحتكر السلطة والثروة بيد من حديد!!
..هل يلتزم المغربي وزير الإسكان بهذا القسم وهو يشتري حصصاً من بنوك الدولة؟!!
.. هل يلتزم أحد بهذا الحظر في البيع والشراء من الدولة؟!! من رجال أعمال البرلمان والوزراء؟!!
.. نظرة عابرة، علي أسماء القاطنين، والملاك الحقيقيين، لكل الأراضي الحكومية المتميزة، والصفوف الأولي في منتجعات الساحل الشمالي التي باعتها الدولة وكذلك المدن الجديدة، خاصة القاهرة الجديدة، ستجد أن المشترين والبائعين والوسطاء هم من تلك الفئات الواقعة في دائرة الحظر الرسمي وفقاً للدستور ممن لا يجوز لهم لا شراء ولا بيع ولا إيجار شيء مملوك من الدولة سواء كان من الوزراء والحكام أو النواب أو كبار المسئولين!!
.. كيف يحدث هذا كله في ظل هذه النصوص القائمة؟!
السؤال الصعب - السهل أيضاً - إجابته تنحصر في أن كل ما حظره الدستور والقانون علي كبار المسئولين لا يتم بأسماء هؤلاء الكبار بل هم دائماً وراء ستار الأبناء والزوجات والأصهار والشركاء الذين يطلق عليهم في تلك الأوساط وصف غريب هو البنطلونات!!
ظاهرة «بنطلونات» الكبار!!
.. هذا التعبير الغريب هو أحد مفردات عالم فساد الكبار في مصر، الذي عرف أسماء كودية ورمزية لحالات شائعة، وفاقعة اللون، وفجة الرائحة!! فيقولون في عالم الكبار إنه كما لكل كبير «جيب سري » له أيضا بنطلون علني!! والمقصود أن هناك لبعض الكبار أشخاصاً يلعبون دور الجيب الذي يتسع للعطايا والهدايا - وغيرها - فلكل منهم - والمقصود بعضهم - بنطلون أي شخص يعمل ويظهر في الحياة العملية وحقيقته أنه ظل لهذا المسئول أو «مُحلل» له يتعاقد باسمه - أي البنطلون - والمتعاقد الحقيقي هو المسئول- يوردون ويستوردون ويتاجرون مع الدولة- والحقيقة في كثير من الأحيان أن المسئول الذي يوقع علي بعض هذه العقود طرف أول باسم الدولة، بينما يوقع البنطلون طرفاً ثانياً باسم المسئول دون ظهور اسمه الحقيقي ولكن لحسابه.
.. أعرف عشرات النماذج من هذه البنطلونات الفارغة التي تدير مكاتب وشركات وصفقات لا أحد في مصر لا يعلم حقيقتها كونها كيانات ومصالح للكبار، وإن حملت أسماء لنكرات صغيرة يقتصر دورها علي التوقيع علي العقود والقروض والأوراق الرسمية، وهي في النهاية لا تتقاضي غير راتب شهري مجز نظير هذا الدور.
.. بل إن كثيرا من الحالات لا تحتاج لأدني جهد لاكتشاف حقيقتها بالأوراق والمستندات، ولعل السيناريو الثابت الذي تعارف عليه معظم المسئولين الكبار والصغار ممن.. يمنعهم موقعهم من العمل الخاص أنهم فور توليهم المسئولية حولوا مكاتبهم وشركاتهم لأسماء أصغر موظفيهم أعرف منهم بالاسم «مكاتب محاماة ومكاتب هندسية وشركات تجارية إلخ» والغريب أن تخارج الكبار من هذه الشركات علي الورق بعد تولي المسئولية الحكومية كان فاتحة خير علي هذه المؤسسات التي تضاعف دخلها آلاف المرات رغم انسحابهم رسمياً منها!!
.. مكتب هندسي واحد كان مملوكاً لأحد كبار المسئولين واستمر في عمله باسم أحد أصهار المسئول، ليحقق تعاقدات مع ذات الجهة.. وفي عام حصل علي كل ما حصلت عليه المكاتب النظيرة في ثمانية أعوام«!!» فضلاً عن إشرافه علي مشروعات من وزارات شقيقة مثل الصحة والتعليم والري«!!».
..وزير جديد موديل 2010 دخل الوزارة ومعه شركته، التي باتت بيتا للخبرة العالمية في مجال الوزارة!!
.. والأمر ليس حكراً علي هذا المكتب الظاهرة، فمكاتب المحاماة التي تحولت إلي مكاتب تخليص قانوني مع البنوك والجهات الحكومية هي النموذج الأكثر شيوعاً!! وبعضها يلعب هذا الدور من 1990 وإلي اليوم.
وأذكر يوماً كان يحدثني فيه - مسئول كبير - وأراد أن يكاشفني - أو بالأصح يضللني - مشيراً إلي أنه خاسر جداً من استمراره في موقعه الرفيع، فقال لي نصاً: تصور أن بقائي في هذا الموقع يحرمني من دخلي كمحام - مضيفاً - أن محامياً صغيراً بمكتبه الذي استأجر مكتبه السابق قبل المسئولية يدخل له شهرياً ما لا يقل عن خمسة ملايين جنيه من المكتب!! فسألته: كم كان دخلك من المكتب وقت عملك به؟! قال نحو 50 ألف جنيه شهرياً «!!» قلت له: هكذا يمكن أن يتفوق التلميذ علي أستاذه يا دكتور؟! قال: أبدا ده ولد خايب!!
.. عدت وسألته: بماذا تفسر هذا التباين؟! صمت المسئول لأنه فهم أن معني سؤالي ومغزاه أن هذا الشاب هو بنطلون لسيادته!!
.. ومن ظاهرة البنطلونات للظاهرة الأعم والأخطر وهي ظاهرة أولاد الأكابر الذين احتكروا كل شيء في مصر، من الثروة إلي السلطة، من التجارة إلي الصناعة والإعلام والمواقع الكبري في جميع الجهات الرسمية.
.. أحد التعبيرات القديمة التي عرفتها مصر في الماضي وللآن هي «أولاد الأكابر» مثل القطط السمان، وبعدها «الحيتان» وجميع هذه التعبيرات تبدو موديلات تناسب أحوال الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، بينما آخر موديلات التوصيفات المعبرة عن كبار رموز الفساد هي أكثر عائلية من «الأولاد» وأوسع نطاقاً من القطط والحيتان!!
«أصهار الكبار».. حالة خطيرة في مصر، وليست استثنائية أو فردية بل هي حالة شبه عامة مدعومة بالقصص الموثقة، والروايات الحية، التي تتعلق بممارسات أزواج بنات الكبار وأصهار الكبار، وشبكات المصالح التي لو أمكنك إقامة العلاقات بينها تشعر بأن مصر وطن للأصهار مخطوف لحساب أسماء وعائلات بعضها معلوم من الوهلة الأولي، وبعضها خفي تحت ستار.
.. عندي وعند كثيرين غيري عشرات الوقائع التي تتعلق بممارسات ذوي القربي والنفوذ «الجدد» الذين يستخدمون قوة السلطة في تحقيق ثروات طائلة، وفي مضاعفة ثرواتهم وحماية مصالحهم تحت مظلة علاقات مصاهرة تجعل منهم كائنات «ديناصورية»، فوق الدستور، والقانون، والمحاسبة!!
.. ليس اكتشافاً أن أقول لكم إن عدداً من المؤسسات والجهات، التي لا تعرف سقفاً من الرواتب فيها، احتكرت لفترات طويلة المواقع الرفيعة فيها لأبناء الكبار وأصهار الكبار.. من بين هذه الجهات مثلاً الصندوق الاجتماعي للتنمية في نهاية التسعينيات، والذي جمع أبناء وأصهار معظم المسئولين الكبار رؤساء حكومات مسئولين برلمانيين كبار، فضلاً عن أبناء وأصهار الوزراء، ومعظمهم في مواقع استشارية.
.. من بين المستشارين نتتبع قصة أحد أصهار مسئول برلماني كبير علي سبيل المثال لنري كيف يصعد الأصهار في رحلتهم لاختطاف وطن خطفه قبلهم الآباء والأبناء.
.. صهر المسئول البرلماني والذي تخرج في كلية الهندسة وحصل علي الدكتوراه، لم يكتف بدخل موقعه الجامعي، فالتحق بالعمل بالصندوق في عهد رئيسه السابق «الجمال» علي راتب دولاري ضخم «!!» ورغم أنه لم يشارك في أي عمل حقيقي بالصندوق، فإنه ظل يتقاضي راتبه الشهري بانتظام، حتي تم استبعاده ضمن قائمة مستبعدين كان علي رأسهم زوج ابنة رئيس وزراء «سابق» عقب تزايد الغضب من القيادة السياسية ضده!!
.. زوج ابنة المسئول البرلماني، استغل الفرصة، وأسس شركة تخصصت في إيجار المطاحن الحكومية وشغل موقع رئيس مجلس الإدارة، وحصل بهذه الصفة علي قروض من العديد من البنوك لدعم مشروعه موقعاً بصفته ممثلاً للشركة وضامناً لها!! وعقب تعثر الشركة وصدور تعليمات من البنك المركزي لجميع البنوك بعدم التعامل معها، فجأة تم تعيين زوج ابنة المسئول البرلماني عضواً لمجلس إدارة أحد البنوك «!!» رغم أن الدكتور «المهندس» - في هذا الوقت - كان مفترضاً أنه من المحظور تعاملهم مع البنوك «!!».
. في الوقت نفسه، كان الدكتور المهندس يؤسس شركة للمياه المعدنية تضم أعضاء آخرين في أسرة المسئول البرلماني، وكذلك رجل أعمال محترماً، حصلت الشركة في ذلك الوقت علي قروض من أحد البنوك الكبري وبعدها تخارج زوج ابنة المسئول البرلماني وأفراد الأسرة من الشركة.
..وهو تخارج علي غرار الذي فعله رءوف بطرس غالي والد يوسف بطرس غالي من الشركة المملوكة لمجدي يعقوب نصيف التي أدخلت أرض بالغردقة لبنك القاهرة بعشرات أضعاف قيمتها بعد 4 أشهر من شراء الأرض ثم تخارج والد الوزير!!
.. وأعود لنموذج الدكتور المهندس سالف الذكر
.. فالغريب أن رحلة الدكتور مهندس زوج ابنة المسئول البرلماني الكبير استقر به الأمر مؤخراً في موقع دبلوماسي ملحق ثقافي في إحدي الدول الأوروبية الكبري، وهو موقع سبق أن شغله حماه في بداية رحلته الرسمية!!
.. قائمة ممتلكات صهر المسئول البرلماني في وزارة الإسكان والتعمير فقط تؤهله لشغل موقع ملحق تجاري وعقاري وليس ملحقاً ثقافياً!!
.. طائفة أخري من الوقائع المفجعة منسوبة جميعها لأزواج بنات كبار المسئولين في مصر، منها مثلاً: أن أحدهم تنقل من مركز خطيب ابنة السيد المحافظ!! ليخطب ابنة مسئول آخر يشغل موقعاً وزارياً، ثم انتقل ليصبح زوجاً لابنة رئيس الوزراء!! ثم خرج رئيس الوزراء هذا وجاء غيره!!
.. الغريب أن معظم كبار المسئولين في مصر حضروا حفلات الخطوبة والزواج التي كان الشاب الطموح قاسماً مشتركاً فيها جميعاً مع تغيير العروس الجالسة إلي جواره وتغيير موقع المسئول الذي يصاهره. وكان الجميع يتبادل النظرات والتعليقات المكتومة!!
.. زوج الابنة الأخري للمسئول الكبير ذاته حصل علي 28 مليون جنيه أتعاباً من إحدي الشركات الأجنبية نظير تقديم استشارات فنية!! لأحد المشروعات الكبري التي أثارت جدلاً واسعاً في مصر كلها!!
وفي اتجاه آخر، كشفت قوائم رواتب إحدي الشركات التي غادر صاحبها البلاد أسماء أزواج بنات أحد عشر مسئولاً كبيراً وزارياً وأمنياً رفيعاً جميعهم يتقاضي راتباً موحداً هو عشرة آلاف دولار أمريكي، وجميعهم علي اختلاف تخصصاتهم يشغل موقعاً استشارياً، وبعضهم كشفت الأوراق أنه شريك صوري بنسب تتراوح ما بين 1% و5% في بعض شركات هذه المؤسسة التي تضم مجموعة من الشركات.
.. وممكن أن نشير بوضوح إلي قوائم توزيع الأراضي بالقاهرة الجديدة وفيللات منتجع مارينا، وكذلك أراضي مدينة السادس من أكتوبر والطريق الصحراوي لتعرف أن أزواج بنات كبار المسئولين هم الأبرز دائماً علي قوائم التخصيص، حيث يتم البيع والتنازل غالباً قبل تمام الشراء أو الاستلام وبمجرد سداد الدفعة المقدمة، وتحصيل الفارق في السعر الذي يصل أحياناً إلي 300% من القيمة المسددة للدولة!!
في النهاية:
.. يبقي السؤال: هل من المفيد بالفعل تعديل اليمين الدستورية بإضافة التزام أولاد وأزواج بنات وشركاء المسئول لالتزاماته القانونية والدستورية؟!
الإجابة.. ربما يكون هذا الإحكام في النص يغلق ثغرة، لكنه أيضاً ربما يفتح ثغرات أخري ككل النصوص. وقد يري البعض أن الأمر كله ليس إلا قدراً جديداً من العبث، أخذاً بالمثل الشعبي القائل: قالوا للمسئول احلف «!!!» قال: جالك الفرج «!!»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.